توجه لتأجيل الانتخابات الباكستانية.. وحزبا الشعب والرابطة يرفضان

حزب بوتو يرشح نائب الرئيس مخدوم فهيم للانتخابات

بيلاوال نجل بي نظير بوتو وشقيقته آصيفا يقرآن الفاتحة أمام قبر والدتهما أمس (أ.ف.ب)
TT

سيتخذ مسؤولون انتخابيون باكستانيون اليوم قرارا بشأن ما اذا كانوا سيمضون قدما في اجراء الانتخابات العامة في موعدها في الثامن من يناير (كانون الثاني) وسط توقعات بتأجيل الانتخابات لما يصل الى شهرين في دولة غرقت في فوضى بعد اغتيال زعيمة المعارضة بي نظير بوتو. وأثار اغتيال بوتو في هجوم انتحاري يوم الخميس أعمال عنف واراقة دماء في شتى أنحاء البلاد وعمق مشاعر الغضب ضد الرئيس الباكستاني برويز مشرف ما يلقي بظلاله على الاستقرار في باكستان التي تتمتع بقدرة نووية وانتقالها الى الحكم المدني.

إلا أن حزب الشعب الباكستاني الذي كانت ترأسه بوتو قال امس ان الحزب لا يريد تأجيل الانتخابات العامة المقررة الاسبوع المقبل لان أي تأجيل سيساعد منافسي الحزب السياسيين.

وقالت فرزانا راجا، المتحدثة باسم الحزب، بعد أن اجتمعت اللجنة الانتخابية اليوم لاتخاذ قرار بخصوص تأجيل الانتخابات :«لا نريد أي تأجيل.. هذا هو ما طلبناه». ويقول محللون سياسيون ان حزب بوتو الذي يرأسه الان زوجها ونجلها البالغ من العمر 19 عاما سيفوز بأصوات متعاطفين كثيرين اذا جرت الانتخابات في موعدها أو تأجلت لفترة قصيرة.

كما اعلن زعيم الرابطة الإسلامية نواز شريف ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، ودعا أيضا لاستقالة الرئيس مشرف وتشكيل حكومة وحدة وطنية تشرف على تنظيم الانتخابات. ووصل عدد القتلى في أعمال العنف التي اندلعت منذ اغتيال بوتو الى 47 قتيلا. واندلعت من جديد أعمال العنف المتقطعة اليوم اذ أطلق محتجون النيران في الهواء في مدينة حيدر أباد الجنوبية وألقوا الحجارة على الشرطة والمتاجر، كما لحقت أضرار بنوافذ المتاجر في بلدة ناوابشاه القريبة التي يأتي منها زوج بوتو.

وأغلق ملاك متاجر واجهات متاجرهم في أجزاء بمدينة كراتشي الجنوبية في حين قام مئات المحامين بمسيرة في بلدة ملتان الجنوبية وهم يرددون هتافات معادية ضد مشرف. وقال مسؤول بحزب حاكم سابق ان من المرجح تأجيل الانتخابات في باكستان مدة تصل الى شهرين، لكن حزب بوتو تعهد بالمشاركة في الانتخابات، كما قال حزب معارض آخر يقوده رئيس الوزراء السابق نواز شريف انه قد يشارك على الارجح أيضا.

وصرح مسؤول كبير في الحكومة لوكالة الصحافة الفرنسية رفض ذكر اسمه «أكيد انها ستؤجل باربعة اسابيع على الاقل وربما اكثر» في حين اكد احد زملائه «من غير الوارد قطعا اجراء الانتخابات في موعدها المحدد في الثامن من يناير بسبب اعمال العنف والاضطرابات التي طالت مباشرة استعدادات عملية الاقتراع» مشيرا الى «تدمير اكثر من اربعين مركزا» تابعا للجنة الانتخابية.

لكن حزب رئيسة الوزراء الباكستانية سابقا اعلن فورا انه يرفض اي إرجاء، تاركا البت في القرار النهائي للجنته التنفيذية التي ستعقد اجتماعا.

وقال كانوار ديلشاد سكرتير اللجنة الانتخابية ان اللجنة طلبت تقارير من الحكومات الاقليمية ومفوضي الانتخابات الاقليميين بخصوص الاوضاع، مضيفا أن التقارير ستصل للجنة بحلول بعد ظهر امس، وتابع أن قرارا حول ما اذا كانت الانتخابات البرلمانية ستؤجل سيتخذ اليوم.

وفي لاهور (باكستان) اعلن رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف احد زعماء المعارضة انه يعارض ارجاء الانتخابات التشريعية، كما تلمح له الحكومة وذلك بعد اربعة ايام من اغتيال بي نظير بوتو. وبذلك يناقض شريف احد مسؤولي حزبه كان قد اعلن قبل ساعات انه قد يوافق على «تأجيل طفيف» بعد اعلان مسؤولين في الحكومة ان الانتخابات ستؤجل بشهر على الاقل.

واعلن شريف في مؤتمر صحافي ان «لا أحد في البلاد يرغب في اجراء الانتخابات بعد الثامن من كانون» داعيا مجددا الى استقالة الرئيس برويز مشرف «فورا». وقال ان «ذلك الرجل (مشرف) هو في حد ذاته كارثة، انه مصدر كافة مشاكل البلاد» مضيفا «نطالب باستقالته فورا، ان ذلك سيضع حدا للفوضى والاضطرابات في البلاد». واضاف شريف بعد ذلك «يشكل رئيس جديد حكومة توافق وطني توكل اليها مهمة تنظيم انتخابات حرة ونزيهة».

وتهدف الانتخابات الى تحويل باكستان من الحكم العسكري الى الحكم المدني. وكانت اللجنة الانتخابية قد قالت يوم السبت ان مكاتبها في العديد من المناطق في اقليم السند في جنوب البلاد أحرقت كما دمرت مواد خاصة بالتصويت بما في ذلك القوائم الانتخابية. وأضاف ديلشاد امس مشيرا الى ان «عشرة من مكاتب اللجنة في السند اشعلت النيران في كل السجلات، وكل القوائم الانتخابية أحرقت».

ومن منزل بوتو في نوديرو بجنوب باكستان قال زوجها آصف علي زرداري الذي اختير رئيسا مشاركا لحزب الشعب الباكستاني مع نجله بيلاوال : «رغم هذا الوضع الخطير فسوف نخوض الانتخابات وفقا لوصيتها وتفكيرها». الا أن المسؤول بالحزب الحاكم السابق قال: «يبدو من المرجح بدرجة كبيرة أن الانتخابات ستؤجل».

وكانت بوتو تأمل في الفوز بالانتخابات لتشغل منصب رئيس الوزراء للمرة الثالثة رغم أن محللين توقعوا تقسيما ثلاثيا للسلطة بينها وحزب شريف والحزب الذي يدعم مشرف.

من جهة اخرى عادت الحياة الى المدن الباكستانية الرئيسية امس لأول مرة منذ اغتيال بوتو بعد أن سادتها الفوضى التي أصابت التجارة في البلاد بالشلل. وبدأت مدينة كراتشي أكبر مدن البلاد تعود لنشاطها المعتاد بعد أن كانت بمثابة مدينة أشباح في مطلع الاسبوع بعد أن أصيب مشاغبون بهياج وأشعلوا النيران في متاجر وبنوك وسيارات. وفتحت بنوك ومتاجر أبوابها وعادت السيارات والدراجات النارية للشوارع وفتحت بعض محطات البنزين أبوابها للعمل بعد اغلاق دام ثلاثة أيام. ولكن الاختناقات المرورية المعتادة لم تظهر في المدينة التي يقطنها 14 مليون نسمة اذ أن المدارس ما زالت مغلقة، كما أن العديد من العاملين لم يخرجوا من منازلهم بعد أربعة أيام من اغتيال بوتو.

وقال محسن صديقي، 25 عاما، الذي يعمل في قسم الخزانة بشركة يونيلفر في كراتشي، «الوضع ما زال متوترا للغاية الان. الجميع يشعر بالخوف. الامر الجيد هو أن حزب بوتو دعا للهدوء وسيشارك في الانتخابات. نأمل أن يساعد ذلك على تهدئة الاوضاع... الحياة بدأت تعود تدريجيا لطبيعتها». وقال بيلاوال، نجل بوتو، إن صراع الحزب الطويل من أجل الديمقراطية سيثأر لوالدته مضيفا: «كانت والدتي تقول دائما ان الديمقراطية هي أفضل طريقة للثأر». وقال زرداري إنه لن يتنافس في الانتخابات ولن يكون مرشحا لرئاسة الوزراء، لكنه أشار الى احتمال ترشيح نائب رئيس الحزب مخدوم أمين فهيم. وكانت واشنطن قد شجعت بوتو وهي ليبرالية معتدلة بحسب المعايير الباكستانية ومناوئة للتطرف الاسلامي، وعادت من منفاها الاختياري في أكتوبر (تشرين الاول) ونجت من تفجير انتحاري استهدف موكبها بعد ساعات من وصولها وأسفر عن سقوط نحو 140 قتيلا. وقوض اغتيالها آمال الولايات المتحدة بشأن اتفاق لاقتسام السلطة مع مشرف الذي تولى السلطة في انقلاب عسكري عام 1999 لكنه تنحى عن قيادة الجيش الشهر الماضي ليصبح رئيسا مدنيا.