القاهرة تلغي محادثات مع الاتحاد الأوروبي لانتقاده وضع حقوق الإنسان

«كفاية» ترحب.. وتصعيد مصري ردا على القرار

TT

تصاعدت التداعيات السياسية والاقتصادية بالقاهرة بسبب انتقاد البرلمان الأوروبي الخميس الماضي حالة حقوق الإنسان بمصر، فبينما قررت الدولة المصرية أمس إلغاء مشاورات سياسية كانت مقررة مع المفوضية الأوروبية هذا الأسبوع، دعا رجل أعمال بارز، وهو نائب بالحزب الحاكم، منظمات أعمال لمراجعة التعامل الاقتصادي مع الأوروبيين، كما دعا نواب آخرون لقطع العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وتعديل القانون الخاص بالجمعيات الحقوقية المصرية بحيث يحول دون تلقيها تمويلا من الخارج، قائلين إن السبب في موقف البرلمان الأوروبي من مصر يرجع إلى «تقارير مشبوهة وأشخاص محسوبين على المعارضة». وصعَّدت القاهرة أمس لهجتها الغاضبة من قرار البرلمان الأوروبي حول انتهاك حقوق الإنسان بمصر، وأعلنت وزارة الخارجية المصرية رسميا إلغاء اجتماع اللجنة الفرعية للمشاورات السياسية التي كانت مقررة مع المفوضية الأوروبية يومي 23 و24 الشهر الجاري. وقال حسام زكي المتحدث باسم الخارجية المصرية، إن الجانب المصري أخطر المفوضية الأوروبية بأن انعقاد اللجنة الفرعية للمشاورات السياسية بين الجانبين في المرحلة الحالية «ليس ملائما»، لكنه أعرب في الوقت نفسه عن اهتمام مصر بالحفاظ على علاقات طيبة ووثيقة مع الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي.

كما جددت الحكومة المصرية أمس إدانتها لقرار البرلمان الأوروبي حول انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، قائلة على لسان الدكتور مفيد شهاب، وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية، في بيان أمام مجلس الشورى، إن السنوات الأخيرة بمصر شهدت إجراءات وتعديلات تشريعية استهدفت جمعيها دفع منظومة حقوق الإنسان في البلاد إلى الأمام.

وفي جلسته أمس أدان مجلس الشورى (المجلس الثاني في البرلمان المصري) قرار البرلمان الأوروبي، مؤكداً أن مصر «لم ولن تقبل أية تدخلات في شؤونها الداخلية». وبينما رأى نواب بالشورى أن الحوار مع الجانب الأوروبي أفضل من مقاطعته، طالب آخرون بالتشدد مع الجمعيات الأهلية والحقوقية التي تتلقى تمويلاً من الخارج، واتخاذ إجراءات اقتصادية تجاه الأوروبيين، فيما قال النائب عن الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم)، معوض خطاب، في اقتراح إلى رئيس المجلس إنه يطلب قطع العلاقات المصرية مع البرلمان الأوروبي، ورفض المنح الأوروبية «بسبب التدخل السافر في الشؤون الداخلية لمصر».

واعتبر الدكتور إبراهيم العناني وهو وكيل للجنة الشؤون العربية الخارجية والأمن القومي بـ«الشورى»، وأستاذ في القانون الدولي، قرار البرلمان الأوروبي مؤشرا على ما قال إنه «توغل اللوبي الصهيوني في الاتحاد الأوروبي»، فيما قال صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى إن مصر لا تنسحب (من الحوار مع الجانب الأوروبي) ولا تترك الساحة لغيرها، ولكنها قادرة على المشاركة بقوة، معلناً عزم المجلس تعديل لائحته بحيث تخول للجنة الشؤون التشريعية والدستورية به مناقشة القضايا التي تتعلق بموضوع حقوق الإنسان.

وشن نواب معارضون ومن الحزب الحاكم في المجلس هجوماً على كل من البرلمان الأوروبي وجمعيات حقوقية مصرية مطالبين، على استحياء، بمزيد من الإصلاحات السياسية لمنع «الخارج» من انتقاد مصر. وبينما قال عبد المنعم الأعصر، رئيس حزب الخضر (معارض)، إن مصر دولة كبرى في المنطقة مستهدفة من قبل القوى الدولية لخدمة المصالح الإسرائيلية، أكد الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع (معارض) أنه لاحظ من خلال مشاركات سابقة في أعمال البرلمان الأوروبي أن هناك «لوبي» يحرص على حماية المصالح الإسرائيلية. وانتقد ناجى الشهابي، رئيس حزب الجيل (معارض) ما أسماه «السماح لبعض المتاجرين باسم المجتمع المدني بتقاضي تمويل أجنبي»، معتبرا ان قرار البرلمان الأوروبي استند إلى تقارير بعض هذه المنظمات (الحقوقية) المشبوهة التي تعمل في مصر، واقترح الشهابي على الحكومة أن تتقدم بتعديل تشريعي «يُحرِّم على تلك الجمعيات تلقي أموال أجنبية». كما انتقد عبد الله كمال، وهو نائب بالمجلس ورئيس تحرير بمؤسسة روزاليوسف القومية، ما أسماه بعض المحسوبين على المعارضة المصرية الذين يقومون بتحريض هو الذي يسفر عن مثل هذه القرار (الذي اتخذه البرلمان الأوروبي)، مطالباً وزارة الخارجية المصرية بأن تتابع تحركات من قال إنهم (مصريون معارضون) يلتقون بعدد من مسؤولي السفارات الأجنبية بمصر.

وفي مؤتمر صحافي عقدته أمس أعلنت الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) على لسان منسقها العام، الدكتور عبد الوهاب المسيري، ترحيبها بقرار البرلمان الأوروبي، وما يمكن أن يتخذه من قرارات بفرض عقوبات اقتصادية وإلغاء المعونات والمنح التي تقدمها أوروبا لمصر..«لأن البلد الذي يقبل معونات من دول أخرى هو يوافق ضمنيا على التدخل في شؤونه الداخلية».

وعلى الصعيد الاقتصادي تباينت رؤى رجال أعمال مصريين حول كيفية التعاطي مع الأزمة بين مصر والبرلمان الأوروبي.. إذ طالب رجل الأعمال ورئيس لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشورى، محمد فريد خميس، (وهو نائب عن الحزب الحاكم) منظمات الأعمال المصرية أن «تتحاور مع الأوروبيين باللغة التي يفهمونها وهي لغة الاقتصاد»، على حد قوله، قائلاً في جلسة أمس إنه ورجال أعمال مصريين آخرين قرروا استبعاد 4 شركات أوروبية من مناقصة خاصة بإقامة مشروع للبتروكيماويات قيمته 2.2 مليار جنيه، رافضاً الكشف لـ«الصحافيين» عن أسماء تلك الشركات.