الهيئة العامة للاستثمار: التحدي الأكبر يكمن في التحول من اقتصاد قائم على الموارد الطبيعية إلى اقتصاد معرفي

نجحت في رفع التنافسية من خلال تحسين البيئة الاستثمارية عبر برنامج 10 في 10

TT

أكدت الهيئة العامة للاستثمار السعودية أنها تعمل على الوصول إلى أهداف برنامجها الطموح، والذي يهدف إلى رفع تنافسية بيئة الاستثمار في السعودية، من خلال تحسين البيئة الاستثمارية عبر تحقيق نتائج ايجابية منذ إطلاق المشروع وحتى اليوم. إذ أشارت إلى وجود تعاون كبير من قبل الجهات المختصة لتحقيق الهدف المرجو من برنامج 10 في 10 والذي يعمل على جعل السعودية في مصاف أفضل عشر دول في العالم من حيث البيئة التنافسية للأعمال.

وتشير الهيئة العامة للاستثمار إلى أنها سعت لتعزيز روح المبادرات الاستثمارية في المجتمع، الأمر الذي ساعد على جلب المزيد من التقنية، مما اتاح للسعودية المنافسة على أعلى المستويات العالمية، مفيدة أن التحول من اقتصاد قائم على الموارد الطبيعية إلى اقتصاد قائم على المعرفة يتيح توليد الثروات عن طريق الابتكار والإبداع، يمثل تحدياً كبيراً.

وتؤكد الهيئة أن إحداث تحسينات أساسية في مؤشرات التنافسية، مما سيجلب للسعودية منافع آنية وملموسة، تتمثل في إيجاد وظائف ذات دخول عالية، وزيادات كبيرة في صادراتها من البتروكيماويات والمنتجات النفطية، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 15 في المائة على أقل تقدير يساهم القطاع الخاص بنسبة 70 في المائة منها. وأشارت الهيئة إلى أن وجود إطار تنظيمي ملائم لقطاع الأعمال، سيدعم تنافسية الأسواق، كما أن الإنفاق على التعليم عالي الجودة سيزود منشآت الأعمال السعودية بالمهارات الرفيعة اللازمة، للتعامل بمرونة وكفاءة مع متطلبات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، مشيرة إلى أنه من التطورات الإيجابية التي برزت مؤخراً استخدام جزء من فائض الموازنة العامة في توسيع التجهيزات الأساسية، وتحديثها لترتقي بها إلى مستويات الدول المتقدمة.

وأكدت الهيئة أن السعودية تستطيع أن تحقق إنجازات كبيرة في تحسين الكفاءة والإنتاجية في أداء الأعمال، مما يعني تحقيق قفزات هامة على سلم تصنيف التنافسية الدولي. ويطلق مصطلح التنافسية على التحليل الاقتصادي للسياسات والمؤشرات الاقتصادية التي تشكل قدرة الدولة المعينة على خلق مناخ استثماري دائم تكون فيه مؤسسات الأعمال قادرة على إنتاج قيمة مضافة أكبر، ويساعد على تحقيق رفاه أكبر لمواطنيها. وتعد المنافسة بين منشآت الأعمال على مستوى الاقتصاد الجزئي قوة الدفع الرئيسية لرفع التنافسية، بالإضافة إلى أهمية استقرار الاقتصاد الكلي بصفته أحد المتطلبات الأساسية لتحقيق التنافسية.

وتقسيم الدول إلى ثلاث مجموعات رئيسية من حيث مستوى تطور تنافسيتها، حيث تشمل المجموعة الأولى الدول القائمة على تنافسية في عوامل الإنتاج، والتي تعتمد بدرجة كبيرة على الموارد الطبيعية، وإنتاج المواد الخام، في حين تشمل المجموعة الثانية الدول التنافسية والقائمة على الاستثمار، والمدفوعة بمستويات مرتفعة من الكفاءة، والتوسع في سلسلة القيمة المضافة من خلال زيادة معدلات الاستثمار. والدول ذات الميزة التنافسية، وقائمة على الإبداع والابتكار، التي تتميز بإنتاج سلع وخدمات متميزة ومبتكرة ذات أسعار مرتفعة في السوق العالمي، وفي الغالب تكون الاقتصاديات المدفوعة بالإبداع والابتكار أقل تأثراً بتقلبات التجارة العالمية والأسواق الخارجية. ويقع اقتصاد السعودية بشكل أساسي ضمن الفئة الثانية مع وجود بعض القطاعات في كل من مرحلتي التنافسية القائمة على عوامل الإنتاج، والتنافسية القائمة على الإبداع والابتكار. حيث أصبح العمل على تشجيع الاستثمارات التي تساهم بقدر كبير في تسريع انتقال الاقتصاد السعودي من مرحلة اقتصاد قائم على الكفاءة والاستثمارات إلى مرحلة الاقتصاد القائم على الإبداع والابتكار لرفع الإنتاجية والتنافسية أمرا مهما. وتعتبر الاستثمارات الأجنبية المباشرة بمثابة المساهم الأكبر في تعزيز تنافسية السعودية.

وأطلقت الهيئة العامة للاستثمار في عام 2006 مركز التنافسية، والذي سيدعم برنامج التنافسية للسعودية، وذلك من خلال تقديم مشورة فنية موضوعية قائمة على البيانات الموثوقة حول تحسين بيئة الاستثمار، وتحسين الأداء القطاعي، الأمر الذي سيساهم في رفع مستوى معيشة المواطنين، ويضمن استدامة الازدهار الاقتصادي في السعودية. وسيعمل مركز التنافسية على رصد وتقييم ومساندة تعزيز التنافسية في البلاد، عبر أساليب منوعة تتضمن تقديم المشورة والتوصيات حول إحداث التغيير، من خلال القيام بإجراء تقييمات تنافسية، ومتابعة تنفيذ التوصيات. حيث عمل على إقرار إلغاء الحد الأدنى لرأس مال الشركات ذات المسؤولية المحدودة.

كما سيعمل مركز التنافسية على تسهيل عملية الإصلاحات الاقتصادية وحفزها، من خلال إقامة منتديات للنقاش بين القطاعين العام والخاص. حيث يقوم المركز بدعم إنشاء مجالس استشارية لمجمعات الأعمال التي تجمع بين الجهات ذات العلاقة من القطاعين العام والخاص لتحديد مبادرات تحسين التنافسية في القطاع الخاص وبلورتها، والتعاون بشأنها. بالإضافة إلى قيام المركز بالتعريف لعملية التغيير وتقديم المعلومات حول نتائج جهود السعودية المستمرة لتعزيز تنافسيتها، حيث تعد تقارير التنافسية التي سيصدرها المركز إحدى القنوات التي يتم من خلالها التعريف بتلك الجهود. ويساند المركز الوطني للتنافسية الهيئة العامة للاستثمار في أداء مهمتها المتمثلة في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحسين بيئة الأعمال. ويهدف إلى العمل كجهة تقييم محايدة، من خلال تقديم الأفكار والآراء الموضوعية «القائمة على البيانات الدقيقة» حول الإصلاحات العامة والتحديات القطاعية، بالإضافة إلى تقديم المركز المشورة الفنية والتوصيات حول الإجراءات والتدابير العملية المطلوبة للارتقاء بالسعودية إلى مرتبة متقدمة على صعيد التنافسية العالمية. وتهدف التقارير والإصدارات الدورية التي ينشرها المركز إلى تزويد المسؤولين عن التخطيط الاقتصادي في السعودية، وجميع الجهات الأخرى ذات العلاقة، بتقييم موضوعي لوضع التنافسية، وإعطاء صورة شاملة لأوضاع التنافسية في البلاد. وسيمثل المركز الوطني للتنافسية من خلال تقاريره التي يصدرها مصادر للمعلومات وخطوطا عامة للاسترشاد بها في إنجاز الأعمال المطلوبة لتتبوأ السعودية مكانة متميزة بين الدول في مجال تنافسية بيئة الاستثمار، ومن خلال ما يقدمه من تحليل موضوعي لمختلف جوانب التنافسية، وعبر استكشاف المبادرات ذات العلاقة، وطرح الأسئلة، وبلورة المقترحات التي من شأنها تحسين ترتيب المملكة في تصنيف التنافسية. ويستخدم المركز الوطني للتنافسية ثلاثة مؤشرات دولية لقياس التنافسية، وهي مؤشر التنافسية الشامل الذي طوره المنتدى الاقتصادي العالمي، ومؤشر التنافسية العالمي الذي طوره المعهد العالمي لتطوير الإدارة، واخيراً تقرير سهولة ممارسة الأعمال الذي تصدره مؤسسة التمويل الدولية في البنك الدولي.

ويمثل مؤشر التنافسية الشامل ومؤشر التنافسية العالمي معيارين أساسيين لتقييم التنافسية، في حين يمثل تقرير مؤسسة التمويل الدولية أكثر التقارير شمولية في تقييم بيئة الأعمال، ولذلك يمثل مرتكزاً أساسياً للهيئة العامة للاستثمار في الدخول إلى تقييم التنافسية الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، والمعهد العالمي للتطوير الإداري. وتمثل بيئة الأعمال الراسخة، إلى جانب استقرار الاقتصاد الكلي، متطلباً أساسياً من متطلبات تحقيق التنافسية، حيث تستند مثل هذه البيئة الراسخة إلى مجموعة من الأنظمة واللوائح التي تتسم بالبساطة والوضوح والشفافية، وإمكانية التنبؤ بها، بالإضافة إلى انخفاض تكلفة الالتزام بها.

وتعمل هذه الأنظمة واللوائح موجهات أساسية للنشاط التجاري، وتتميز السعودية بوجود بيئة أعمال جيدة نسبياً، وصنف البنك الدولي السعودية ضمن صدارة دول العالم في الإصلاح الاقتصادي، وذلك من خلال تقرير «سهولة أداء الأعمال» السنوي الذي يتم فيه تقييم بيئة الأعمال في 178 دولة في مختلف أنحاء العالم. مؤكدا على أن السعودية تسير بالسرعة والطريقة المقنعة لتحقيق أهدافها المتعلقة بجذب الاستثمارات العالمية والمحلية وتحسين بيئة الأعمال لتكون ضمن أفضل عشر دول في التنافسية على مستوى العالم.

وبين مايكل كلاين، نائب رئيس البنك الدولي، أن الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة في السعودية توجت بتعزيز مركز السعودية ضمن التصنيف العالمي بحيث باتت تحتل المركز 23 بعد أن كانت تحتل المركز 38 في العام الماضي.

وأشار كلاين إلى أن السعودية تعد أفضل مكان لأداء الأعمال في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام، وذلك بعدما جاءت متقدمة على الكويت التي حلت في المركز 40 والإمارات التي جاءت في المركز 68. كما جاء تصنيف السعودية ضمن موقع متقدم عن دول صناعية رئيسية مثل فرنسا التي جاءت بالمركز الحادي والثلاثين والنمسا التي حلت في المركز 25.

وجاء ذلك التقدم بعدما بذلت الجهات الحكومية المختلفة، جهوداً مكثفة خلال العام الماضي لتطوير بيئة الأعمال، من خلال إدخال تحسينات جوهرية في مجال الإجراءات المتعلقة ببدء النشاط التجاري، وكذلك في مجال الحصول على التمويل، من خلال إدخال تعديلات في الائتمان، وتوفير حماية أفضل للمستثمرين، وتسريع إجراءات الفسح الجمركي. وتسعى الهيئة العامة للاستثمار إلى أن يكون المدخل الأساسي للارتقاء بمستوى التنافسية في تنامي المنافسة بين منشآت الأعمال على مستوى الاقتصاد الجزئي، وينبغي أن ينطلق أي مسعى لتحسين مستوى التنافسية في السعودية من فهم عميق لتنافسية الاقتصاد على مستوى القطاعات والمجمعات التكاملية للأعمال.

وتهدف الهيئة العامة للاستثمار من خلال المركز الوطني للتنافسية، إلى رسم صورة متكاملة لتنافسية قطاعات الاقتصاد السعودي المختلفة، بدءاً بالقطاعات الأساسية كقطاعات الطاقة والنقل، والقطاعات التي تدعم التنافسية في مكونات الاقتصاد الأخرى، مثل قطاع الاتصالات والمعلومات، والصناعات القائمة على المعرفة، وتقديم توصيات لرفع تنافسيتها.