أطلقت السلطات الجزائرية «حملة دينية» تهدف لتفنيد فتاوى الجماعات المسلحة التي كثفت في الآونة الأخيرة هجماتها في البلاد. فقد بثت «إذاعة القرآن الكريم» الجزائرية أمس، برنامجا بعنوان «تحذير من التكفير والتفجير» شارك فيه خمسة علماء دين، هم أحمد سعيد بلعيد بن أبي سعيد، ونبيل مصطفى العصماني، من الجزائر، وأبو حازم عدنان عرور من السعودية، وأبو الحارث علي حسن عبد الحميد الحلبي من سورية، وعبد المالك رمضاني وهو جزائري مقيم بالسعودية.
ورد هؤلاء المشايخ الذين يحظون بتقدير في الوسط الديني الجزائري، على أفراد تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» الذين يستندون إلى فتاوى غير معلنة، لا تحرم سقوط مدنيين في أعمال مسلحة إذا كانوا غير مستهدفين بصفة مباشرة.
وقال الشيخ أبو الحارث أبو الحسن إن عناصر التنظيم المسلح «تصوروا لأنفسهم مناصب هم دونها، وهؤلاء لن تجد منهم إلا المتردية والنطيحة وما أكل السبع، وأفعالهم (التفجيرات الانتحارية) ليست فيها لا حجة ولا برهان وإنما أهواء وخزعبلات». وانتقد قيادات التنظيم التي شككت في مراجع دينية واتهمتها بالولاء للأنظمة العربية الحاكمة، فقال: «لقد وجهوا سيلا من التهم لمشايخ كبار أمثال الألباني وبن باز وبن عثيمين. هذا منطق العاجز عن مواجهة الحجة بالحجة».
ورداً على فتوى متداولة في المواقع الالكترونية التي تبث «قاعدة المغرب الإسلامي» بياناتها فيها، مفادها أن المدنيين الذين يسقطون في هجمات على المراكز الأمنية والمباني الحكومية «يبعثون على نياتهم»، قال الشيخ عبد المالك رمضاني، الذي كتب مؤلفات مناهضة للسلفيين الجهاديين، إن «الذين يدعون الجهاد يرتكبون خطأ كبيراً، عندما يسوقون لهذه الفكرة التي ما قال بها أحد من العلماء، فالحديث في واد وهم في واد».
وبخصوص الأهداف التي يضربها أفراد التنظيمات المسلحة بواسطة التفجيرات الانتحارية، قال الشيخ رمضاني «إنهم (المسلحون) يتخفون وراء مبرر التترُّس الذي يعني ضرب الكفار حتى لو كانوا يتحصنون وراء المسلمين. فزيادة على انتفاء مثل هذه الحالات بالجزائر، فإن الذين يسمونهم أعداء ويستبيحون دماءهم غير متخفين في حصونهم حتى يفجروا فيهم قنابل». ووصف منفذي العمليات الانتحارية بـ«الجبناء الذين يمارسون التقتيل ويولون الأدبار».
وذكر الشيخ علي حسن عبد الحميد، أن تخريب المرافق العمومية بدعوى إضعاف النظام القائم «لا يزيد أوضاع المسلمين إلا تأزما لأنهم هم المتضررون من هذه الأفعال». وأضاف «إذا تم تفجير محطة لتوليد الكهرباء تحت غطاء مقارعة النظام، فإن السلطة القائمة ستستنجد بفنيين أجانب لإصلاحها، وفي هذه الحالة سيتسبب من قام بهذا الفعل في ضياع أموال الأمة، وسوف تعيد الحكومة بناء محطة الكهرباء وكأن شيئا لم يكن». واتهم السلفيين الجهاديين «بحرمان الأمة من رفع رأسها، وهم جبناء والمجاهد الصحيح هو من يضرب ووجه مكشوف».
وأفادت مصادر مطلعة بأن السلطات تعتزم نشر هذه الآراء الفقهية التي أوردها المشايخ الخمسة، على نطاق واسع في معاقل «القاعدة» في الجبال والغابات، في شكل منشورات، سعياً للتأثير على أفرادها. ويندرج ذلك ضمن الحرب الدعائية التي تقودها مصالح الأمن ضد التنظيم المسلح.