الدول الكبرى تتجه لثالث حزمة عقوبات على إيران.. وبولتون يدعو إسرائيل لمهاجمتها

طهران تعتبر أن الضغوط يمكن أن تؤثر عليها ولكن بعد 200 عام.. وسولانا غير متأكد من فائدة لقائه المرتقب مع جليلي

TT

تتجه الدول الكبرى الى فرض ثالث حزمة عقوبات على إيران. وقال مصدر دبلوماسي فرنسي أمس ان وزراء خارجية هذه الدول الذين سيجتمعون اليوم في المانيا على وشك الاتفاق على مشروع قرار جديد للعقوبات على ايران من اجل احالته الى مجلس الأمن في نيويورك خلال ايام.

وقال الدبلوماسي لوكالة رويترز «نحن حقا قريبون جدا من اتفاق». لكن طهران استبقت الاحداث بالقول ان الضغوط التي تمارسها القوى الكبرى لن تساعد على نزع فتيل النزاع النووي، وان نجحت فان تأثيرها لن يكون قبل مائتي عام «وحينها ستكون الولايات المتحدة قد زالت كما زالت الامبراطورية البريطانية». ومن المقرر ان يجتمع وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا في برلين اليوم لبحث قرار عقوبات ثالث محتمل في الامم المتحدة ضد ايران لرفضها وقف انشطة نووية حساسة. وقال الدبلوماسي للصحافيين: اعتقد اننا سنتمكن من احالة مشروع قرار الى نيويورك في الايام القادمة.

وروسيا والصين الشريكان التجاريان لإيران القلقان ازاء زيادة الضغوط على طهران مترددتان فيما يتعلق بمسألة فرض المزيد من العقوبات منذ قال تقرير للمخابرات الاميركية في ديسمبر (كانون الاول) ان ايران اوقفت برنامجها للتسلح النووي منذ عام 2003. وقال بعض الدبلوماسيين الغربيين ان اي قرار جديد سيكون اقل صرامة مما كان متوقعا قبل صدور التقرير الاميركي.

وفي طهران قال مسؤول ايراني رفيع ان اجتماع المانيا لن يساعد على نزع فتيل النزاع النووي بين ايران والغرب اذا استمرت القوى الكبرى في الضغط من اجل استصدار قرار بفرض مزيد من العقوبات على طهران حتى ولو كان قرارا ضعيفا.

وقال علي آغا محمدي ممثل الزعيم الاعلى الايراني اية الله علي خامنئي في مجمع تشخيص مصلحة النظام ان اجتماع الدول الخمس دائمة العضوية وألمانيا يمكن ان يصبح اجتماعا بناء اذا حاولت الدول الست التوصل الى طريقة جديدة للتعامل مع طهران. وقال محمدي لرويترز في مقابلة «اذا أرادوا الاستمرار في طريقهم للضغط من أجل قرار اخر حتى لو كان ضعيفا للغاية فلا اعتقد ان ذلك سيحل شيئا». وأضاف «اذا وجدوا طريقة لطي الصفحة حينها سيصبح الوضع جيدا» دون ان يحدد التغييرات التي يريد للدول الست اتخاذها في برلين.

وأعلنت طهران مرارا ان المجموعتين السابقتين من العقوبات لن تجبراها على وقف انشطتها النووية التي تؤكد انها لاغراض سلمية فقط. وتقول ايران رابع أكبر منتج للنفط في العالم انها تريد بناء محطات للطاقة الذرية. وقال آغا محمدي وهو مفاوض نووي رفيع سابق ان العقوبات تستخدم بطريقة «خطرة وغير مناسبة» ضد ايران مشيرا الى ان ذلك يفقد آلة العقوبات مصداقيتها حين يستخدمها المجتمع الدولي في المستقبل.

ويقول اقتصاديون ان عقوبات الأمم المتحدة والعقوبات الاميركية والتي استهدف بعضها بعض البنوك الايرانية المملوكة للدولة أضرت بالأعمال من خلال ردع المستثمر الاجنبي ورفع التكاليف على المستوردين الايرانيين لكنهم يرون ان ارباح ايران الهائلة من النفط تحميها من هذه الضغوط. وسئل آغا محمدي عما اذا كانت العقوبات والضغوط ستغير مسار ايران فقال «هذا يتطلب 200 عام على الاقل. وحينها لن يكون هناك ولايات متحدة بشكلها الحالي مثلما لم يعد هناك امبراطورية بريطانية الان». واستبعد امكانية مهاجمة الولايات المتحدة او إسرائيل لإيران. وقال «ليس مهما ان نكون قلقين او مشغولين. لا نريد هجوما على إيران لكننا لن ننتحر لان هناك من له القدرة على مهاجمتنا». في بروكسل يلتقي المفاوض الايراني في الملف النووي سعيد جليلي غدا نوابا اوروبيين ولكن لقاءه غير مؤكد بعد بممثل السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا الذي قال أمس انه يخشى ان لا يكون لذلك فائدة. ويجيب جليلي خلال لقاء يستمر لساعة ونصف ساعة على اسئلة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الاوروبي في اول حدث من نوعه منذ ان تم تكليف سولانا باسم الدول الكبرى بالعمل على اقناع طهران بالعدول عن برنامج تخصيب اليورانيوم.

وقال سولانا لعدد من الصحافيين «لا اعرف ان كنت سألتقيه. خلال الاجتماعات التحضيرية، لم يقل بوضوح ان كان يريد الحديث عن الموضوع النووي، وعليه ينبغي علي ان ارى ان كان اللقاء يشكل استثمارا جيدا لوقتي». لكن سولانا لم يستبعد ان يكون لديه وقت للقاء جليلي ان بدا ذلك «ضروريا».

من جهة ثانية اعلن السفير الاميركي السابق لدى الامم المتحدة جون بولتون امس ان على اسرائيل ان تلجأ الى الخيار العسكري ان ارادت منع ايران من حيازة السلاح النووي. وقال بولتون لوكالة الصحافة الفرنسية على هامش مؤتمر عن الامن في هرتسليا قرب تل ابيب «إن كنتم قلقين من فكرة حيازة نظام ديني متطرف للسلاح النووي، عليكم ان تتحركوا قبل ان يحصل على القنبلة (الذرية)».

واعتبر بولتون ان العقوبات التي فرضها مجلس الامن الدولي على ايران لن تنجح في وقف البرنامج النووي الايراني الذي تقول واشنطن وإسرائيل انه يرمي الى إنتاج السلاح النووي رغم نفي طهران لذلك. وأضاف «ما ان تحصل على السلاح النووي، يصبح هناك خطر الرد بقدرة نووية (على اسرائيل)، ولهذا السبب اسرائيل في خطر». وقال بولتون ايضا «اسرائيل بلد صغير وان تم القاء قنبلتين او ثلاث قنابل ذرية، لا يعود هناك بلد».

واعتبر انه «من المستبعد» ان تنفذ الولايات المتحدة ضربة عسكرية لإيران بعد تقرير الاستخبارات الاميركية الذي قلل من شأن التهديد النووي الايراني. وقال بولتون انه «بعد التقديرات الصادرة عن الاستخبارات الاميركية، باتت الضغوط تتركز الان على اسرائيل لأني اعتقد ان احتمال لجوء الاميركيين الى القوة تراجع بصورة كبيرة».

وافادت وكالات الاستخبارات الاميركية في تقرير صدر مطلع ديسمبر كانون الاول ان إيران كانت تعمل على برنامج سري لانتاج القنبلة الذرية غير انها علقته عام 2003 تحت الضغوط الدولية وهي تبدو اليوم اقل تصميما منها قبل سنتين على امتلاك السلاح النووي. وأعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت قبل فترة قصيرة في مداخلة في الكنيست ان اسرائيل لا تستبعد اي خيار لمنع ايران من امتلاك اسلحة نووية. وتعتبر اسرائيل التي يعتقد انها القوة النووية الوحيدة في الشرق الاوسط، إيران عدوها الاستراتيجي الرئيسي. وقد دعا الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد مرارا إلى «ازالة اسرائيل عن الخارطة».

وفي شأن داخلي اعلن رئيس مجلس الشورى الايراني غلام علي حداد عادل أمس ان المرشد الاعلى للثورة الاسلامية في ايران آية الله علي خامنئي قدم دعمه للمجلس الذي اقر اخيرا قوانين عدة خلافا لرأي حكومة الرئيس محمود احمدي نجاد. وذكرت وكالة الانباء الطلابية ان عادل تلا امام البرلمان رسالة وجهها اليه خامنئي. واكد مرشد الجمهورية في رسالته ان «كل القوانين التي اقرت وفق الآلية التي نص عليها الدستور ينبغي ان تطبقها كل الهيئات».

وكان عادل طلب رأي اعلى سلطة في الدولة بعدما رفض احمدي نجاد في رسالة الى رئيس البرلمان اقرار قوانين «تتناقض مع الدستور». وانتقد احمدي نجاد خصوصا اقرار قانون يبطل قرارا للحكومة بإلغاء نظام التوقيت الصيفي والشتوي. كذلك، اعترض على إلغاء البرلمان قراره بحل مؤسسات عدة لاسيما المجلس النقدي المكلف اتخاذ قرارات ذات طابع اقتصادي ومالي.

وقال عادل المحافظ على غرار الرئيس الايراني إنه «فوجئ» بموقف احمدي نجاد، لافتاً الى ان «توجيه الرئيس رسالة الى البرلمان للقول ان قانونا يناقض الدستور هو سابقة، لان الرئيس يحل بذلك محل مجلس صيانة الدستور». ومع ان المحافظين يهيمنون على البرلمان الايراني، اقر البرلمان خلال الاشهر الأخيرة قوانين عدة بخلاف رأي الرئيس والحكومة. وتندرج مراقبة دستورية القوانين في صلاحيات مجلس صيانة الدستور.