أكدت شخصيات سياسية عراقية قرب عودة وزراء جبهة التوافق (اكبر الكتل السنية في البرلمان العراقي) الى حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي. وفيما بدأت «التوافق» تشكيل لجنة لبحث مجمل المطالب والشروط العالقة بينها وبين حكومة المالكي، اشار نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، الذي ينتمي الى الجبهة، الى وجود مؤشرات طيبة وتطور جيد في ملف هذه المطالب، خاصة فيما يخص ملف إطلاق سراح المعتقلين ومشروع قانون العفو العام الذي قدم إلى مجلس النواب.
وعن المؤشرات الطيبة التي صدرت من الحكومة العراقية، قال عدنان الدليمي زعيم جبهة التوافق، «لقد أبدت الحكومة حسن نية من خلال تفهمها لمطالب جبهة التوافق واستعدادها لتلبيتها سواء في الوقت العاجل او الايام المقبلة». وأكد الدليمي لـ«الشرق الاوسط» أن «المطلب المهم هو اصدار قانون العفو العام عن المعتقلين العراقيين في السجون الاميركية والعراقية، وقد قدم هذا المشروع الآن الى مجلس النواب لمناقشته»، وتابع «هناك مطلب أساسي، ان تكون لجبهة التوافق مشاركة صادقة وفاعلة في اتخاذ القرارات، فضلا عن إيجاد توازن حقيقي في ادارة الدولة بعيداً عن التفرد في اتخاذ القرار». وقال «يجب ان تكون الوزارات الامنية (الدفاع والداخلية والأمن الوطني) مبنية على اساس التوافق وليس التفرد الطائفي، والقضاء على الفساد الاداري والمالي في المرافق الحكومية». وعن موعد عودة وزراء التوافق، قال «ستسبق العودة مباحثات بين الجبهة والحكومة، وقد تم تشكيل لجنة من قبل التوافق وبالمقابل شكلت الحكومة لجنة اخرى لبحث المطالب وعديد من الامور العالقة التي تحتاج لمزيد من الايضاح»، مؤكداً «لحد الآن لم تجتمع اللجنتان، ولكن خلال الأيام المقبلة سيكون هناك لقاء وسيتحدد من خلاله مدى جدية وعود الحكومة لحل المشاكل العالقة».
من جانبه، أكد وليد الحلي القيادي في حزب الدعوة والمقرب من الحكومة، ان «وزراء جبهة التوافق مرحب بهم ليس هم فحسب وانما جميع وزراء القوائم المنسحبين من الحكومة والعودة الى مناصبهم، لاسيما وانهم من الناحية الرسمية لازالوا ضمن وزراء الحكومة». وحول الأنباء عن قرب عودة وزراء «التوافق» الى الحكومة، أكد لـ «الشرق الاوسط» «وضعت التوافق عددا من الشروط، وهي في الحقيقة من صلب عمل الحكومة، ومنها اطلاق سراح المعتقلين الذين لم يحاكموا وقد تم اطلاق 10 آلاف معتقل، والمطلب الآخر إصدار العفو العام، وبالفعل تم إقرار القانون». وأضاف «يجب ان نعلم أن عملية العفو ليست من صلاحية رئيس الوزراء انما من صلاحية مجلس النواب، وقد قال القضاء كلمته في الموضوع وهو الآن (قانون العفو) قد طرح على البرلمان». وتابع الحلي «بالاضافة الى قانون اجتثاث البعث وهو ايضا من مطالب التوافق، وقد تم اقراره مؤخرا تحت اسم قانون المساءلة والعدالة، واغلب المطالب تم الاتفاق عليها وأصبح وجودها حقيقيا، فضلا عن مسألة العمل بصيغة 3+1 (الهيئة الرئاسية ورئيس الوزراء)». وعن تاريخ عودتهم أشار «ان اغلب المطالب تم تبنيها ووضعت الحلول لعديد من النقاط الاخرى، فليس هناك أمر يمنع وزراء التوافق من العودة وخدمة العراق، ولكن التوافق ارتأت ان تشكل لجنة؛ الأمر الذي رحبت به الحكومة، وهناك عدد من الاجتماعات سوف تحصل في الايام المقبلة ونأمل ان تكون العودة قريبة».
الى ذلك، أصدر مكتب نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، بياناً تلقت «الشرق الاوسط» نسخة منه، أكد فيه أن «هناك مؤشرات طيبة وتطورات جيدة في ملف مطالب جبهة التوافق العراقية التي قدمتها إلى الحكومة، خاصة تلك التي تتعلق بإطلاق سراح المعتقلين ومشروع قانون العفو العام الذي قدم إلى مجلس النواب». ونقل البيان عن الهاشمي أن اجتماع الحزب الاسلامي (يرأسه الهاشمي) «ناقش تفاصيل عديدة تتعلق بموقف جبهة التوافق العراقية ومسألة عودتها إلى الحكومة»، مشيرا الى أن «القرارات ستنقل الى شركاء الحزب الإسلامي العراقي في جبهة التوافق العراقية للوصول إلى رأي موحد يمكن من خلاله أن تستمر المفاوضات مع الحكومة ويتخذ القرار المناسب في حينه». وعقد المكتب السياسي للحزب الإسلامي العراقي اجتماعا مع حزب الدعوة الذي ينتمي اليه المالكي، وممثلي مكتب رئيس الوزراء.
والحزب الإسلامي العراقي، الذي يتزعمه الهاشمي، هو أحد المكونات الرئيسة الثلاثة لـ(جبهة التوافق)، التي تعد الكتلة البرلمانية الثالثة في مجلس النواب العراقي الحالي، ولها 44 مقعدا من إجمالي أعضاء البرلمان وعددهم 275 عضوا، وتضم إلى جانب الحزب الإسلامي مؤتمر أهل العراق برئاسة عدنان الدليمي فضلا عن (مجلس الحوار الوطني) برئاسة الشيخ العليان. وكانت الجبهة قد انسحبت من الحكومة في أغسطس (آب) من العام الماضي بعد ان وضعت عددا من الشروط لعودتها منها المشاركة الحقيقية في اتخاذ القرار والإفراج عن المعتقلين العراقيين.