بغداد ـ رويترز: قال رحيم العكيلي الرئيس الجديد لمفوضية النزاهة بالعراق، إن الزعماء السياسيين بالبلاد يفتقرون حتى الآن للارادة اللازمة لمكافحة «سرطان» الفساد، وان عليهم البدء بإعلان حجم ما يكسبونه من مال. والعكيلي قاض سابق عين رئيسا للمفوضية العليا للنزاهة محل راضي الراضي الذي فر من البلاد. وقال ان المفوضية وهي جهة مستقلة معنية بمكافحة الكسب غير المشروع، أخفقت حتى الآن في إنجاز مهمتها المتمثلة في القضاء على الفساد المستشري.
وفي مقابلة أجرتها رويترز شبه العكيلي الفساد بالسرطان وقال انه ينبغي الاجهاز عليه بخطط طويلة المدى.
وأضاف العكيلي الذي تولى منصبه الجديد الاسبوع الماضي، أنه لم تكن هناك أبدا ارادة سياسية لمكافحة الفساد، وأن هذه الارادة مازالت ضعيفة حتى الآن.
وفر الراضي من العراق في أغسطس (آب) الماضي بعد تلقيه تهديدات. وكان قد أبلغ مشرعين أميركيين في أكتوبر (تشرين الاول) أن الحكومة العراقية فقدت 18 مليار دولار بسبب الفساد، وأن 31 من موظفي مفوضية النزاهة قتلوا بسبب عملهم. ورفض رئيس الوزراء نوري المالكي ما قاله الراضي واتهمه بتسييس المفوضية المستقلة. وقد تعهد المالكي باتخاذ اجراءات شديدة ضد الكسب غير المشروع منذ ان تولى منصبه عام 2006 لكن الفساد لايزال مستشريا بالمؤسسات العراقية.
وقال العكيلي إن أول اجراء اتخذه بعد توليه المنصب هو مطالبة كل المكاتب الحكومية بأن تقدم للمفوضية حسابات مفصلة عن كيفية استخدامها للمال العام. وأضاف أن الخطوة التالية ستكون مطالبة كل أعضاء مجلس النواب العراقي بإعلان حجم دخلهم وتوضيح كل مصادر الدخل بالتفصيل. وقال إن أعضاء البرلمان يمتنعون حتى الآن عن إعلان حجم المال الذي يكسبونه.
ومضى قائلا ان مجلس النواب يفتقر للشفافية. وتابع أنه ترددت أحاديث عن استعداد أعضاء المجلس للحصول على نصف رواتبهم، لكن مفوضية النزاهة لا تعلم حتى الآن قدر ما يكسبونه. وأضاف أن من المهم سد فجوة واسعة بين رواتب المسؤولين المنتخبين ورواتب الموظفين الحكوميين التي تتسم بالضعف، ويمكن أن تصل الى 200 دولار شهريا. وتدفع مثل هذه الرواتب الضئيلة البعض لقبول رشى أو أي شكل آخر من أشكال الكسب غير المشروع. وقال العكيلي ان هذا الوضع يجب ألا يستمر وانه ينبغي أن يكون هناك توازن حتى يشعر الموظف بأنه يؤدي عمله من دون شعور بالجور.
ومضى قائلا انه يتعين وضع قوانين لتضييق الخناق على الفساد بما في ذلك عمليات ارساء عطاءات العقود الحكومية. وطالب بإعادة العمل بقانون وضعته الادارة الاميركية بالعراق بعد الغزو عام 2003 جعل عملية ارساء عطاءات العقود الحكومية مركزية من خلال مكتب واحد. وقال ان إلغاء هذا القانون كان بمثابة خطأ قانوني فادح. وتابع قائلا ان التعيين للمناصب العامة ينبغي أن يوضع أيضا تحت السيطرة. وقال إن الرئيس الراحل صدام حسين أغلق مجلسا كان مختصا بالتكليف للعمل العام عام 1997 ومن ثم كان هو وحده صاحب قرار التعيين في وظائف الدولة.
وأضاف أن مثل هذه التعيينات باتت مقسمة بين التكتلات السياسية منذ سقوط صدام، وأن هذا ساعد على تفشي الفساد من خلال وضع أشخاص في وظائف ليسوا مؤهلين لتوليها. وقال ان من السابق لأوانه أن يعلن ما ان كان سيتمكن من القضاء على الفساد بالعراق، مضيفا أن الفساد منتشر في كل مكان في العالم وأن من الممكن الحد منه فقط وليس القضاء عليه.