دراسة: البلقان والمتوسط معرضان لزلازل مدمرة

في حال توفرت أجهزة الإنذار يمكن إخبار السكان خلال نصف ساعة

TT

كشفت الزلازل والاعاصير التي ضربت جنوب شرقي آسيا ومنطقة الكاريبي والمحيط الهادئ، ولا سيما في سومطرة وباكستان والسواحل الاميركية في وقت سابق، عن أخطار تهدد العالم بفعل الزلازل، ومن ذلك منطقة البلقان. وقال رنجل ريجوف الباحث البلغاري المعروف في علم الزلازل إن «هناك داوفع كثيرة للخوف من زلازل مدمرة تحدث في البلقان» وأوضح في دراسة أعدها لمعهد البحوث البلغاري أن «الزلازل المتوقعة مختلفة التأثير على الاقتصاد والبيئة والسكان حسب قوة درجتها» وتابع «يمكن لزلزال بقوة ثماني درجات من سلم ريختر أن يحدث خسائر بشرية تزيد عن 60 ألف ضحية».

ودعا الباحث البلغاري دول المناطق التي يتوقع حدوث زلازل فيها، ومنها منطقة البلقان، «وضع أجهزة انذار مبكر للتخفيف من عدد الضحايا والاضرار الناجمة عنها الزلازل».

وأشار إلى أن «قيمة أجهزة الانذار لا تتجاوز الـ 200 مليون يورو، ورغم أنه مبلغ كبير نسبيا إلا أن قيمة الذات البشرية أسمى وأغلى» وأوضح بأن «منطقة البلقان يمكن اعتبارها منطقة زلازل، ولا يمكننا في الوقت الحاضر، وبالامكانيات المتوفرة معرفة ساعة حدوث هذه الزلازل ومتى ستثور».

وأضاف «مركز الزلازل في البلقان يقع على خط صوفيا بلاغو ايفوغراد الذي لا يبعد سوى عشرات الكيلومترات عن الحدود مع الدول المجاورة» ودعا دول البلقان «للتعاون فيما بينها للتخفيف من آثار الزلازل التي لا يعرف أي أحد متى ستحدث». وكانت أبحاث أخرى قد كشفت عن وجود بؤر بركانية في مناطق يوغوسلافيا السابقة من بينها البوسنة وكرواتيا ومقدونيا وصربيا والجبل الاسود. كما أثبتت الدراسات الجيولوجية وقوع زلازل مدمرة في البلقان في فترات سابقة أدت إلى تغييرات جغرافية ومناخية وديمغرافية كبيرة، ولا سيما في بلغاريا ورومانيا واليونان وبحر ايجة، وغير ذلك من الاماكن، إلى درجة أن مدنا بكاملها غطتها الحمم البركانية، وأصبحت أثرا بعد عين. وأكدت دراسة أعدها مركز الابحاث الاوروبي بأن منطقتي البلقان والبحر الابيض المتوسط مهددتان بخطر الزلازل ما يستدعي إقامة أنظمة انذار سريع. وكان المركز قد شرع في إعداد دراسة علمية حول خطر الزلازل في البلقان والمتوسط بعد كارثة دول جنوب شرقي آسيا التي ضربها «تسونامي» في 26 ديسمبر الماضي. وقالت الدراسة التي اشترك في إعدادها مجموعة من العلماء الاوروبيين «يتعرض البلقان والمتوسط للزلازل بما فيها البحرية، ولكن ليس كبقية البقاع الاخرى مثل المحيط الهادئ أو المحيط الهندي اللذين تعرضا لكثير من هذه الزلازل في الماضي وهي أكثر قوة من تلك التي قد تصيب البلقان والمتوسط. لكن المتوسط كالبحار الاخرى ، مثل بحر اليابان، معرض للزلازل البحرية».

ودعت الدراسة الاتحاد الاوروبي لايجاد نظام للطوارئ، وخطة للتدخل في حالة حدوث كوارث في منطقتي البلقان والمتوسط «لا يمكن تفادي وقوع زلازل بما فيها الزلازل البحرية، ولكن يمكن مراقبتها.. ولدينا نظام واحد في المتوسط وضعه الدفاع المدني بعد الزلزال البحري المزدوج في سراسبورغ في 30 ديسمبر 2002، والذي أدى إلى انهيار التربة التي تناثرت مع الحمم البركانية، وكان الزلزال مفاجئا حيث لم تكن هناك أجهزة الانذار المتوفرة اليوم، ولكن لا يوجد سوى مكان واحد مراقب، عكس المواقع والاماكن الاخرى».

وعن نظام الانذار قالت الدراسة «نظام الانذار الذي يعمل بشكل فعال هو ذاك الذي يراقب المحيط الهادئ، فهو يغطي المنطقة بكاملها من خلال سلسلة هرمية من الأنظمة، فأسفل النظام الشامل هناك أنظمة انذار في الدول المختلفة مثل نظام آلاسكا وهواي واليابان ودول المحيط الهادئ الاخرى المعرضة لخطر الزلازل والزلازل البحرية» وذكرت الدراسة بأنه «يمكن لزلزال أقل شدة من زلزال سومطرا أن يؤدي في الادرياتيكي أو البحر الاحمر أو البحر المتوسط إلى موجة ارتفاعها 10 أمتار يمكنها خلال دقائق قليلة الوصول إلى الشواطئ» وقال العلماء الذين أعدوا الدراسة «نحن نعرف المناطق التي يمكن أن تقع فيها الزلازل البحرية في البلقان والمتوسط ، وهناك قوائم بهذه المناطق اكتملت منذ سنوات، ومن مصلحة كافة الدول المعرضة للخطر الاستثمار في هذا المجال في السنوات المقبلة» وتعتبر جزيرة كريت حسب الدراسة «من أكثر المناطق عرضة للخطر لكونها منطقة تلتقي فيها شريحتان، وهي منطقة زلازل معروفة، وكذلك شواطئ جبل طارق التي تعد من أكثر المناطق خطرا على الحدود بين المتوسط والاطلسي»، وكان «تسونامي» قد محا مدينة لشبونة عن وجه الارض سنة 1755».

وأشارت الدراسة إلى أن «ايطاليا وتركيا هما أكثر الدول الاوروبية التي تعرضت لزلازل بحرية في الماضي، ولكن ذلك لا يعني أنها أكثر خطرا. ومن المناطق الخطيرة جزيرة صقلية وجنوب كلابريا، وكان الزلزال الذي ضرب المنطقة قبل عامين بمثابة انذار لايطاليا من خطر تسونامي». وتذكِّر الدراسة بما تم قبل عامين «ليذكر الجميع الزلزال البحري الذي تبع زلزال مضيق ميسينا عام 1908 أو ذاك الذي أدى إليه انهيار مرتفع الحمم البركانية في سروبولي، فالتاريخ أمدنا بمعلومات عن وقوع زلازل بحرية. وطالبت الدراسة بـ«تقوية شبكة الاستشعار المبكر لتكون قادرة على التعرف على موجات تسونامي» وأكدت أن ما تطالب به ممكن على الصعيدين السياسي والاقتصادي أيضا وليس العلمي البحت فحسب، وذلك بالقول «الاجهزة والمعدات الضرورية لا تكلف كثيرا فهي في حدود 10 ملايين يورو، أما الجانب السياسي فهو الاكثر تعقيدا حيث يجب التوصل إلى اتفاق بين الدول البلقانية والمطلة على المتوسط.. وهناك أمل في النجاح لهذه المساعي لتجنب ما حدث في جنوب شرقي آسيا أو باكستان.. في حالة وقوع زلزال شديد تحت الماء يصل إلى 7 درجات فقد يؤدي إلى زلزال بحري.. وليس من الضروري وقوع زلزال بحري لاحداث أضرار فضيعة، وهنا تحديدا تلزم المعدات الضرورية، وإذا ما نفذ هذا المشروع ، وشمل المزيد من دول البلقان والمتوسط، فيمكن إخبار السكان خلال نصف ساعة أو ثلاثة أرباع الساعة ويمكن للدفاع المدني ايصال البيانات التي توفرها أجهزة الرصد للسكان».