هدية غوردون براون لبيكام.. كتاب

يطرح سؤالا عما يدفع البعض لقبول تحديات عسيرة عوض الحلول السهلة؟

لاعب الكرة ديفيد بيكهام يحمل كتابا من تأليف غوردون براون
TT

في 8 يناير (كانون الثاني) الحالي، حلّ لاعب الكرة الشهير، ديفيد بيكام، ضيفا على 10 داوننغ ستريت، حيث التقى رئيس الوزراء البريطاني، غوردون براون، بناء على دعوة الأخير.

اللقاء الذي استغرق ساعة كاملة، وُصف بأنه «خاص فعلا»، مع أن العنوان العريض له لم يكن كذلك، بل يتعلق بشأن عام يخص بريطانيا كلها، وإن كان يقع في اهتمام حكومتها بالضرورة.

فقد قيل ان اللقاء تعرض لاستضافة بريطانيا مباريات كأس العالم عام 2018 والدور الذي يمكن لبيكام أن يلعبه على هذا الصعيد.

بيكام رد على رئيس الحكومة بدعوة مماثلة، تقع حقيقة في إطار ما تمناه براون، بنقل الاهتمام المشترك بين القطبين الحكومي والكروي، الى حيز أكثر عملية.

الدعوة كانت لزيارة أكاديمية ديفيد بيكام الرياضية في لندن، في 10 الجاري، والتي أسسها النجم الشهير، في يوليو (تموز) 2005، في منطقة غرينيتش الواقعة في جنوب غربي لندن على مقربة من «أو ـ 2» التي عرفت سابقا بـ«قبة الألفية». وتعني الأكاديمية بتقديم الفرص للنشء لصقل مواهبهم الكروية، بإتاحة كل ما يلزمهم من مدربين ورعاية صحية ومعدات تقنية حديثة. والأكاديمية تستقبل ما بين سن 8 ـ 15 عاما لمدة 15 أسبوعا، وذلك خلال العطلات المدرسية.

اللافت في الزيارة، لم يكن ما دار خلالها، وما صرح به الضيف ومضيفه، بل في الكتاب الذي أهداه رئيس الوزراء لبيكام، وهو آخر إصدارات براون، المعروف بغزارة انتاجه، حيث أصدر حتى الآن، قرابة عشرين عملا بين كتاب وبحث وسيرة. الكتاب الهدية، يحمل عنوان «الشجاعة»، ويبحث عن إجابة لسؤال: «ما الذي يدفع بعض الرجال والنساء لقبول تحديات تبدو عسيرة للغاية، مع أنهم يستطيعون تفاديها واللجوء إلى حلول سهلة؟».

وللإجابة على السؤال يستعرض رئيس الوزراء سير ثمانية أشخاص يعتبرهم نموذجا في الشجاعة، أشهرهم نيلسون مانديلا، الذي قضى 27 عاما خلف القضبان بسبب نضاله ضد النظام العنصري في بلاده، والأميركي مارتن لوثر كينغ، داعية الحقوق المدنية للسود الذي دفع حياته ثمنا لأفكاره ومبادئه.

لكن ماذا سيفعل ديفيد بيكام بهذه النماذج الشجاعة حقا؟ وهل أراد براون تقديم آخر مؤلفاته كهدية فعلا، أم رغب في تزويد مضيفه بقليل من «الشجاعة» التي يوفرها الكتاب؟

الرد الأولي، في سلسلة أسئلة متوالدة من الحدث، جاء من بيكام، الذي لم يقدم الهدية للكاميرا، بل سارع الى وضعها خلف ظهره، مثل أشياء كثيرة يرغب المرء في تجاهلها، او التستر عليها وإخفائها بعيدا عن الأنظار، فضبطته الكاميرا متلبسا بكتاب. يقال إن بيكام ليس ممن تستهويه القراءة. بل إن هدية من هذا النوع، قد تضعه في احراج هو في غنى عنه. وسيكون الأمر في غاية الدهشة، إذا ما سأله رئيس الوزراء، ذات لقاء لا بد أن يحدث في إطار التعاون الجديد بينهما، عن كتاب «الشجاعة»، ورأيه فيه، وما إذا كان قد قرأه فعلا.

الصورة المنشورة هنا، لا توحي بأن بيكام سيفعل. فزوجته فيكتوريا، عضو فريق «سبايس غيرلز» الغنائي سابقا، لا تنكر أبدا قلة اهتمامها بهذا الحقل من المعرفة. ولو كان الأمر يتعلق بها وحدها، لما ترددت في إعادة تأكيد موقفها «الطليعي» الذي لم يسبقها اليه أحد، والذي أعلنته لمجلة «شيك» الاسبانية، حين قالت عارية من أي إحراج، إنها لم تقرأ كتابا في حياتها. البعض ذهب الى حد القول بأن براون يتطلع إلى جمهور بيكام، ويأمل في جذب أصوات قطاع منه إلى جانبه في الانتخابات المقبلة، والغرف، ولو بملعقة صغيرة، من جمهور النجم الذي لا يضاهيه نجم او كوكب شبابي آخر بريقا وشهرة. ولهذا أشاد رئيس الوزراء بالنجم الكبير، قائلا إنه «سفير الصحة»، وألح على أن لبيكام دورا خاصا يلعبه كسفير للرياضة، فـ«الاطفال يستمعون اليه جيدا»، والقول لبراون، الذي تابع، و«الرياضة هي مفتاح رشاقة الأمة.. انها مفتاح الأمة القادرة على المنافسة.. وهي مفتاح البلد الذي يتمتع بالصحة في كل مجال، والأكثر رشاقة ونجاحا ايضا».

في العادة يحتاج المواطن رئيس الوزراء لا العكس، لكن رئيس الوزراء، بدوره مواطن في مملكة الكرة الانجليزية التي يتربع على عرشها بيكام، ويتمتع بكامل حقوق المشاهدة والمتابعة. لم يفت ذلك «الملك» الذي قال لصحيفة «تليغراف» البريطانية، «إنه (براون) مهتم بالرياضة وبكرة قدمه (بيكام). كما تعلمون، إنه مهتم بعمل الكثير لأكاديميتي، ويعمل لصالح المدارس في انحاء مختلفة من البلاد أيضا».

ينقل احد الخبثاء في موقعه الالكتروني هذا التعليق من مصدر لا يشار الى اسمه « اشترى بيكام هدية لزوجته بمناسبة عيد الميلاد، عبارة عن كتاب ثمنه 750 جنيها، وصدر في طبعة محدودة، (الفي نسخة) ويحمل توقيع فالنتينو غارفاني، الإسم الأكثر شهرة في عالم الموضة. الكتاب تضمن صورا لزوجته فيكتوريا من عروض قدمتها لصالح واحد من أكثر بيوت الازياء قربا الى قلبها، وتعليقات من أهم الكتاب المتخصصين في عروض الازياء والموضة عموما». كل هذا لامرأة تقول انها لم تقرأ كتابا في حياتها. البعض قال ان الكتاب يصلح «لأن يوضع على طاولة تناول القهوة، لأنه مغطى بقماش أنيق ويباع في صندوق على شكل صدفة بحرية».

يستطيع بيكام أن يقول بثقة عالية ان رئيس الوزراء شاهدني وأنا أتسيد الملعب عشرات المرات، لكن براون لا يستطيع التأكد، بل ستظل لديه شكوك كثيرة، في أن يقول ذات يوم «لقد قرأني بيكام».