جدة : تلوث المياه يدفع السكان للاستعانة بخدمات شركات خاصة لتنقيتها

مدير مصلحة المياه لـ«الشرق الأوسط»: وصفُ تلوث المياه بـ«الأزمة» .. مبالغ فيه

مشكلة تلوث المياه في جدة تعود إلى الواجهة من جديد
TT

مشكلة المياه في جدة هي العنصر الأخير في الثالوث المزعج، الذي يشكل أكبر هواجس سكانها إلى جانب مشكلة حفريات الطرق، وشبكة الصرف الصحي في المدينة التي توصف عادة بأنها عروس البحر الأحمر.

تطل من جديد هذه المشكلة القديمة الجديدة بأبعادها المتشعبة، ليصبح هم تلوثها بالأملاح الزائدة نتيجة اختلاطها بالمياه الجوفية، وربما أكثر من ذلك اختلاطها بمياه الصرف الصحي في بعض أحياء المدينة آخر فصول الكابوس المزعج الذي يعاني منه سكان جدة بعد مشكلة انقطاعها المستمر والارتفاع الجنوني لأسعار الوايتات، ويلجأون إلى التصرف السريع كون المشكلة هذه المرة لا تقبل أنصاف الحلول ولا الحلول المؤجلة وطويلة المدى، كما يصفها محمد سليمان، الذي يقيم في حي الثغر أحد الأحياء الجنوبية بجدة والمشهورة بسمعة مياهها الملوثة، والحل هذه المرة تطرحه شركات القطاع الخاص التي تحاول أن ترى جانب النقص في حاجات المجتمع وتعوضه ببضاعة تحل الإشكال وتدر عليها أرباحاً مضاعفة.

الاستعانة بشركات خاصة لتركيب فلاتر المياه بعد إجراء فحص ميداني سريع، أو فحص مخبري مطول لتحديد أي تلوث أو خلل في المياه المستخدمة هو الحل الجديد الذي توجه له أهالي جدة بعد الكثير من الأحاديث عن تلوث المياه فيها، وهو حديث تؤكده رائحة المياه المختلفة وطعمها أحياناً، إلا أن تفاقم المشكلة، أو ربما كثرة تسليط الضوء عليها إعلامياً ساهم في تنشيط مبيعات الشركات المتخصصة بفلترة المياه وتنقيتها لدرجة لم يسبق لها مثيل. طارق علي، مدير المبيعات والتسويق بمؤسسة فرسان المحيط، وهي مؤسسة متخصصة بالكشف على مدى التلوث في المياه، أكد نشاط المبيعات بالنسبة لفلاتر المياه، وتقنيات تصفيتها، وأجمل الخطوات التي تقوم بها شركته والشركات المتخصصة في هذا المجال بقوله «عادة نقوم بعمل فحص مجاني لكشف نسبة الأملاح في المياه المستخدمة في المنزل، وكذلك فحص لمدى تلوث المياه بالشوائب، وهي أبحاث مبدئية تتم بواسطة أجهزة خاصة في الموقع وفي منازل العملاء، وفي بعض الأحيان نقوم بأخذ عينات وفحصها مخبرياً لمزيد من الدقة والنتائج بحسب طلب ورغبة العميل».

وأضاف «هناك الكثير من الناس الذين لا يقومون بتنظيف خزانات المياه لديهم بصورة منتظمة وهو ما يتسبب بتلوثها، فنقوم بعمل محطات لمعالجة المياه، ووضع مواد لتخفيف كمية الكلس والأملاح الزائدة والتي تتسبب بوجود قشرة الرأس عند وجودها في مياه الاستحمام، وكل هذه المشاكل تحل عادة بشراء العميل لجهاز مكون من عدة فلاتر لتنقية المياه وهو نموذج مصغر للجهاز الموجود في مختلف مصانع المياه».

وحول عملاء الشركة قال علي «لدينا عملاء من مختلف مناطق جدة، ودائماً في الشبكات القديمة المتهالكة، خاصة في الأحياء القديمة مثل الثغر، وكيلو 2، نجد أن المياه اختلطت في تلك المناطق بمياه الصرف الصحي، أما في شرق جدة، فالمياه غالباً أكثر نقاءً من بقية المناطق، نظراً لأنها تأتي مباشرة من محطة تحلية الشعيبة الجديدة».

من جهة أخرى أكد علي بأن حل المشكلة من جذورها باقتناء فلاتر خاصة بالمياه داخل المنازل هو الحل الأنسب بنظر الكثيرين، بعد أن فقدت حتى شركات ومصانع المياه مصداقيتها بسبب توزيعها لمياه منخفضة الجودة وملوثة في كثير من الأحيان نظراً لحفظها في أوعية بلاستيكية، ولا تخزن بشكل سليم وهي معرضة للشمس لفترات طويلة، الأمر الذي يتسبب بتفاعل مادة البلاستيك مع المياه في كثير من الأحيان، ويجب أن تكون هناك رقابة أكبر عليها.

من جانبه أكد المهندس عبد الرحمن المحمدي مدير مصلحة المياه بمنطقة مكة المكرمة لـ «الشرق الأوسط» بأن المصلحة تتلقى أي شكاوى أو إخباريات بشأن تلوث المياه وتتصرف على الفور بشأنها، وعادة تقوم بأخذ عينات للفحص والتحقق، وتغلق المنطقة إلى حين التأكد من عدم وجود أي ملوثات أو تسرب أو إصلاحه في حال وجد.

وتابع «غالباً ما يكون التلوث ناتجا من عدم تنظيف وصيانة الخزانات الأرضية والعلوية، لكن أؤكد بأن الأنابيب الرئيسية التي تصل منها المياه ليست ملوثة أبداً»، وحول تلوث المياه بمياه الصرف الصحي في بعض المناطق بجدة، خاصة في الأحياء الجنوبية قال المحمدي «السبب في مثل هذه الحالات هي حفريات المقاولين التي تتسبب بعطب الأنابيب وبوجود تسرب أحياناً، لكننا نتدخل ونصلح العطل في أي حالة تردنا، وأود أن أشير إلى أن مشكلة تلوث المياه وتضخيمها بالشكل الذي نراه أحياناً هي مبالغة في معظم الحالات، لأن المياه التي تأتي عبر أنابيب مصلحة المياه أفضل وأكثر جودة من المياه التي قد يشتريها المواطن».