مسؤولون أميركيون يخشون تشتت قوات الصحوة وعودة بعض عناصرها للتمرد

اتهامات لإيران ومنظمة بدر و«جيش المهدي» باستهدافها مثلما تفعل «القاعدة»

جنود أميركيون يمرون بالقرب من أحد عناصر «الصحوة» في منطقة جنوب بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

يواجه افراد «مجالس الصحوة» المدعومة أميركيا والتي تقاتل المتطرفين في بعض أخطر مناطق العراق موجة من الاغتيالات والهجمات، مما يهدد الاستراتيجية الهشة للجيش الاميركي الهادفة الى احتواء العنف في البلاد. وقتل ما لا يقل عن 100 من أفراد الصحوة أو «المواطنين المحليين المعنيين» الشهر الماضي معظمهم في محيط بغداد وبعقوبة ومناطق مختلطة شيعية ـ سنية، وفقا لوزير الداخلية جواد البولاني. وقال مسؤولون عراقيون ان ما لا يقل عن ستة من الضحايا هم من زعماء الصحوات.

كما أن العنف يهز حركة الصحوة، التي كثير من افرادها من المتمردين السابقين، في موقع نشوئها بمحافظة الأنبار. ففي يوم الأحد الماضي فجر صبي انتحاري نفسه في تجمع لزعماء الصحوة ما أدى الى مقتل الشيخ هادي حسين العيساوي وثلاثة من افراد العشائر. وتوسعت الصحوة، التي ولدت قبل ما يقرب من عامين في الصحراء الغربية للعراق، لتصل الى 80 ألف شخص واربعة اخماسها من السنة. ويرى المسؤولون العسكريون الأميركيون ان الانخفاض الواضح في الهجمات على المدنيين والعسكريين يعود الى الصحوات فضلا عن زيادة القوات الأميركية وتجميد نشاط جيش المهدي وزيادة عدد قوات الأمن العراقية.

لكن الهجمات الأخيرة تعرض الأمن النسبي المتحقق الى الخطر، وتطرح امكانية أن أفراد الجماعة يمكن أن يختفوا مع احتمال عودة كثيرين الى التمرد، وفقا لما قاله مسؤولون اميركيون. وقال مسؤول أميركي غير مخول بالتحدث علنا انه «يوجد اعتراف بأن الهجمات المعززة لا يمكن أن تستمر. يتعين علينا ايقاف ذلك». ويلقي المسؤولون الأميركيون والعراقيون على تنظيم «القاعدة» بالمسؤولية عن معظم حالات القتل التي تصاعدت في أعقاب بث تسجيل صوتي يوم 29 ديسمبر الماضي يصف فيه أسامة بن لادن متطوعي العشائر باعتبارهم «خونة» و«كفارا». وقال مسؤولون ان تنظيم «القاعدة في العراق» لديه استراتيجية ذات حدين تتمثل في توجيه ضربات ضد أعضاء الصحوة بغرض تخويفهم ومعاقبتهم على تعاونهم مع الاميركيين، واختراق المجموعات بغرض تجميع المعلومات والتشكيك في الحركة في نظر الحكومة ذات الأغلبية الشيعية. وقال البولاني ان تنظيم «القاعدة» يحاول اغتيال كل أعضاء الصحوة الذين يدعمون الحكومة، إلا ان الميليشيات الإجرامية، على حد وصفه، تفعل ذلك أيضا.

ويوجه مسؤولون سنّة وشيعة مسؤولية بعض الهجمات إلى جماعتين مرتبطتين بالحكومة هما «جيش المهدي» و«منظمة بدر»، فيما يعتقد مسؤولون شيعة ان المهاجمين عناصر خارجة عن المجموعتين. يذكر ان لدى الجماعتين علاقات وثيقة مع إيران. ويقول أفراد في قوات الصحوة ومسؤولون في الاستخبارات العراقية انه القي القبض على إيرانيين وبحوزتهم قوائم تحتوي على أسماء أشخاص يراد تصفيتهم وتعليمات بمهاجمة أعضاء جماعات الصحوة. إلا ان المسؤولين العسكريين الاميركيين لم يقدموا دليلا على مشاركة عناصر إيرانية في الهجمات باستثناء العثور على أسلحة إيرانية الصنع تستخدمها في بعض الأحيان أفراد الميليشيات الشيعية. وقال البريغادير جنرال مارك ماكدونالد، الذي يعمل مع المتطوعين العراقيين، ان مجموعات المواطنين المحليين المعنيين أصبحت هدفا رئيسيا لجماعة «القاعدة»، كما انها باتت هدفا أيضا لجماعات شيعية متطرفة. وثمة قلق وسط مسؤولين في بغداد يدعمون حركة الصحوة من احتمال ان يؤدي استمرار الهجمات على قوات العشائر دون تحقيق تقدم سريع من جانب الحكومة العراقية إلى شعور أفراد الصحوة بالإحباط ومن ثم الانخراط في صفوف الميليشيات المناوئة للحكومة وربما الانضمام مجددا إلى تمرد العرب السنّة. فهؤلاء يشعرون بالقلق إزاء فقد أشخاص مثل عمر عباس ، 23 سنة، وهو واحد من آلاف أفراد قوات الصحوة الذين ظلوا يعرضون أنفسهم للخطر كل يوم في نقاط التفتيش في مختلف أنحاء العراق.

ويقر مسؤولون اميركيون وعراقيون بأن تنظيم «القاعدة» يشكل خطرا رئيسيا، تليه في ذلك الميليشيات الشيعية. الا ان العديد من اعضاء جماعة الصحوة من امثال عباس قلبوا ترتيب المخاطر رأسا على عقب، وحددوا المليشيات الشيعية. وقال عباس ان «بدر هي أسوأ تهديد»، مشيرا الى الجناح العسكري للمجلس الاسلامي الاعلى، وهو حزب شيعي سياسي رئيسي. اما التهديد الاكبر التالي كما قال فهو «جيش المهدي» الجناح العسكري للحركة السياسية التي يتزعمها مقتدى الصدر. وتجدر الاشارة الى ان الجماعتين لهما تأثيرات عميقة على قوات الامن العراقية.

وبالرغم من معارضتهما لـ«القاعدة» فان معظم اعضاء الصحوة، حسب عباس، يشعرون بالنفور اكثر من حكومة رئيس الوزراء نوري كمال المالكي. واشار الى ان «50 في المائة من القاعدة في الاعظمية انضموا للصحوة».

وقال عناصر الصحوة في الاعظمية انه في الاسابيع الاخيرة قتل 25 شخصا على الاقل في منطقتي الشعب ويرموك. ومن بين الضحايا اسماعيل عباس الزعيم الشيعي القبلي في الشعب الذي اطلق عليه النار خارج مسكنه في الشهر الحالي. الا ان الشيخ حسن المياحي، وهو رجل دين ينتمي لجيش المهدي في حي الشعب، نفى ان أي شخص ينتمي للتنظيم يمكن ان ينتهك قرار مقتدى الصدر بالهدنة. وحمل الجماعات السنية مسؤولية العنف. لكنه حذر من ان الصدريين ينظرون بغير ارتياح لجماعة الصحوة في منطقة الشعب، التي لاتزال منطقة نفوذ لجيش المهدي. وتساءل «لماذا نحتاج الى مجلس للصحوة في الشعب اذا كان الحي آمنا ويشعر الناس بالرضا؟». ووصف عناصر الصحوة بأنهم «مقنعون يحملون الاسلحة». واضاف «لا يمكننا التفريق بينهم وبين المتمردين».

وبالرغم من خسارة «القاعدة» للتأييد في بغداد، فإنها مستمرة في التجنيد والدعاية والهجمات ـ معظمها بطريقة سرية ـ طبقا لما قاله المسؤولون العراقيون والاميركيون.

* خدمة «نيويورك تايمز»