واشنطن: العلماء يقتربون من تكوين عنصر حي في المختبر

إنجاز ظل يؤرق العلماء وكتاب الخيال العلمي لسنوات عديدة

TT

واشنطن ـ أ.ف.ب: اعلن علماء اميركيون انهم خطوا خطوة كبيرة نحو تكوين اول جينوم حي من خلال نسخ الحمض النووي المنقوص الاوكسيجين لجرثومة في المختبر، كما اكدت دراسة نشرت امس في مجلة ساينس العلمية الاميركية.

والجينوم هو المكونات الوراثية او مجموعة الصبغيات (الكروموزومات) التي تحتوي على كافة الصفات الوراثية لأي عنصر أو كائن حي والتي تميزه عن غيره من الكائنات.

هذا النجاح الذي تحقق بعد خمس سنوات من الأبحاث اكد العلماء انه المرحلة قبل الاخيرة في سعيهم الى تكوين حياة صناعية انطلاقا من مكونات وراثية للحمض النووي تم تحضيرها في المختبر، وهو انجاز ظل يؤرق العلماء وكتاب الخيال العلمي لسنوات عديدة.

وقال هاملتون سميث من معهد جي. كريغ فنتر، في الدراسة التي نشرتها ساينس ان «الفريق نجح من خلال العمل الدؤوب في ان يبرهن ان تكوين جينوم كبير بات ممكنا اليوم، كما يمكننا التحكم بحجمه، مما يفتح الطريق امام تطبيقات مهمة مثل انتاج الوقود الحيوي وكذلك المعالجة الحيوية للنفايات السامة».

اجريت الابحاث في مختبرات العالم الاميركي الشهير كريغ فنتر الذي كان دائما يعتبر تكوين حياة صناعية في المختبر حلا لعلاج الأمراض وظاهرة ارتفاع حرارة الأرض، غير ان امكانية تكوين عناصر حية بطريقة صناعية موضوع خلافي يتوقع ان يثير الكثير من الجدل حول جوانبه الاخلاقية والتشعبات المحتملة لمثل هذا الانجاز العلمي.

فمثل هذا الاكتشاف يعتبر حلما ينشده العلماء ولكنه يثير كذلك الكثير من المخاوف من ان يؤدي في اسوأ سيناريو الى انتاج اطفال في المختبرات، كما توقع الدوس هاكسلي في روايته «عالم جديد شجاع» (1932).

وقال فنتر في بيان «هذا الانجاز الرائع هو احدى عجائب التكنولوجيا الذي لم يكن من الممكن ان يتحقق بدون هذا الفريق المتفاني».

وقال فنتر ان باحثيه «كرسوا السنوات الاخيرة من اجل تصميم واتقان طرق وتقنيات جديدة نعتقد انها ستستخدم على نطاق واسع لتحقيق تقدم في مجال علم تكوين المكونات الوراثية الصناعية.

وقال معد الدراسة دان غيبسون ان الفريق اكمل الخطوة الثانية في عملية من ثلاث خطوات لتكوين عنصر حي بطريقة صناعية.

وفي المرحلة الثالثة من العملية وهي المرحلة التي بدأوا العمل عليها، سيعمل الفريق في مختبره في ميريلاند على تكوين جرثومة او بكتيريا فقط باستخدام مكونات الجينوم الصناعي التي قاموا بصنعها لجرثومة ميكوبلاسما جينتاليوم، وهذه الجرثومة التي تسبب بعض الامراض المنتقلة عن طريق العلاقة الجنسية تحمل احد مكونات الحمض النووي الاقل تعقيدا لأي شكل من اشكال الحياة. حيث لا يتجاوز عدد مورثاتها 580 مورثة (جينة).

في المقابل، يتكون الجينوم البشري، او الخريطة الوراثية البشرية من نحو 30 الف مورثة.

ويعرف الكروموزوم الذي قام فنتر وباحثون بتكوينه باسم ميكوبلاسما لابوراتوريوم، وسيتم في المرحلة الثالثة من العملية زرعه في خلية حية يتوقع ان «يسيطر عليها» ليصبح حيا.

وستكون الجرثومة الجديدة صناعية الى حد كبير، وان لم تكن كذلك تماما لانها ستحمل مكونات بنيوية اخذت من عناصر حية موجودة في الاصل.

وقال سميث «عندما بدأنا هذا العمل قبل سنوات عدة، كنا نعرف انه سيكون عملا صعبا لاننا كنا كمن يدخل ارضا مجهولة».

ولكن هناك عددا من العلماء الذين يبدون حذرا ازاء ذلك ويعتبرون ان فنتر وفريقه لا يزالون بعيدين جدا عن بلوغ هدفهم في تكوين حياة صناعية. ويشير هؤلاء العلماء الى مشكلة تتحدث عنها الدراسة نفسها في حاشيتها وتتعلق بتركيز احدى المورثات المستنسخة.

ويقول اكارد فيمر استاذ علم الاحياء الجزيئي في جامعة نيويورك انه واضح من دراسة فنتر ان الفريق لم يتوصل بعد الى تكوين حياة صناعية، واضاف ان الدراسة «تركت لديه شعورا غامضا حول ان كان الحمض النووي الصناعي قادرا في الحقيقة على القيام بوظيفة حيوية».

وعبرت هيلين والاس عالمة الاحياء والمتحدثة باسم شركة جين ـ واتش البريطانية عن المخاوف نفسها، وقالت والاس ان فنتر وفريقه حققوا انجازا تقنيا يستحق المفخرة «لكن هذا لا يزال بعيدا عن تكوين حياة صناعية»، واضافت ان «فنتر لا يزال بعيدا عن تكوين عنصر حي، وانه نوع من الهندسة الوراثية التي تتيح احداث تغييرات وراثية اكبر، وهذا يعني انه سيكون ممكنا في المستقبل تكوين عناصر حية تحمل متواليات وراثية جديدة».