ألمانيا: مظاهرة وبوادر عنف عقب مقتل شاب مغربي

الشرطة تحذر من تكرار تجربة فرنسا

القتيل صالح
TT

قال النائب فينريش غرانيتسكا، من الحزب الديمقراطي المسيحي، «نحن نجلس على برميل بارود». وحذر غرانيتسكا، وهو رئيس شرطة مدينة كولون سابقا، من سيادة أجواء تمرد تشبه أجواء تمرد الشباب الأجانب في ضواحي باريس، في حي كالك الشعبي في المدينة. وجاء التحذير بعد يوم واحد من مظاهرة غاضبة انطلقت في كالك بسبب مقتل شاب مغربي يدعى صالح، 17 سنة، على يد شاب ألماني.

وكانت شرطة كولون أرسلت قوات خاصة ومجهزة بأسلحة حديثة إلى كالك بهدف الحيلولة دون حدوث حالة تمرد بين الشباب الأجانب في الحي الواقع على يمين نهر الراين. وزاد من تعقيد الأمور ورود «رسائل حب» إلى القاتل، 20 سنة، عبر البريد العادي والانترنت تعلن التضامن معه. وهو ما دفع غرانيتسكا للتحذير من التصعيد بسبب موقف اليمين المتطرف والمجموعات النازية. وحذر من تصعيد الامور، وقال سرعان ما ستشعل السيارات والإطارات في شوارع كالك». ويعتبر حي كالك من الأحياء العمالية في كولون، تسكنه أقلية تركية وعربية كبيرة، ويعتبر امتدادا لحي مولهايم الذي يسمى «اسطنبول الصغيرة» ويمكن لعصيان الشباب هناك أن يثير الكثير من القلاقل للسكان.

وكأي فعل يصدر عن اليمين المتطرف، كان له رد فعل من المجموعات اليسارية المتطرفة التي أعلنت تضامنها مع أهل صالح وأوقدوا الشموع عند موقع مقتله في أحد شوارع كالك الفرعية. ورصدت الشرطة تحركات للمجموعات اليسارية الفوضوية، وخصوصا «الأوتونومن» في الحي. وشارك ممثلو اليسار بحماس في المظاهرات التي انطلقت في المدينة في جمع التواقيع التي تطالب بإعادة التحقيق.

وانفجر غضب الشباب الأجانب في كالك بعد مقتل صالح. ل على يد شاب ألماني اسمه «ميشائيل» لم تكشف النيابة العامة اسم عائلته خشية استهدافه. وادعى الشاب الألماني أن صالح وصديقه حاولا سرقته وأنه اضطر لطعن صالح دفاعا عن النفس مضطرا. وتميل النيابة إلى تصديق رواية الشاب الألماني وأطلقت سراحه بعد يوم واحد من التحقيق. إلا أن عائلة صالح وأصدقاءه يرفضون تصديق هذه «القصة» ويؤكدون أن سجل صالح لدى الشرطة خال من الجنايات. ويقود عبد الله. ل شقيق صالح الأكبر، حملة تعبئة في الحي ضد قرار المحكمة ويطالب بإحقاق الحق. ويعتقد عبد الله أن القضاء الألماني انحاز إلى جانب الألماني القاتل ضد أخيه «الأجنبي». ويؤكد عبد الله اعتقاده هذا رغم أن أخاه ولد في هذا الحي من كولون.

وشهد الشارع الرئيسي في كالك مظاهرة شارك فيها نحو 300 شاب أجنبي متحمس رفعوا الشعارات التي تطالب بالتحقيق العادل وترفض موقف النيابة العامة. وردد المتظاهرون مساء الاثنين الماضي بمكبرات الصوت هتافات «الله أكبر، لا إله إلا الله» وأثاروا مشادات كلامية وملاسنات مع الألمان في الشارع. وتكررت المظاهرة مساء الثلاثاء إلا أنه لم تحدث أية بوادر عنف بفعل الوجود المكثف لقوى الأمن.

وألقى المدعو «محمد» كلمة في مظاهرة يوم الثلاثاء أساء فيها إلى المجتمع الألماني ووصفه بـ«مجتمع العجائز». وخاطب «محمد» الألمان قائلا «انتم مسنون وهذا مجتمع مسنين، لكننا شباب ونريد العيش هنا بسلام». وردد المتظاهرون الشباب «سنبقى هنا ... سنبقى هنا». واضاف الخطيب أن القضية لا تدور حول «حماية القضاء للمجرمين الألمان» فحسب، وإنما حول التعايش بين المسلمين والألمان في هذا البلد.

وكان محمد نفسه، مساء الاثنين، قد تشاجر مع الألمان في الشوارع الذين تحدثوا عن «الدفاع عن النفس» في قضية صالح. وذكر مصدر في الشرطة أن الرجل كان يردد في المكرفون «ماذا نريد» فيردد الآخرون «العدالة .. العدالة». كما ردد المتظاهرون هتاف «صالح... صالح». وأكد المصدر أن المتظاهرين أهانوا رجال الشرطة عدة مرات، إلا أن الشرطة احتفظوا بهدوئهم. وتحت ضغط المتظاهرين، قال آلف فولفاخر، النائب العام في كولون، إن التحقيق لم يغلق بعد. وأكد أن النيابة العامة استمعت إلى شاهد جديد في القضية، وتبحث عن شهود آخرين، إلا أن الشاهد الرئيسي، وهو تركي كان يرافق صالح، يرفض حتى الآن الكشف عن ملابسات الحادث. وتبقى هناك بعض الثغرات التي لم يسدها التحقيق بعد، مثل أسباب حمل «ميشائيل لسكين، وأسباب طعنه صالح هذه الطعنة المميتة في القلب».