بيروت: اغتيال أحد أهم ضباط المعلومات في قوى الأمن

الموالاة اعتبرته رسالة إلى وزراء الخارجية العرب.. والمعارضة «استهدافا للسلم الأهلي»

مسعفون ومواطنون تجمعوا حول السيارات المحطمة والمحترقة في موقع الانفجار الذي أودى امس بحياة النقيب في الامن اللبناني وسام عيد (خاص بـ«الشرق الاوسط»)
TT

دوّى الانفجار الثالث لعام 2008 في لبنان. فبعد التفجير الذي أصاب «اليونيفيل» مطلع الشهر الحالي والتفجير الذي استهدف الاميركيين، وقع الاختيار هذه المرة على أحد ضباط فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي النقيب وسام عيد، الذي استشهد ومرافقه أسامة مرعب فضلا عن ثلاثة مدنيين؛ فعند العاشرة من قبل ظهر أمس وفي منطقة الشيفروليه في ضاحية بيروت التي تزدحم بالسيارات والمارة نظرا الى موقعها الذي يتوسط مناطق حيوية عدة، استؤنف مسلسل الاغتيالات ليحصد الشخصية الامنية الثانية بعد مدير العمليات في الجيش اللبناني اللواء فرانسوا الحاج الذي استشهد في 12 ديسمبر (كانون الاول) الفائت. وقد غصّت ساحة الجريمة برجال الامن والانقاذ فضلا عن المواطنين الذين وقع من بينهم 41 جريحا بالاضافة الى خسائر مادية كبيرة.

واستنكارا للاغتيال، عمد أقرباء النقيب عيد في بلدة دير عمار في قضاء المنية ـ الضنية الى قطع الطريق الدولية بين مدينة طرابلس ومنطقة عكار في شمال لبنان، وأشعلوا الاطارات المطاطية ووضعوا العوائق، مما شلّ حركة مرور السيارات لنحو 3 ساعات. وبعد محاولات بعض المسؤولين في المنطقة لفتح الطريق، وقعت مواجهات تدخل على اثرها الجيش وفتح الطريق. وفي بلدتين قريبتين من الحدود السورية، حاول بعض الاهالي الغاضبين التعرض لسائقي شاحنات سوريين فمنعهم الجيش. وأكد مصدر قضائي أن التفجير ناجم عن سيارة مفخخة فجرت بواسطة جهاز تحكم عن بعد، بعد رصد تحرك النقيب الشهيد؛ وهي مشابهة تماماً لجرائم الاغتيال ومحاولات الاغتيال التي يشهدها لبنان منذ ثلاث سنوات. وكشف المصدر ان المعلومات الاولية ترجح ان تكون زنة العبوة اكثر من 30 كيلوغراماً من الـ «تي.ان.تي».

وفور الاغتيال، توالت الردود الامنية والسياسية المنددة بالاغتيال وابرزها البيان الصادر عن رئيس كتلة «المستقبل» النيابية النائب سعد الحريري الذي رأى ان الجريمة تشكل «استهدافا يطول مرة اخرى، مؤسسة أمنية بارزة هي شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي التي كان الشهيد وسام عيد ركنا من أركانها والتي لطالما كانت هدفا لحملات سياسية وإعلامية، محلية وإقليمية. شاركت فيها ولفترات طويلة أجهزة إعلام النظام السوري ومواقع الانترنت التابعة له». وتوجه «الى الأجهزة العسكرية والأمنية كافة، بتأكيد الوقوف بجانبها في مواجهة المخطط الإجرامي الإرهابي الذي انطلق من نهر البارد وسقط على دربه ايضا الشهيد اللواء فرانسوا الحاج. ولن ينتهي فصولا إلا بالتضامن الوطني على إسقاط مشروع تطويع لبنان وإعادته الى زمن الهيمنة والتسلط». وأضاف: «ان هذه الجريمة النكراء، تأتي عشية انعقاد اجتماع وزراء الخارجية العرب، المخصص للبحث في أوضاع لبنان. وهي بهذا المعنى تشكل رسالة واضحة لكل العرب، بأن مصير هذه البلاد سيبقى محكوما بالإجرام والإرهاب، رغم كل المبادرات والجهود ومساعي البحث عن حلول. الأمر الذي يرتب على الأشقاء العرب مسؤوليات إضافية تجاه لبنان، ويدعونا الى اطلاق النداء تلو النداء بوجوب رفع يد النظام السوري عن لبنان، وتعطيل مخطط الاستيلاء مجددا على قراره الوطني المستقل». وأكد أن «لبنان ليس ساحة لتصفية حسابات النظام السوري»، داعيا «اللبنانيين الى الالتفاف حول الجيش وقوى الامن الداخلي وسائر الأجهزة الأمنية».

وقال وزير الداخلية والبلديات حسن السبع «إن النقيب عيد هو من اهم الضباط في فرع المعلومات، وسبق ان استهدف بقنبلة على منزله. كما استهدف عند مداهمة شارع المئتين (في معركة نهر البارد) وهذه ثالث محاولة يستهدف بها». وقال المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي بعد تفقده موقع الجريمة: «الانفجار استهدف النقيب الشهيد وسام عيد وهو من أهم الضباط في شعبة المعلومات وكان معه فقط مرافق واحد». وأكد «نحن مستمرون في مهمتنا لحماية هذه البلاد. ولن تردعنا أو تخيفنا أي عملية استهداف». وقال: «الرسالة وصلت. إنها رسالة إرهابية لنا عبر استهداف النقيب المهندس الشهيد عيد الذي كان يعمل على كل الملفات التي لها علاقة بالتفجيرات الإرهابية وله دور تقني فيها».

وعلّق البطريرك الماروني نصر الله صفير، فقال: «الظاهر ان هناك من يريدون تفتيت البلاد بدءا بالمؤسسات الدستورية...ما يجري له هدف وهو افراغ البلاد من جميع مؤسساتها الدستورية لكي يتمكن من لهم مطمع به من ان يحققوا مآربهم. وهذا هو الظاهر، ولكن هذه المآرب لا تنحصر في اللبنانيين فقط انما هناك دول لها مآرب وغايات. ولذلك ان ما يحدث ليس من صنع اللبناني فقط ولكن هناك مشاركة من خارج لبنان. اليد هي يد لبنانية ولكن العمل هو عمل غير لبناني في ما نعتقد وانتم أدرى منا بذلك». كذلك، استنكر حزب الله في بيان اصدره عملية التفجير، واعتبر «أن هذا الاعتداء يأتي في سياق زعزعة الاستقرار الداخلي، وضرب المؤسسات الأمنية والعسكرية التي تشكل ضمانا للأمن وللسلم الأهلي في لبنان».

بدورها، أصدرت السفارة الاميركية في لبنان بيانا دانت فيه الانفجار وأكدت ان الولايات المتحدة، شأنها في ذلك شأن أصدقاء لبنان من الأسرة الدولية «لا تزال ملتزمة التزاما راسخا دعم ديمقراطية لبنان واستقلاله ومؤسساته الشرعية».