مصادر أمنية تصف الرائد القتيل «بحلقة الوصل» بين التحقيقين اللبناني والعدلي في مسلسل الاغتيالات

غضب عارم يلف الشماليين في تشييع الرائد عيد ومرافقه

TT

ودعت قوى الامن الداخلي ومحافظة لبنان الشمالي رئيس الفرع الفني في شعبة المعلومات الرائد وسام عيد ومرافقه المعاون اسامة مرعب، اللذين قتلا بتفجير سيارة مفخخة في منطقة الشفروليه (شرق بيروت) اول من امس مع ثلاثة مدنيين، وذلك في مراسم تشييع حاشدة وغاضبة، في وقت وضع القضاء العسكري يده على التحقيق، وكلف الاجهزة الامنية جمع الادلة والمعلومات واجراء التحقيقات اللازمة، توصلا لكشف خيوط قد تقود الى معرفة الجناة وتوقيفهم.

مراسم التشييع بدأت في الثامنة من صباح امس في بيروت، في مبنى المديرية العامة لقوى الامن الداخلي التي كرمت شهيديها في حضور ممثل لقائد الجيش وقادة الاجهزة الامنية الاخرى وكبار الضباط وذوي الشهيدين عيد ومرعب، بعد ان احضر نعشا الاخيرين ملفوفين بالعلم اللبناني وحملا على اكتاف رفاقهما.

والقى المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي كلمة اكد فيها ان «المؤسسات الامنية دفعت ثمناً غالياً بدءا من محاولة اغتيال المقدم سمير شحادة (رئيس فرع المعلومات السابق الذي استشهد اربعة من مرافقيه) ثم اغتيال (مدير العمليات في الجيش) اللواء فرنسوا الحاج وصولا الى هذه الجريمة». وقال: «تستطيع يد الاجرام ان تنال من الابطال غدرا، لكنها اعجز من ان تنال منهم وجها لوجه... اذا ظن هؤلاء انهم باجرامهم هذا يمكن ان ينالوا من عزيمتنا وارادتنا فانهم واهمون»، وعاهد ريفي شهداء الوطن قائلا: «لن نفرط بدمكم وسنكون على مستوى الشهادة... فخيارنا الدفاع عن هذا الوطن، وقرارنا ان نبقى على مسيرتنا في تطوير امكانياتنا لمواجهة امبراطورية الارهاب... سنبقى على تنسيق تام مع كل الاجهزة الامنية اللبنانية، فالتحدي اكبر من ان يسمح لنا بالتلهي بصغائر الامور... ونحن على ثقة من اننا سننتصر وسيبقى هذا الوطن عزيزاً طالما ان رجاله على صورة شهدائه».

واثر انتهاء مراسم التكريم نقل جثمانا الشهيدين في موكب كبير الى الشمال. واقيمت صلاة في احد مساجد طرابلس. بعدها نقل جثمان عيد الى مسقط رأسه بلدة دير عمار، فيما نقل جثمان مرعب الى منزل ذويه في منطقة القبة في طرابلس وووري في المدينة.

أما على صعيد التحقيقات، فقد باشر القضاء العسكري تحقيقاته بحيث استمع قاضي التحقيق العسكري الاول رشيد مزهر الى افادات عدد من الشهود، واستناب وحدات الاجهزة الامنية لجمع المعلومات والادلة واجراء التحريات والاستقصاءات اللازمة. وعقد مزهر ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد اجتماعا مساء امس مع خبراء المتفجرات والادلة والمباحث الجنائية وتسلما تقارير تفيد بان العبوة تزيد عن الـ 50 كيلوغراما من المتفجرات كانت موضوعة في سيارة «ب. ام. ف» فجرت بواسطة جهاز تحكم عن بعد، ما يفيد بان الرائد الشهيد كان مراقبا منذ وقت طويل.

وصباحا، امر القاضيان مزهر وفهد بتسليم جثث الشهداء لاتمام مراسم دفنها بعد الانتهاء من اجراء فحوص الحمض النووي الـDNA لها والكشف عليها من قبل الاطباء الشرعيين. في وقت ادعى فيه مفوض الحكومة على مجهولين بارتكاب جريمة ارهابية وذلك سندا لمواد في قانوني العقوبات والارهاب تنص على عقوبة الاعدام واحال الادعاء على القاضي مزهر لاجراء التحقيقات اللازمة.

في المقابل، كشفت مصادر امنية كانت مقربة من الرائد عيد ان الاخير هو من الضباط الذين حدثوا فرع المعلومات وادخلوا تقنيات متطورة في عمله لجهة رصد الشبكات المشبوهة الامر الذي ساهم في اكتشاف العديد منها واحبط عمليات ارهابية كانت قيد التحضير.

واعتبرت المصادر الامنية ان الجناة ارادوا من هذه الجريمة تحقيق ثلاثة اهداف في آن واحد، الاول ترويع مؤسسة قوى الامن الداخلي وجعلها تحد من اندفاعها في ملاحقة ايادي الاجرام، والثاني ضرب الحلقة المهمة التي تصل بين التحقيق اللبناني والتحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وباقي الجرائم، باعتبار ان الشهيد عيد كان ضابط ارتباط ومنسقا بين الطرفين، اما الهدف الثالث فهو رسالة مفادها بان كل من يضطلع بهذه المهمات الخطيرة والدقيقة سيكون على رأس قائمة الاستهداف، والمثال على ذلك محاولة اغتيال المقدم سمير شحادة العام الماضي، وهو كان يتولى المهمة التي اوكلت الى الرائد وسام عيد.

وكانت الفرق الفنية نصبت خيمة ضخمة فوق موقع التفجير حفاظا على الادلة وذلك الى حين انتهاء الخبراء من عملهم ورفع العينات.