مايكل يون.. مراسل حربي ولكنه ليس صحافيا أو عسكريا

لا يعمل لحساب أية مؤسسة صحافية ويمضي معظم وقته مرافقا للجيش الأميركي في العراق

مايكل يون (خدمة «نيويورك تايمز»)
TT

لم يكن مايكل يون صحافيا لكنه لم يكن متأكدا مما يعنيه أن يكون المرء مدونا الكترونيا. وإذا كان يرتدي ملابس عسكرية فإنه لم يخض أي معركة. وأراد أن يبقي الأمور على هذه الحال. فهو ذهب إلى العراق ظنا منه أنه سيبقى شهرا وربما عند عودته إلى بيته سيكتب عن تجربته.

بدلا من ذلك بقي في العراق ثلاث سنوات وكتب بشكل كبير وتصويري، حيث ظل يرافق وحدات قتالية أكثر من أي صحافي آخر حسبما قال الجيش الأميركي. كذلك تعرض لإطلاق للنار ولتفجيرات وشاهد أناسا مقطعة أطرافهم أكثر من أن يتمكن من عدهم. ومن بين هؤلاء هناك المقاتلون والمدنيون والراشدون والأطفال. وقال يون: «الشيء الأبسط الذي يمكن الكتابة عنه هو المعارك لأن كل أنواع الدراما موجودة فيها». ويبلغ يون من العمر 43 سنة وكان جنديا في القوات الخاصة قبل عقدين ويصر على أنه لا يعرف ما هي القواعد الخاصة بالصحافيين لكنه قال إنه ما زال لا يعرف أيضا قواعد الصحافة، لكنه قال إنه قبل وبشكل غير متحمس أن يصبح صحافيا.

وقدم تفاصيل كثيرة عن الجنود في الخط الأول يوميا وهذا ما جعله يحظى بولاء الكثيرين من الجنود، خصوصا بين أولئك الجنود والمدونين والصحافيين الذين يتابعون هذه الحرب. وهناك صورة فوتوغرافية تظهر جنديا أميركيا يهز طفلة عراقية ما بين يديه أصيبت في انفجار سيارة(وماتت الطفلة لاحقا) وظهرت الصورة في موقع مجلة تايم الانترنتي ثم جرى التصويت لها باعتبارها من أفضل صور السنة من قبل زوار الموقع.

غير أن يون لا يعمل لصالح أية مؤسسة. ولا تدفع له وسيلة اعلامية اخبارية على مئات الرسائل الاخبارية والصور التي ينتجها. فهو ينشر عمله على موقعه الخاص الذي يحمل عنوان michaelyon-online.com كما أنه ينشر ما يتلقاه من العسكريين العاملين في العراق. ويقول ان اسهامات قرائه تدفع معظم تكاليفه على الرغم من أنه يرفض الحديث عن قيمة ما يعطونه.

وشأن معظم المدونين، فإن لدى يون أجندة وغالبا ما يكتب أن مهمة الولايات المتحدة في بناء عراق ديمقراطي مستقر نصيبها النجاح ولا بد أن تستمر. غير انه نادرا ما يقلل من شأن اولئك الذين يختلفون معه وهو لا يتجنب وصف الأشياء المزعجة التي يراها. وفي بعض الأحيان ينتقد القوات الأميركية وحلفاءها العراقيين بل وحتى صناع القرار في واشنطن. وفي الفترة الأخيرة حذر من أنه بينما يركز الأميركيون على العراق فإننا نخسر أفغانستان. ونظرة يون المتفائلة الى الحرب جعلته شخصا مفضلا لدى مؤيدي الحرب. ولكن آخرين في ذلك المعسكر هاجموه لالحاحه على أن العراق في حرب أهلية وادانته المعاملة الأميركية مع بعض السجناء. وقالت جاكي ليدن الاذاعية التي عملت في العراق «ان عمله يتسم بحميمية مذهلة. انه ليس صحافيا محترفا أو يستخدم اسلوبا دبلوماسيا. يمكنه ان يكون في غاية الصراحة وهو يرتاب بافتراضاته الخاصة».

ويعزز الانترنت مثل هذا النمط من صحافة المواطنين التي تهز الأفكار حول المكان الذي تأتي منه الأخبار، ولكن قليلين يتحملون ضريبة ومخاطر العمل في منطقة حرب. وتكاليف يون اليومية محدودة ولكنه دفع عشرات الألوف من الدولارات لكومبيوترات وكاميرات وهواتف وستر واقية من الرصاص. لقد ذهب الى العراق معتقدا أن وسائل الاعلام الاخبارية السائدة لا تتقن القصص الاخبارية، ولا يزال في الغالب ينتقد تشاؤم وسائل الاعلام. ولكنه أثنى أيضا على صحافيين معينين من وسائل اعلام رئيسية او دافع عن وسائل الاعلام عموما، موضحا صعوبات ومخاطر تغطية الحرب. وعبر الطريق، أوجد لنفسه مكانة افضل من باقي المدونات، وذات وجهة نظر اكثر من باقي التقارير، مع ملاحظات مباشرة، وواضحة ومتشككة بحيث تخجل العديد من الصحافيين المحترفين.

وكتب يون «شاهدنا الرجل راقدا على الارض، ووجهه للامام، حافيا وسط ارض طينية قذرة، تحيط به المخلفات البشرية من كل مكان،» وكان يصف ما حدث بعد معركة شاهدها. واضاف «لقد سقط في دورة مياه مفتوحة، حيث كان يرقد ووجهه للامام ورفع الرجل يده للامام ولمس جبهته بإصبعه، مشيرا الى ما بين عينيه قائلا: «اطلقوا النار علي، اطلقوا النار علي. اريد الموت».

وامتدح البريجادير ستفين تويتي يون، عمل يون الذي قضى معه بعض الوقت في العراق، وقال انه يتعرض لنفس المخاطر مثل الجنود الذين يصحبهم.

وتجنب يون، خلال العام ونصف العام الاول من الكتابة على الانترنت، موقفا عما اذا كان يعتقد بضرورة شن الحرب من الاساس. وقال انه ايدها مترددا بسبب الادعاءات ان العراق لديها اسلحة دمار شامل. ويوجه يون في بعض الاحيان، ملاحظات جارحة الى كبار القيادات، الا ان الحديث معه والاطلاع على عمله، يؤكدان انه متحفظ ولا يريد اضعاف جهود الحرب. وفي مقابلة معه قال: «انه عندما ذهب للمرة الاولى للعراق، في ديسمبر2004 كنا نعرف اننا نخسر الحرب. وانها كانت اسوأ مما يجري تصويرها».

وقال انه في الفترات الاولى، اساءت القوات الاميركية معالجة المعارك والاعلام، وهذا على مستوى القيادات الميدانية. واوضح «بدأت في ملاحظة ان بعض القيادات تعرف ما تفعله، ووجدت الكثير الذين ليس لديهم أي فكرة». ولم تظهر مثل هذه الافكار السوداوية في رسائله ولا سيما في العام الاول. وقضى يون معظـم وقته يسافر ويزور اماكن جديدة. وخلال تلك الرحلات كان يكتب، ونشر على حسابه كتابا عن طفولته. وقرر مشاهدة حرب العراق بنفسه بعد مقتل ثلاثة من اصدقائه في عام 2004، وقررت القوات المسلحة ان كتابه شهادة كافية للسماح له بمصاحبة وحدة مقاتلة. ومنذ ذلك الوقت زاد عدد المدونات والصحافيين المستقلين في العراق، بينما انكمش عدد الصحافيين العاملين في الصحافة السائدة. وقد انخفض عدد الصحافيين المرافقين للقوات من عدة مئات في الفترة الاولى الى عشرات في الشهور الاخيرة.

وفي عامي 2005/2006 مر يون بمرحلة من العلاقات السيئة مع القيادات العسكرية، التي حاولت في وقت من الاوقات منعه من مصاحبة الوحدات. الا انه بعد ذلك الوقت تحسنت الاوضاع. واصبحت القوات المسلحة اكثر وعيا بصحافيي الانترنت. وبالنسبة ليون اصبح هذا التغيير ايجابيا للعراق بالاضافة اليه شخصيا.

وقال: «اذا كانت لديك علاقات سيئة بوسائل الاعلام، فأنت لا تعرف كيف تدير عمليات مكافحة التمرد».

* خدمة «نيويورك تايمز»