أين أسامة بن لادن؟

إحدى شخصيات الرسوم المتحركة بمهرجان صندانس ترقص على موسيقى الراب وتمارس ألعاب الفيديو

المخرج الأميركي مورغان سبارلوك أثناء تصوير مشاهد من الفيلم
TT

بعد سنوات من متابعة أسامة بن لادن زعيم تنظيم «القاعدة» في تغطية تلفزيونية جادة ستتاح الفرصة للمتفرجين الاميركيين لرؤية نسخة أقل جدية لابن لادن، اذ يظهر كاحدى شخصيات الرسوم المتحركة، يرقص على موسيقى الراب ويمارس ألعاب الفيديو.

هكذا يصور مورغان سبارلوك مخرج الفيلم الوثائقي «الحجم الكبير مني» عام 2004، شخصية بن لادن قبل انطلاقه في مهمة للعثور على عدو الولايات المتحدة رقم واحد في فيلمه «أين أسامة بن لادن؟»، الذي أزيح عنه الستار الاسبوع الماضي في مهرجان صندانس السينمائي.

وينجح بن لادن في الفرار من سبارلوك، كما نجح في الفرار من الجيش الاميركي ووكالة المخابرات المركزية الاميركية، الا أن سبارلوك يتوصل لشيء من خلال جولته في الشرق الاوسط، وهي أن الفقر والقمع أججا التطرف الاصولي.

الا أن كثيرا من الناس الذين أجرى مقابلات معهم رفضوا فكرة أن بن لادن، الذي كان وراء هجمات 11 سبتمبر (أيلول) له قبضة قوية في المنطقة.

وقال سبارلوك لرويترز في أكبر مهرجان سينمائي أميركي للافلام المستقلة، «في الوقت الذي تحدث فيه المزيد والمزيد من الناس عن الاسباب الرئيسية التي تؤدي الى ظهور شخصية مثل أسامة بن لادن والمتشددين في شتى أنحاء العالم، أصبح من الواضح أن ابن لادن ليس بهذه الدرجة من الاهمية».

ويضيف أن الاهم هو القضاء على المشاكل التي جعلت بن لادن ينجح في قيادة تنظيم «القاعدة».

ويعرض فيلم «أين أسامة بن لادن؟» في دور السينما بالولايات المتحدة في ابريل (نيسان) وتنتجه شركة وينشتين للانتاج السينمائي، التي دفع رئيسها هارفي وينشتين نحو مليوني دولار للفوز بحق توزيع الفيلم، بعد أن شاهد ربع ساعة فقط منه.

واشتهر سبارلوك في مهرجان صندانس بفيلمه الوثائقي «الحجم الكبير مني» الذي نال عنه جائزة في الاخراج، بعد انتقاده لسلسلة مطاعم ماكدونالدز للوجبات السريعة، اذ تناول وجبات المطعم لمدة 30 يوما على التوالي وسجل زيادة وزنه وتدهور صحته.

وفي بداية فيلم «أين أسامة بن لادن؟» يقول سبارلوك، الذي ينتظر ميلاده ابنه الاول، انه بحاجة لانقاذ العالم من بن لادن وتنظيم «القاعدة» اللذين يصفهما بأنهما أكثر فتكا من ماكدونالدز.

ولانه يريد أن يواجه الخطر بشكل مباشر يحصل سبارلوك على تدريب للعمل في بيئة عدائية ويحصل على موافقة زوجته الحبلى للسفر لكل مكان باستثناء العراق.

ويعود سبارلوك للوطن في الوقت المناسب ليحضر ميلاد طفله ومعه ألف ساعة من التغطية. وقال سبارلوك انه يأمل في أن يعرف مشاهدو الفيلم أن الناس في الشرق الاوسط والمسلمين يشاركون الغربيين الكثير من أفكارهم مثل الرغبة في ارساء الديمقراطية وتوفير حياة أفضل لابنائهم. وتابع سبارلوك: «نحن نعيش نوعا ما داخل عالمنا الخاص ولا ننظر وراء حدودنا، أعتقد أن أعظم شيء يمكن أن يحدث هو أن نفكر بشكل أكبر نوعا ما في وجود عالم خارجي». وأضاف أنه لا يريد أن يعتقد أحد أنه يسخر من قضية خطيرة باستخدامه ألعاب الفيديو وشخصية كارتونية راقصة تجسد بن لادن وبأسلوبه الممتع في اجراء مقابلات. واستطرد الهدف هو محاولة استخدام الدعابة للتخفيف من موضوع ثقيل بحق.

ان الفيلم، الذي اشترته شركة وينستاين ومن المقرر طرحه في شهر ابريل، يقدم ملصقا ساخرا لسبارلوك يبدو وكأنه انديانا جونز. ويتوقف المخرج خلال رحلته التي يصفها بقوله «رحلة استكشاف» في مصر والسعودية وإسرائيل والمغرب والأردن وافغانستان وأخيرا في باكستان، حيث يعلم ان معظم الناس يرغبون في الحياة حياة طبيعية آمنة. كما يتولى استخدام قاذفة قنابل. وينتهي الفيلم بأغنية «لم لا نصبح اصدقاء» من فرقة «وور سيريوسلي».

وفي المشهد المثير، يرتدي سبارلوك سترة واقية من الرصاص، ويتحدث عن الاخطار المقبلة ويسافر الى حدود وزيرستان، منطقة القبائل شبه المستقلة، حيث يشك الخبراء في اختفاء اسامة بن لادن هناك – ثم يتوقف. وهناك اشارة عليها عبارة «غير مسموح للاجانب». ويرد في الفيلم «اللعنة يجب على شخص ملاحقته. ولكنه لست انا». وبعد عرض الفيلم في مهرجان صندانس، حيث حصل على تصفيق محترم ولكنه ليس مثيرا، سأل مشاهد سبارلوك اذا كان ينوي حقا المضي في الطريق للنهاية. ورد عليه بقوله «هدف الفيلم هو العثور على اسامة بن لادن. وصلت للحدود. ولكن المشاهدين كانوا على حق: ذهب انديانا جونز الى معبد الهلاك. ولا يرجع لبلاده». وكما قال ناقد في واحد من مواقع الانترنت «هذا الفيلم متخلف. ربما كان سيعطي الانطباع بأنه اقل تخلفا لو لم تنتشر كل تلك الاشاعات بأنه عثر على اسامة بن لادن واجرى مقابلة معه». وفي اليوم التالي، جلس سبارلوك للاجابة على بضع اسئلة حول الفيلم الوثائقي. وهو شخصية ودودة متحمسة مدافعا وماكرا. وفي الفيلم يسافر الى فاس والقاهرة وعمان والقدس، وهي ليست اماكن مخيفة. وفي اسرائيل يذهب الى حدود قطاع غزة، ولكنه لا يدخل القطاع؟

ولكن اذا كان بن لادن والقاعدة يمثلان شيئا، فهما ليسا خطيرين: ويبدأ الفيلم بسبارلوك يشارك في تدريبات على مواجهة بيئة عدائية، وإن كان اشد معاملة تلقاها كانت على يد رجل عجوز ينتمي للطائفة الهاسيدية في القدس، الذي يدفعه ويطلب منه العودة الى بلاده. وقال «لم اشعر بالخطر في فاس او الدار البيضاء. ولكن لا يمكنك نفي حقيقة انه منذ عام 2003 وقعت عمليات انتحارية قتلت 50 شخصا. يوجد احتمال مقتلك في المغرب من خلية ارهابية محلية».

ويتساءل سبارلوك علنا كيف يمكنه تربية ابنه في مثل هذا العالم. ويقول «مع مرور الوقت الذي لن نستخدم الحفاظات مع ابني فهل سيصبح كل شخص ارهابيا؟ وخلال وجوده في افغانستان، يوجد مشهد لسبارلوك وحده يتمنى لو انه كان في امكانه انهاء رحلة الاستكشاف».

وفي باكستان، تجول وفي يده خارطة يسأل الناس أين اسامة. وفي افغانستان، يزور سبارلوك كهوف تورا بورا، ولكنه لا يجد أي شيء سوى الصخور. ويتجول مع القوات الاميركية على الحدود الافغانية بباكستان، حيث يلتقي بمقاتل طالباني وهو يفر من القوات الباكستانية التي تقتله.

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الاوسط»