رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية د. محمد السويل في حوار مع «الشرق الأوسط»: نقود فرقاً من 42 جهة حكومية بميزانية 8 مليارات ريال لتنفيذ الخطة الوطنية.. وصناعة الأقمار الصناعية طورناها بكفاءات سعودية

د. محمد السويل («الشرق الأوسط»)
TT

بعد اقرار «السياسة الوطنية للعلوم والتقنية» في السعودية، والتي تستهدف توطين التقنية في البلاد والعمل على تكوين مجتمع معرفي، والمزاوجة بين حاجات التنمية المحلية وتطبيق أساليب تقنية، وتم رصد ميزانية ضخمة بلغت نحو 8 مليارات ريال، فقد تم في ميزانية العام الماضي اقرار المرحلة الأولى من الخطة الوطنية والتي تستهدف إعداد البرامج والمشروعات للخطة الخمسية الأولى للعلوم التقنية، مما يفتح المجال للحديث في قطاعات البلاد حول جدوى هذه الخطة وأهميتها وطريقة تطبيقها. وفي حوار «الشرق الأوسط» في الرياض مع رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية الدكتور محمد السويل، تم استفتاء آراء عدد من الأكاديميين والعلماء السعوديين حول دور المدينة وخاصة في مجال تطبيق الخطة الوطنية للعلوم والتقنية.

وقال السويل لـ«الشرق الأوسط» إن المدينة تقوم بدور مركزي للتنسيق وبدراسة وتحليل متطلبات تنفيذ ومتابعة الخطة الخمسية الأولى للعلوم والتقنية. فيما يلي نصّ الحوار..

* مر نحو 20 عاماً على تكوين اللجنة الوطنية للتعليم في المدينة، حيث اوكلت للمدينة إجراء دراسات تتعلق بتطوير التعليم، هل لنا أن نعرف جهود هذه اللجنة في تطوير التعليم والوصول الى مجتمع معرفي؟

ـ جاء تشكيل اللجنة الوطنية للتعليم والتي بدأت أعمالها في 26/3/1408 بناء على اقتراح من وزارة المعارف (وزارة التربية والتعليم) بإجراء دراسات تتعلق بتطوير التعليم، تحت إشراف ومتابعة المدينة، دعم التعليم العام والتعليم الفني. وقد أنجزت اللجنة عدداً من المشاريع والبرامج، من بينها، دعم 10 مشاريع بحثية بميزانية بلغت ما يقارب 12 مليون ريال، ومنها برنامج الكشف عن الموهوبين ورعايتهم، ومشروع تعليم الرياضيات للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة للبنين والبنات، ومشروع تعليم العلوم في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة للبنين والبنات، ومشروع تحديد المهارات الأساسية للصفوف الثلاثة الأولى من المرحلة الابتدائية (بنين وبنات) في القراءة والكتابة والرياضيات، وبرامج الكليات التقنية ومدى تلبيتها لمتطلبات سوق العمل. ومشروع استخدام الشبكة العالمية لتعليم الرياضيات إلكترونياً.

* ماذا قدتم على صعيد توطين التقنية، وتحقيق أهداف الخطة الوطنية، وهل هناك سقف زمني لهذه الخطة، خاصة أنكم تحظون بميزانية ضخمة لتحقيق تلك الاستراتيجية؟

ـ اعتمد مجلس الوزراء السعودي في 27/4/1423 السياسة الوطنية للعلوم والتقنية، وتمثل هذه السياسة رؤية الدولة بعيدة المدى وتوجهاتها الإستراتيجية الأساسية التي تضمن تواصل واستمرارية الجهد التنموي لتطوير أنشطة العلوم والتقنية والابتكار، وهذه السياسة يتم تنفيذها من قبل جميع قطاعات الدولة وليس المدينة فقط، وهي بالتالي موجهة لدعم البحث والتطوير وفق الخطط الوطنية في الوزارات والمؤسسات الحكومية وفي القطاع الخاص.

* حدثنا عن هذه الخطة الوطنية..

ـ تشتمل الخطة الخمسية الأولى للعلوم والتقنية على 8 برامج رئيسية، و24 برنامجاً فرعياً، و190 مشروعاً وطنياً، تنفذها 42 جهة حكومية رئيسية بالتعاون والاشتراك مع مؤسسات القطاع الخاص ذات العلاقة، وذلك بميزانية إجمالية قدرها 7.9 مليار ريال، وتمثل هذه البرامج والمشروعات، المرحلة الأولى لتنفيذ السياسة الوطنية للعلوم والتقنية على مدى 20 عاماً المقبلة في المملكة العربية السعودية.

* ماهي استهدافاتها..؟

ـ استهدفت هذه المرحلة، تحقيق وانجاز برامج تنفيذية لعدد مختار من أبحاث تطوير التقنيات الإستراتيجية والمتقدمة والبدء بعملية التنفيذ مثل المياه، البترول والغاز، البتروكيماويات، التقنيات المتناهية الصغر، المواد المتقدمة، الإلكترونيات والاتصالات والضوئيات، التقنية الحيوية والهندسة الوراثية، المعلومات، الفضاء والطيران، الطاقة، البيئة (برنامج التقنيات الإستراتيجية والمتقدمة). وإنشاء مراكز بحثية متميزة للتقنيات الإستراتيجية والمتقدمة تمثل اللبنة الأساس للبحث العلمي والتطوير التقني في الجامعات السعودية وعدد من الجهات الحكومية (برنامج قدرات البحث والتطوير). كما تستهدف عمل منظومة لتخطيط احتياجات الموارد البشرية في مجالات العلوم والتقنية، وآخر لإعداد وتأهيل أعداد مناسبة من الكوادر المطلوبة للمرحلة الأولى، والتي تعد أساساً قوياً لما يليها من مراحل متتالية، ليصل أعداد العاملين في البحث والتطوير بنهاية المرحلة إلى نحو 15 ألفاً، فضلاً عن وضع نظم لتحفيز القدرات المبدعة وتشجيعها (برنامج الموارد البشرية العلمية والتقنية). وتستهدف إنشاء منظومة مؤسسية فاعلة تضمن حسن التخطيط والتنسيق والتمويل والتنفيذ والمتابعة والتصحيح والتطبيق وتسويق نتائج التقنيات المطورة (برنامج الهياكل المؤسسية للمنظومة).

* ما هي الأولويات الإستراتيجية لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وما مدى إرتباطها بخطط التنمية الوطنية وإستجابتها للتحديات المستقبلية للمملكة؟

ـ تنبع الأولويات الاستراتيجية للمدينة من الأولويات التي تم تحديدها في الخطة الخمسية للعلوم والتقنية ضمن السياسة الوطنية للعلوم والتقنية، والتي بدورها تمثل توجهات الدولة الإستراتيجية الأساسية المستقبلية التي تضمن تواصل واستمرارية الجهد التنموي لتطوير أنشطة العلوم والتقنية والابتكار، وهذه السياسة يتم تنفيذها من قبل جميع قطاعات الدولة وليس المدينة فقط.

* ماذا بشأن المدينة تحديداً..؟

ـ تقوم المدينة بدور مركزي لتنسيق وإخراج الخطة الخمسية للعلوم والتقنية، وبدراسة وتحليل متطلبات تنفيذ ومتابعة الخطة الخمسية الأولى للعلوم والتقنية، وقد تم في هذا الجانب تشكيل «لجنة إشرافية للتقنيات الاستراتيجية والمتقدمة في المملكة» تركز اهتماماتها على ضمان التنسيق والتكامل بين أنشطة الجهات المختلفة في المجالات الاستراتيجية للمملكة، والإشراف على إعداد استراتيجيات وبرامج ومشروعات مراكز التعاون البحثي والإبداع التقني، والحاضنات التقنية، المشروعات البحثية للتقنيات الاستراتيجية والمتقدمة المحددة في الخطة الخمسية الأولى للعلوم والتقنية وتشمل (المياه، البترول والغاز، البتروكيماويات، التقنيات المتناهية الصغر، المواد المتقدمة، الإلكترونيات والاتصالات والضوئيات، التقنية الحيوية والهندسة الوراثية، المعلومات، الفضاء والطيران، الطاقة، البيئة).

* ما هي نظرة المدينة لدورها الاستراتيجي في العشر سنوات المقبلة، وهل هو دور تنفيذي أم قيادي؟

ـ يرتكز دور المدينة الاستراتيجي مستقبلاً على ثلاثة محاور أساسية وهي أن تكون قريبة من البيئة المحلية والمواطن، وأن تدعم التوجهات الوطنية، إضافة إلى إسهامها في مجال المعرفة الإنسانية، وتنبع هذه الاستراتيجية من طبيعة مهام المدينة المتعددة في مجال دعم البحث العلمي التطبيقي وتنفيذه، وتركز المدينة على التنسيق والتعاون مع الجهات المختصة في الدولة لتحقيق تطلعاتها في بناء اقتصاد وطني قائم على أسس اقتصادية قوية.

* بعض العلماء السعوديين يتساءلون: لماذا لا يتم التركيز على جعل دور المدينة دوراً تنسيقياً لأعمال الأبحاث والتطوير في المملكة بدلاً من كونه سلطة تنفيذية تقوم بإعطاء المنح للباحثين والأساتذة في الجامعات، ما هو رأيكم؟

ـ تركز المدينة في أدائها لمهامها على ضمان التنسيق والتعاون مع كافة الجهات والقطاعات الحكومية والجامعات والقطاع الخاص ومنع الازدواجية وتوحيد الجهود في هذا الجانب، وهذه من المهام الرئيسية للمدينة، والمدينة كمؤسسة بحثية تماثل في نشاطها ودورها العديد من المؤسسات البحثية في كثير من دول العالم، ومن هذا المنطلق فهي تقوم بأدوار أخرى تعزز البحث العلمي والتطوير التقني، ولذا فهي تقدم الدعم للباحثين ولمراكز البحوث في الجامعات وغيرها كجزء من الدور المطلوب منها للنهوض بالبحث العلمي في المملكة، والحصول على منتجات نهائية للأبحاث يستفيد منها القطاع الخاص وقابلة للتطبيق في العديد من المجالات الحيوية.

* ماهو سجل المدينة في الأبحاث المتعلقة بالطاقة الشمسية؟ ـ تهتم المدينة بتوفير القاعدة التقنية المناسبة لاستغلال الطاقة الشمسية في المملكة، وقد أعدت المدينة عدداً من الدراسات التي تُعنى بجدوى استغلال الطاقة الشمسية في تسخين المياه وتأمين الكهرباء لنظم الاتصالات وحماية أنابيب النفط من التآكل المعدني وتشغيل الإشارات المرورية والتحذيرية والإضاءة في المناطق النائية. ومن ذلك على سبيل المثال استخدام الخلايا الكهروضوئية في الممرات والشوارع المحلية فيه، والدراسات التي أعدتها المدينة لوزارة التربية والتعليم لاستخدام الطاقة الشمسية في إنارة إحدى وعشرين مدرسة نائية، بهدف الاستغناء عن مولدات الديزل المستخدمة فيها. ودراسات أعدت للهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها لاستخدام الطاقة الشمسية في المحميات.

* هل ثمة نتائج لهذه الخطوات..؟

ـ من أهم إنجازات المدينة في مجال توطين تقنيات الطاقة الشمسية وطرق الاستفادة منها، مشروع إضاءة بعض أنفاق المنطقة الجنوبية بالتعاون مع وزارة المواصلات، ومشروع الربط الكهروضوئي مع الشبكة الرئيسية للكهرباء لتخفيف الأحمال الكهربائية على الشبكة خلال فترات الذروة، ومشروع ضخ وتحلية المياه بالطاقة الشمسية بسدوس (شمال غربي الرياض) والذي ساهم في إمداد منطقة سدوس بالمياه العذبة، ومشروع إنتاج الهيدروجين بالطاقة الشمسية وتطوير المختبرات الخاصة به، ومشروع تصميم مجمعات شمسية اقتصادية لاستخدامها في نظم تسخين المياه، ومشروع تصميم وتنفيذ مجففات تعمل بالطاقة الشمسية لتجفيف التمور في المناطق ذات الرطوبة المرتفعة للمساهمة في تقليل الفاقد من التمور نتيجة لتأثرها بدرجات الرطوبة العالية، ومشروع الاستفادة من الطاقة الشمسية كمصدر للطاقة الحرارية اللازمة لتشغيل أنظمة التكييف بالامتصاص وذلك من خلال اختبار نظام التبريد بالامتصاص (الواعد فنياً واقتصادياً) لخفض أحمال التكييف خلال موسم الصيف. إضافة إلى نشاطات تقييم مصادر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في المملكة والمتمثلة في إنشاء سبع عشرة محطة موزعة على مناطق المملكة لرصد الإشعاع الشمسي وطاقة الرياح وذلك بهدف تكوين قاعدة معلومات أساسية عن جدوى استغلال الطاقة الشمسية والرياح في مناطق المملكة المختلفة.

* أطلقتم عدداً من الأقمار الصناعية، وبعض أبحاثكم في هذا المجال يستفاد منها على الصعيد العالمي، لكن ما زالت أبحاث الفضاء في المملكة محدودة وغير ذات جدوى اقتصادية؟

ـ تعد تقنيات الفضاء والطيران إحدى التقنيات الاستراتيجية والمتقدمة المحددة في الخطة الخمسية الأولى للعلوم والتقنية، وقد اهتمت المدينة منذ وقت مبكر بهذا المجال لأهميته وحيويته، والأبحاث والدراسات التي أنجزتها المدينة في هذا القطاع استفاد منها العديد من الجهات الحكومية والقطاع الخاص، وقد أثمرت جهود المدينة على سبيل المثال عن تأسيس برنامج الأقمار الصناعية في المملكة عن طريق الكفاءات السعودية التي أثبتت قدرتها المتميزة وجدارتها في التصنيع والتشغيل والمتابعة للبيانات التي تصدر من هذه الأقمار، التي بلغ عددها 12 قمراً، وكما هو معلوم فإن العمل على تطوير الأقمار الإصطناعية يشمل عددا كبيرا من التقنيات مثل الحاسب والبرمجة ونظم الاتصالات والتحكم والوقود واستخدام الطاقة الشمسية والكثير من التقنيات الأخرى، مما يعتبر مجالاً خصباً لتدريب الطاقات البشرية في المدينة ونقلا حقيقيا للتقنية في مجالات عديدة وهذا هو المكسب الحقيقي من مثل هذه الدراسات والأبحاث.

* لديكم مركز وطني لتقنيات النانو، ودول الخليج تناقش الشهر المقبل في قطر خارطة طريق للصناعات المعرفية يدخل في جوهرها إنشاء مراكز لتقنيات النانو. لماذا ما زلنا بعيدين عن الاستفادة من هذه التقنية، وتحويلها إلى منتج اقتصادي؟

ـ لسنا بعيدين عن الاستفادة من هذه التقنية، وعلى المستوى العالمي تعتبر هذه التقنية من التقنيات الحديثة والدراسات والأبحاث في هذا الجانب ما زالت في بداياتها، ومحلياً تم تحديد التقنيات المتناهية الصغر كإحدى التقنيات الاستراتيجية المستقبلية للمملكة، حيث شكلت المبادرة الوطنية لتقنية النانو التي اقترحتها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية الإطار العام لعناصر سلسلة متكاملة تنال جميعها حقها من الاهتمام بدءاً من تنمية البنى التحتية، وإجراء البحوث والتطوير الخاص بهذه التقنية، والتعليم والتدريب للقوى البشرية وتأهيلها للعمل في هذا المجال.

* ما هو الدور الذي تلعبه مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في القرارات المتعلقة بدخول الإستثمارات الخارجية وهل يتم التركيز على مجالات التقنية المتقدمة كأولوية عند المفاضلة بين تلك الاستثمارات؟ ـ يعد بناء قاعدة تقنية صلبة إحدى ركائز التنمية في المملكة، إذ تحتل التقنية دوراً حاسماً في التنمية، مما ينعكس بصورة مباشرة على المقدرة التنافسية للمنتجات الصناعية، لذا فإنه من الأهمية بمكان السعي الجاد والمتواصل مع الجهات المعنية في الدولة نحو نقل التقنية إلى المملكة وتطويرها بعد توطينها وذلك من خلال الأبحاث سواء في الجامعات والمراكز العلمية المتخصصة والمؤسسات الصناعية، أو بالتعاون مع جهات ومراكز وهيئات دولية لها خبرات عالية في هذا المجال الهام. وتحرص المدينة على جلب التقنيات الحديثة التي تخدم توجهات السياسة الوطنية للعلوم والتقنية في المجالات ذات الأهمية الاستراتيجية للمملكة، وذلك بالتنسيق مع كافة القطاعات المعنية في الدولة سواء الجهات الحكومية أو القطاع الخاص.

* تتيح المدينة للمخترعين إمكانية تسجيل اختراعاتهم، لكن أين دورها في حماية وتشجيع الابتكار؟ وهل يعبر العدد المسجل عندكم عن الواقع الحقيقي على هذا الصعيد؟

ـ تختص المدينة بمنح براءة الاختراع والعمل على حمايتها طبقاً لإحكام النظام ولائحته، وهي بذلك تحفظ حقوق صاحب الاختراع ما يؤدي إلى تشجيع ودعم البحث والتطوير والاستثمار في مجال الاختراعات، واستقطاب التقنيات المتقدمة والاستثمارات الأجنبية إلى المملكة. كما تقدم المدينة الاستشارات والمرئيات النظامية (القانونية) والفنية للمخترعين بشأن الاستفسارات المتعلقة بالنظام ولائحته والمتعلقة بموضوعات الحماية، كما توفر لهم العديد من قواعد المعلومات في شتى حقول المعرفة، وقد أنهت المدينة حتى الآن ما يقارب من 11523 طلبا من أصل 13231 طلبا حتى تاريخه، أي ما نسبته 87 بالمائة ما بين منح أو رفض للبراءة.

* لماذا يتم التأخير في منح براءات الاختراع وتسجيل حقوق الملكية الفكرية؟

ـ لم يعد هناك تأخير في السنتين الأخيرتين، وتقوم الإدارة العامة للملكية الصناعية في المدينة بتطبيق نظام براءات الاختراع والذي ينص ـ كما في كثير من الدول ـ على فحص الطلبات من الناحية الموضوعية، وتتطلب عملية الفحص قدرات بشرية مؤهلة للقيام بهذا العمل، وقد كونت المدينة منذ انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية كفاءات وطنية جيدة في مجال فحص براءات الاختراع تصل إلى أكثر من خمسين فاحص براءات اختراع، مما جعلها تنتقل إلى مرحلة تضعها في مصاف البلدان المتقدمة في مجال إنجاز فحص البراءات حيث تم تقليص فترة إصدار القرار النهائي لتصل إلى المتوسط الدولي المعمول به عالمياً به وهو سنتين إلى 3 سنوات.

* ولماذا يقتصر نطاق الحماية على داخل المملكة في حين أن تسجيل براءات الاختراع في الولايات المتحدة وأوروبا يمتد لبقية دول العالم؟ ـ في جميع دول العالم كل دولة تقوم بحماية البراءات داخل حدودها، وتتعاون الدول فيما بينها لتحقيق هذا الغرض، وهذا ما نقوم به في المملكة، ولذلك يسعى أصحاب البراءات إلى تسجيل اختراعاتهم في أكثر من دولة لحمايتها.

* لماذا اصبح ناتج الملكية الفكرية المسجل في المدينة قليلا..؟ وكم تقدرون عدد براءات الاختراع التي يتم تسجيلها سنوياً؟

ـ في الحقيقة أن ناتج الملكية الفكرية في المملكة، وكما هو الحال في باقي الدول النامية قياساً بالمستويات العالمية يعد متدنياً، أما بالنسبة لمعدل براءات الاختراع التي يتم تسجيلها سنوياً في المدينة، فهو غير ثابت، حيث بلغت ما بين العامين 2003 و2006 في المتوسط 500 طلب، بينما بلغت طلبات التسجيل لبراءات الاختراع 770 طلبا في العام 2007.

* تشتكي الجهات البحثية من شح المصادر المالية، بينما لا تعاني المدينة من هذه المشكلة، لم لا يتم تعويض مراكز الأبحاث في الجامعات والمؤسسات الخاصة بحاضنات علمية ومختبرات أبحاث توفر عليهم التكلفة وتتيح لهم الاستفادة من موارد المدينة؟

ـ لعلي اوضح أن الميزانية التي تم تحديدها لتنفيذ الخطة الخمسية الأولى للعلوم والتقنية والمقدرة بنحو 8 مليارات ريال، ليست للمدينة فقط وإنما خصصت للصرف على جميع ما يتعلق بتنفيذ هذه الخطة عن طريق فرق عمل من عدة جهات حكومية وجامعات محلية وبعض جهات القطاع الخاص، وقد سعت المدينة في إطار الخطة لإنشاء عدد من مراكز التميز في التقنيات الاستراتيجية والمتقدمة ومنها التقنيات المتناهية الصغر في عدد من الجامعات السعودية، بهدف إيجاد نماذج ريادية لمراكز البحث العلمي والتطوير التقني في الجامعات تتضمن بنية تقنية ونخبة من الكفاءات البشرية المتميزة في المجالات الاستراتيجية والمتقدمة.

وتعمل المدينة حالياً على إنشاء خمس حاضنات تقنية في مقرها، حيث تم الإعلان مؤخراً عن إطلاق أولى هذه الحاضنات، بينما تعمل في الوقت نفسه على إنشاء خمس حاضنات أخرى في عدد من الجامعات السعودية، كما تشرف المدينة حالياً على إنشاء مركز تميز في مقر جامعة البنات بالرياض يخدم الباحثات السعوديات في جميع الكليات والجامعات، ويوفر لهن مختبرات مجهزة بكل الاحتياجات الأساسية للبحث العلمي التطبيقي في شتى المجالات.

* في ظل الدعم المتواصل لتأسيس جامعات وكليات في مناطق مختلفة وبوتيرة متسارعة، ما هو دور مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في تنويع وتوزيع التنمية المحلية على مناطق المملكة المختلفة؟

ـ تتم جميع الجهود التي تبذلها المدينة وفق مقتضيات السياسة الوطنية للعلوم والتقنية التي عملت عليها المدينة بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتخطيط وبمشاركة فاعلة من قطاعات حكومية وأهلية عديدة، وقد تضمنت هذه السياسة وأكدت على وجوب الاهتمام بإيجاد معاهد عليا متميزة في مجالات علمية تقنية وتطبيقية على المستويين الجامعي وفوق الجامعي لتكوين نخبة رائدة من العلماء والمهندسين والفنيين التقنيين، مع التوسع في التعليم الفني والتقني والتدريب المهني.

* هل تم إعداد دراسات وعمل خارطة وطنية للميزات التنافسية لكل منطقة بناء على فرص التعليم المتاحة فيها والقدرة التنافسية في مجالات البحث العلمي، الموارد البشرية والمادية؟

ـ تم العمل في تطبيق الخطة الوطنية الشاملة للعلوم والتقنية، عبر أربع مراحل رئيسية بدأت بدراسة الوضع الراهن للعلوم والتقنية في المملكة وتم من خلالها التعرف على واقع العلوم والتقنية في المملكة، واتجاهات تطورها والعوامل المؤثرة في مسيرتها، ومدى تناسق مكوناتها وتفاعلها مع بيئتها الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن التحقق من نواحي القوة ومواطن الضعف فيها والتحديات التي تواجهها، وذلك من خلال دراسة شاملة وتحليل دقيق لكل البيانات والمعلومات والإحصاءات والدراسات والخطط والإستراتيجيات ذات العلاقة بالعلوم والتقنية المتوفرة لدى الجهات والقطاعات المختلفة في المملكة، أو في المنظمات الدولية، وكذلك من خلال إجراء مسح علمي تقني اقتصادي شمل 48 وزارة ومؤسسة حكومية، ونحو 271 شركة خاصة في قطاعي الإنتاج والخدمات في مناطق المملكة المختلفة.

* لماذا لا تكون المدينة هي الراعي الأول والحاضنة للجمعيات العلمية المتخصصة غير الربحية؟

ـ المدينة على استعداد لتقديم كل الدعم والإمكانات والاستشارات اللازمة للجمعيات العلمية المتخصصة في المملكة متى ما اقتضت الحاجة، ووفقاً للإمكانيات المتاحة. كما تقوم المدينة بإشراك الجمعيات العلمية في كثير من المؤتمرات والفعاليات التي تقيمها حسب الاختصاص، والمهم لدى المدينة هو نجاح هذه الجمعيات أينما كانت لتقوم بدورها على أكمل وجه.

* لماذا لا تتعاون مدينة الملك عبد العزيز مع الجهات الرائدة في المملكة للاستفادة من خبرات مفكريها في مجال الابتكار والبحث والتطوير والاختراعات مثل ارامكو السعودية وسابك؟

ـ التعاون قائم مع هذه الجهات، وفي مجالات متعددة، كما تحرص المدينة على أن تستفيد الشركات الوطنية من نتائج البحوث، ومشاركتها في الملتقيات والمؤتمرات العلمية، وأقرب مثال على تعاون المدينة مع الشركات الرائدة، تنظيم المدينة للملتقى السعودي لتقنيات استكشاف البترول والغاز بالتعاون مع وزارة البترول والثروة المعدنية، وبمشاركة فاعلة من شركة أرامكو السعودية التي تولت رئاسة اللجنة العلمية في هذا الملتقى.

* لا يتضح لنا تواصل المدينة الفاعل مع الغرف التجارية والمؤسسات التجارية والصناعية. إلى أي مدى يجري الاستعانة بهذه المؤسسات او التعاون معها لتحقيق أهداف المدينة؟ ـ التعاون مع الغرف والمؤسسات التجارية والصناعية قائم ومستمر، ولعل أبرز دليل على ذلك ما أعلنت عنه المدينة مؤخراً من تشكيل المجلس الاستشاري لرجال الأعمال في المملكة الذي يضم نخبة من كبار رجال الأعمال يمثلون غرف تجارية ومؤسسات وشركات خاصة كبرى، حيث تم خلال الاجتماع الأول للمجلس الذي عقد في رحاب المدينة، طرح نقاشات جادة وتبادل للرؤى والمقترحات بين المسؤولين في المدينة ورجال الأعمال حول دور مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في المجتمع وعلاقتها بكافة شرائحه، وطرق تفعيل هذا الدور، ونشر الثقافة العلمية بين أفراد المجتمع، ومهام المدينة الأخرى في نقل وتوطين التقنيات الحديثة. كما تتعاون المدينة مع العديد من الشركات والمؤسسات التجارية من خلال فرق عمل التقنيات الاستراتيجية ذات الأهمية للمملكة التي ترأسها المدينة، وتضم بين أعضائها ممثلين لشركات القطاعين العام والخاص، ومن ذلك تعاون هذه الجهات في إنشاء حاضنات التقنية ومراكز التميز، وقد تم في هذا الشأن الإعلان مؤخراً عن إنشاء المدينة حاضنة الأعمال الوطنية لتقنية المعلومات والاتصالات «بادر» ومن أبرز شركاء المدينة في تأسيس وإطلاق خدمات الحاضنة الشركة السعودية للاتصالات، والبنك السعودي للتسليف والادخار، اللذان يشكلان مع المدينة ركائز نجاح وانطلاق أعمال الحاضنة. كما تشارك الغرفة التجارية الصناعية بالرياض وعدد من مؤسسات القطاع الخاص في هذه الحاضنة.