جعجع يتهم المعارضة بالعمل على إرجاع النفوذ السوري ولحود يحذر من «أخطار كبيرة»

السجال متواصل في لبنان بانتظار نتائج التحقيق في أحداث الشياح الدامية

TT

تواصلت في لبنان امس السجالات السياسية والاعلامية على خلفية الاحداث الدامية التي وقعت في منطقة الشياح في ضاحية بيروت يوم الاحد الماضي. وفيما اتهم رئيس الهيئة التنفيذية لـ «القوات اللبنانية» سمير جعجع المعارضة بالعمل «لتقويض مؤسسات الدولة وارجاع النفوذ السوري الى لبنان»، حذر الرئيس اللبناني السابق اميل لحود من «ان لبنان سيواجه اخطاراً كبيرة اذا لم نصل الى حل قريب». أما المرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله، فنبه الى ان «ظلم اي فريق في لبنان سيصيب الجميع»، منتقداً وضع البعض «التظاهرة المطلبية في سياق حالات الشغب».

وقد صرح جعجع بعد استقباله امس وفداً من اطباء الاسنان في قوى 14 آذار، «ان خطة المعارضة تقويض كل مؤسسات الدولة الدستورية لإحداث الفراغ والفوضى وارجاع النفوذ السوري الى لبنان».

وقال الرئيس السابق إميل لحود في حديث متلفز: «ان اللبنانيين انتصروا على اسرائيل حين كانوا رزمة واحدة في حرب تموز، ويجب ان يكونوا كذلك اليوم حتى نتمكن من تجاوز الاخطار المحدقة بلبنان وعلى رأسها مسألة التوطين». ولفت الى «ان الولايات المتحدة الاميركية لا يمكن ان تفضل لبنان على اسرائيل، وهذا ما يجب ان يقتنع به من لا يزال يراهن في الداخل على الولايات المتحدة الاميركية»، معتبرا «ان لا حل للازمة الراهنة الا باتفاق اللبنانيين بين بعضهم، وتقديمهم مصلحة لبنان على اي مصلحة اخرى». وحذر من انه «اذا لم نصل الى حل في وقت قريب، فسيواجه لبنان اخطارا كبيرة، وهذا ما لا نريد الوصول اليه». وفي خطبة الجمعة تطرق فضل الله الى الوضع في لبنان فقال: «إن أول الكلام فيه هو الرصاص الذي ينطلق ردا على من يتظاهر مطالبا بحقوقه المدنية والشرعية ليكون الرصاص الأمني والعسكري هو جزء من الرصاص السياسي الذي ينطلق تارة في التصريحات والمواقف السياسية، وقد رأينا أن البعض وضع التظاهرة المطلبية في سياق حالات الشغب التي لا بد من مواجهتها».

وأضاف: «ان العالم كله يشرع للناس اللجوء إلى التظاهر السلمي للاحتجاج على الأوضاع السلبية التي قد تنطلق من خلال سياسة هذه الحكومة أو تلك، حتى إذا تفاقمت الأوضاع تدخلت السلطة من خلال خراطيم المياه أو الأساليب التي تحرص على حياة الناس، وقد رأينا في ضواحي العاصمة الفرنسية كيف أن مئات السيارات أحرقت ولم يسقط متظاهر واحد برصاص قوى الأمن، ولم يصدر من السياسيين الفرنسيين والسلطات هناك أية مواقف تضع القضية في نطاق الصراع السياسي». وقال: «من اللافت في لبنان الذي يتحدث فيه الكثيرون عن الدولة التي تحمي المواطن وحدها، إن هذه الدولة بحكوماتها لم تستطع اكتشاف أحد من المجرمين المسؤولين عن الاغتيالات والتفجيرات منذ بداياتها، في اغتيال الرئيس رفيق الحريري مع امتلاكها للمزيد من القوى الأمنية، حتى أن لجان التحقيق الدولي لم تستطع الوصول إلى أية نتيجة حاسمة، بل يحاول البعض إلقاء المسؤولية على الاستخبارات. ولكن السؤال لماذا لم تكتشف الاستخبارات المحلية الرسمية والحزبية بعض هؤلاء الذين يمارسون الجريمة من الخارج، فيعمدون إلى توجيه التهمة في الصراع السياسي إلى هذا الفريق أو ذاك، من دون دليل قضائي ليزيدوا النار اشتعالا؟». ودعا فضل الله «وسائل الاعلام في لبنان، بصرف النظر عن هويتها وانتماءاتها» لان «تتوخى الحقيقة في ملاحقاتها ومتابعاتها لكل الأحداث، وأن تتقي الله في تغطيتها الخبرية وفي برامجها، وأن لا تصب الزيت على النار في عملية توظيف سياسي أو مذهبي أو طائفي أو حزبي لأن من شأن ذلك أن يحرق البلد كله لا أن يحرق فريقا بعينه». محذراً من «ان الظلم الذي يلحق بأي فريق في لبنان سيصيب الجميع بطريقة وأخرى...».

بدوره، طالب نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان بـ «الاسراع في التحقيق، لا التسرع، وان يحكم بالعدل». وقال: «ان ما جرى في منطقة مار مخايل ظلم لا يغتفر لأنه قتل للنفس التي حرم الله، لذلك نطالب بالسرعة في التحقيق لا التسرع وان يحكم بالعدل... ونريد ان نحافظ على المؤسسات وأولا الجيش، ولا نقبل ان تخترق هذه المؤسسة. نريدها محصنة وممانعة وقوية حتى يعود الجميع اليها في التحكيم». وأضاف: «نحن لسنا فوضويين ولا ارتجاليين ولا نستورد أوامرنا من الخارج لا من القريب ولا من البعيد، إنما نستمد اوامرنا والتزاماتنا من الله ومن النبي محمد ومن تعاليمنا الدينية».

واستقبل قبلان، امس، وفداً من قيادة الجيش برئاسة رئيس الاركان اللواء شوقي المصري الذي قدم باسم قائد الجيش العماد ميشال سليمان التعازي للشيخ قبلان بضحايا احداث الاحد الدامي. وأكد المصري «جدية التحقيق وشفافيته، وانجازه بأسرع وقت ممكن، لتبيان الحقيقة وتحديد المسؤوليات واتخاذ الاجراءات المناسبة، وحرص الجيش على امن المواطنين وسلامتهم، واستعداده لتقديم اي تضحية في سبيل ذلك».

وقال رئيس الحكومة الاسبق سليم الحص: «ان الكارثة التي حلت بلبنان بوقوع أحداث الاحد الاسود لا يمكن تجاوزها إلا بإجراء تحقيق عادل وشفاف وإعلان نتائجه. والمطمئن ان قيادة الجيش مهتمة جديا في هذا الشأن والمؤشرات تبدو هذه اللحظة مشجعة. ويهمنا أن تبقى مؤسسة الجيش الموثوق بها موضع رهاننا جميعا في الحفاظ على السلم الاهلي في مرحلة هي في منتهى الخطورة، في غياب الشرعية الجامعة والمؤسسات الفاعلة كاد ان لا يبقى من الدولة سوى الجيش كمؤسسة فاعلة، فلا نفرطن به».

ودعا الرئيس السابق للوزراء نجيب ميقاتي، خلال لقائه وفوداً شعبية الى «الاتعاظ من الاحداث التي حصلت الاحد الفائت، والابتعاد عن لغة التصعيد التي تباعد بين الناس وتزيد الشحن في النفوس». وأضاف: «يخطئ من يعتقد من القيادات انه قادر على استنهاض اللبنانيين للدخول مجددا في صراعات طائفية وسياسية، لان الغالبية الساحقة من ابناء هذا الوطن اخذت العبر من التجارب الماضية ولا تريد سوى العيش بامان في وطن هادئ ومستقر، وفي كنف دولة عادلة لجميع ابنائها».

ودعا رئيس تيار «المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية الى «اليقظة والوعي، وعدم التهور لتفويت الفرصة على الفتنة والساعين الى حصولها». وشدد على «العلاقة الجيدة مع الجميع لاسيما مع طرابلس والمناطق الاسلامية المجاورة لانهم اهلنا وعلينا الانفتاح عليهم والتفاهم معهم». وقال: «لولا وعي قيادتي حركة «امل» و«حزب الله» لكانت وقعت الفتنة في البلد»، مشيرا الى «انه علينا ان لا ننجر وان نتحلى بالوعي».

وطالب عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ابراهيم كنعان، بـ«التحقيق الجدي والفوري والشفاف في أحداث مار مخايل، لأن الحادث ليس حادثا إرهابيا مدبرا، بل حادث حصل أمام أعين الناس جميعا، وتاليا عملية تحديد المسؤوليات يجب أن تحصل ولا مبرر لعدم تحديدها، لكونها تؤدي إلى غرضين: الأول تأمين حقوق هؤلاء المواطنين، وثانيا الحفاظ على استقرار لبنان ومنع الفتنة الداخلية».

وتحدث النائب عاطف مجدلاني (تيار المستقبل) عن حملة يتعرض لها الجيش لـ«اخضاعه لمشيئة من اعتاد التهويل والتهديد والوعيد». واتهم المعارضة بمحاولة تهميش قائد الجيش العماد ميشال لـ«ايصاله ضعيفاً الى (القصر الجمهوري) في بعبدا او لقطع الطريق عليه».