الجيش الأميركي يشيد بالقضاء على أبي الليث الليبي و«القاعدة» تنعاه وتتعهد بمواصلة القتال

خبراء: مقتل الليبي نجاح محدود لأميركا في حربها ضد تنظيم بن لادن على الأرض

TT

أشاد رئيس اركان الجيش الاميركي الاميرال مايكل مولن اول من امس «بالقضاء على أحد قادة القاعدة» الذي قتل الثلاثاء بصاروخ اميركي في المناطق القبلية في شمال غرب باكستان. وصرح مولن «ان القضاء على شخص كهذا يشكل انجازا مهما في هذه الحرب الطويلة»، مضيفا ان الولايات المتحدة ستتعاون مع باكستان لملاحقة قادة اخرين في «القاعدة» يمكن ان يكونوا لجأوا الى المنطقة الحدودية الباكستانية الافغانية. واضاف «اعتقد ان هذه الغارة كانت مهمة جدا وفتاكة». واعلن مولن انه سيتوجه قريبا الى اسلام اباد للقاء مسؤولين باكستانيين ورفض تقديم المزيد من التفاصيل حول العملية التي ادت الى قتل ابو ليث الليبي الثلاثاء في ولاية وزيرستان الشمالية. واكد ضباط في الاستخبارات الباكستانية ومسؤول غربي في واشنطن مقتل ابو ليث الليبي الذي اعلن مساء الخميس على موقع انترنت قريب من «القاعدة».

وافيد عن مقتل الليبي، احد اهم القادة التابعين لاسامة بن لادن، برفقة 12 اخرين، هم ستة عرب وستة من اسيا الوسطى. غير ان مولن اكد ان الولايات المتحدة مازالت قلقة من لجوء عناصر من «القاعدة» الى المناطق القبلية المتاخمة لافغانستان. واكد ان «التمكن من احراز نتائج في تلك المنطقة الملجأ مهم. وتعهد بالتعاون مع الباكستانيين من اجل ذلك». واضاف «انها احد اسباب لقائي المرتقب مع الجنرال (اشفاق) كياني»، قائد الجيش الافغاني الجديد. وجاءت تلك التصريحات بعد إعلان الاستخبارات الباكستانية مقتل الليبي برفقة 12 مسلحا هم ستة عرب وستة من آسيا الوسطى. وكان الجيش الباكستاني أعلن أن القبائل دفنت على الفور جثث أشخاص لقوا حتفهم جراء إطلاق الصاروخ بالمناطق القبلية شمال غربي البلاد، وأنه لا يمكن تأكيد ما إذا كان مسؤول «القاعدة» من بينهم. وفي واشنطن أكد مسؤول غربي طلب عدم الكشف عن هويته وجود «مؤشرات قوية» على مقتل أبو الليث الليبي الذي يعتقد أنه الرجل الثالث في «القاعدة» بعد زعيم التنظيم أسامة بن لادن ونائبه أيمن الظواهري، دون أن يدلي بمزيد من التفاصيل. وكان مركز الفجر الإعلامي التابع للقاعدة «هنأ الأمة الإسلامية» فيما وصفه «باستشهاد الشيخ أبو الليث القاسمي الليبي مع ثلة من إخوانه على ثرى باكستان».

ويشتبه في ضلوع الليبي بتفجير انتحاري أدى إلى مصرع 23 شخصا أمام قاعدة باغرام الجوية قرب كابل بأفغانستان، أثناء زيارة ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي للقاعدة في شباط فبراير 2007. وفي مايو (أيار) الماضي ظهر الليبي في شريط مصور على الإنترنت قال فيه إن تنظيم «القاعدة» مستعد للتفكير في تبادل أسرى مع دول غربية، مشيرا بالتحديد إلى أحد الإسلاميين المعتقلين في بريطانيا.

من جهة اخرى قال محللون ان الهجوم الجوي بطائرة دون طيار الذي قتل فيه الليبي على ما يبدو في منطقة نائية بباكستان أظهر أن للولايات المتحدة ذراعا عسكرية طويلة ومصادر مخابرات تمكنها شن هجوم دقيق على هدف محدد بموافقة باكستان. لكن من غير المرجح مشاركة الولايات المتحدة في هجوم بري على معاقل «القاعدة» على طول الحدود الباكستانية الافغانية فالرئيس الباكستاني برويز مشرف عارض ذلك علنا كما أن الجيش الباكستاني قد لا يكون قادرا على شن عمليات مؤثرة في عمق المناطق القبلية الحدودية. وقال سيث جونز وهو محلل في شؤون الارهاب في مؤسسة راند الاميركية للابحاث والعائد للتو من المنطقة الحدودية في باكستان: «الترتيب الذي تم التوصل اليه على ما يبدو بين الولايات المتحدة وباكستان هو أنه لا مانع من التعاون لشن هجمات موجهة ضد زعماء «القاعدة». واستطرد قائلا «لكن هناك ما يمنع في اللحظة الراهنة أن تقوم القوات الاميركية بالتطهير والسيطرة على أراض تسيطر عليها «القاعدة» أو جماعات مرتبطة بـ«القاعدة» في باكستان». ونفت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) الاشتراك في الهجوم كما رفضت وكالة المخابرات المركزية التي تشرف على هجمات تشنها طائرات دون طيار التعليق. وجاء الهجوم في أعقاب ضغوط مارسها في الاسابيع الاخيرة مسؤولون أميركيون لتوسيع التعاون مع باكستان التي زارها في الشهر الماضي كل من مايكل هايدن مدير وكالة المخابرات المركزية ومايكل مكونيل مدير المخابرات القومية والاميرال وليام فالون قائد الجيش الاميركي في المنطقة. ولم يتضح ان كان الهجوم الذي استهدف الليبي نتيجة مباشرة لهذه الضغوط لكن جونز قال: «كانت هناك اتصالات مستمرة على مدى الشهرين الماضيين. وذلك قرع للطبول قادم من واشنطن بضرورة تصعيد الحملة ضد «القاعدة». وقال جونز ان سلسلة من المؤامرات ضد أهداف غربية في باكستان المرتبطة بتنظيم «القاعدة» أثارت احساسا بالالحاح في الولايات المتحدة ولدى حلفائها في حلف شمال الاطلسي. وأضاف أن النشاط الذي يستهدف زعماء «القاعدة» في معاقلهم كان: «في حده الادنى» جزئيا لان المسؤولين الاميركيين كانوا يخشون استفزاز المزيد من المشاعر المعادية لاميركا بين السكان.

وقال محللون ان المشاركة الاميركية اقتصرت على تدريب قوات الامن الباكستانية وتقديم معدات مثل معدات الرؤية الليلية وجمع معلومات المخابرات.

وقوبلت هجمات مماثلة بطائرات دون طيار استهدفت زعماء للقاعدة بمعارضة في باكستان عندما قتل مدنيون خلالها. وقال هنري كرامبتون الذي قاد عمليات وكالة المخابرات المركزية في أفغانستان عندما طرد تنظيما «القاعدة» و«طالبان» في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001، ان باكستان كانت متعاونة. لكنها تفتقر للسيطرة على المنطقة ويتعين عليها أن تتحسب لحقيقة أن «القاعدة» وطالبان تحتفظان بسيطرة قوية على القبائل الحدودية من خلال الترويع والتحالفات كما تزيد السياسة القومية المضطربة في باكستان من صعوبة اقدام الحكومة والجيش على القيام بتحرك حاسم. وقال كرامبتون لرويترز ان ضربات وجهت لقيادة «القاعدة» هي احدى ركائز استراتيجية ثلاثية لازمة لتحييد التهديد الذي تمثله الجماعة. والركيزتان الاخريان هما حرمانها من الملاذ الامن والتصدي وتلبية الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة لكسب تأييد القبائل. وقال في كلمة في الشهر الماضي: «عندما نرى تقدما في هذه المجالات الثلاثة جميعا في أراضي القبائل اعتقد حينئذ أننا سنجد تقدما ما حقيقيا». وتابع قائلا: «لا يمكننا الانتظار. نحن في حاجة للتصدي لهذه القضية لان الامور تزداد سوءا ولا تتحسن».