يعد سوق أريزونا في شمال البوسنة أكبر الأسواق الشعبية في البلقان، حيث يزوره يوميا أكثر من 50 ألف زائر، من دول البقان مثل البوسنة وألبانيا وصربيا وكرواتيا والجبل الاسود وكوسوفو ومقدونيا ورومانيا وبلغاريا وبعض دول البلطيق، وعدد من الدول الاوروبية الاخرى بما في ذلك التجار الايطاليين والبولنديين والنمساويين والسلوفينيين وغيرهم. وقد تم بناء السوق في شكل تلقائي في أعقاب الحرب البوسنية 1992 – 1995، وسرعان ما بدأ يتوسع تدريجيا حتى بلغ اليوم مساحة 60 هكتارا، تعج بآلاف التجار داخل المحلات أو على عربات ذات عجلات ثنائية ورباعية.
ويوصف السوق بأنه جمهورية للتهريب باشكاله المختلفة، ويباع فيه السكر إلى جانب الكلاشنيكوف كما تباع فيه الكلاشنيكوف إلى جانب البصل والبطاطا. كما أنه سوق لبيع السيارات والقمصان والساعات والمخدرات والرقيق الابيض.
الجهات الدولية وبالاتفاق مع السلطات المحلية ارتأت الإبقاء على السوق بل تنظيمه وتوسيعه بشكل لا يخل بطبيعته الشعبية، فهو أكبر تجمع للإثنيات في البلقان، وكان المكان الاول الذي استطاع فيه الصرب والبوشناق الالتقاء والتفاهم بلغة واحدة هي لغة التجارة. فهو سوق تتعايش فيه الاثنيات والسلع القادمة من مختلف الجهات. وقد عهد للشركة الايطالية البوسنية، ايطاليا بروجكت، بتحديث السوق دون أن يفقده ذلك مميزاته الشعبية، وتم استثمار 120 مليون يورو في هذا الخصوص، مقابل إدارة المركز لمدة 20 سنة.
وقال مدير شركة، ايطاليا بروجكت، أليكسندرولوتشيا لـ«الشرق الاوسط» سوق أريزونا أكبر سوق في منطقة البلقان فهو كما تعلمون يمتد على مساحة 60 هكتارا وقد قمنا بتشييد مبان تجارية فيها على مساحة 100 ألف متر مربع وتستضيف نحو 2500 من النشاطات التجارية، ويعمل هنا بشكل مستمر 5 آلاف شخص داخل السوق فقط إلى جانب حركة البضائع الكبيرة والخدمات» وتابع «يبيع العاملون هنا بضائعهم لحوالي 3 ملايين مستهلك» ويعج السوق بالماركات التجارية المزيفة ولاسيما الملابس، ولكن يمكن العثور على الاشياء الرخيصة، مثل بناطيل وجاكيتات الجينز، والتي لا يتجاوز سعرها 15 يورو وكذلك اقراص سي دي وغيرها. وقال يوفيتسا يوجيتش المدير الاداري لسوق أريزونا «عندما زرنا السوق أول مرة لتقييمه فكرنا في إعادة تنظيم السوق، وتزويده بالبنى التحتية الحديثة دون أن يفقد طبيعته، أي ما نصفه بالروح البلقانية، وهو أن يصبح حلا وسطا بين المركز التجاري الحديث وبازار الشرق»، وقد تم بناء 16 بناية تحيط بها مواقف للسيارات ومنطقة للمطاعم تحرسها شركات حراسة خاصة. وتمكنت الشركة الايطالية البوسنية من بيع 90 في المائة من المساحات المخصصة للتجارة، وهو ما يعتبره مديرو الشركة نجاحا كبيرا. ويعتبر سوق أريزونا إلى جانب خصائصة السالفة محركا للاقتصاد حيث يعمل به الآلاف من التجار والعاملين، بالاضافة إلى أكثر من 600 من عمال البناء حيث تشيد بناءات جديدة. وقد بلغت ارباح المركز في وقت قياسي 20 مليون يورو ويخطط لتأسيس سوق مجاور للخضروات على مساحة 50 ألف متر مربع. وقال يوجيتش «لم يحدد تاريخ لاستكمال المشروع النهائي، كنا ندرك بأن الحصول على عمل سيكون من أولويات السكان بعد الحرب، فبدأنا هذه الآلية ونأمل أن يتوسع المشروع ويلقى المزيد من الاقبال». وكان السوق قد تم افتتاحه من قبل دونالد هايس نائب الممثل الدولي الأسبق في البوسنة بادي آشداون ورئيس الوزراء البوسني الأسبق عدنان ترزيتش وعدد من رؤساء البعثات الدبلوماسية الدولية. ويقع سوق أريزونا في مقاطعة بريتشكو شمال البوسنة، والذي يعد أكبر سوق شعبي في منطقة البلقان بأسرها، ويؤمه تجار من مختلف دول البلقان بالاضافة لعدد من التجار الآسيويين ولاسيما الصينيين ومن القوقاز أيضا. ويباع في السوق كل شيء تقريبا بدءا بالمواد الغذائية والأجهزة الالكترونية ووصولا للرقيق الابيض والمخدرات، وإن كان ذلك يتم بشكل غير رسمي. ويزيد عدد محلات البيع في السوق الذي يقع على مساحة 30 ألف متر مربع عن 3 آلاف محل، وكلفت عملية الترميم والاصلاحات التي أدخلت على السوق 100 مليون مارك بوسني أي ما يعادل 50 مليون يورو، فيما تبلغ قيمة مبيعاته في اليوم أكثر من مليون يورو. وتقام على أطراف السوق فنادق ومراكز تجارية راقية، ومراكز رياضية، وذلك في المرحلة الثانية من المشروع. ويعد سوق أريزونا أحد الروافد الاقتصادية لمنطقة بريتشكو والبوسنة بأسرها.