صربيا تتخلى عن الحظر الاقتصادي ضد بريشتينا.. وروسيا تبلغ واشنطن بأن القرار «غير مقبول»

التظاهرات المعارضة للاستقلال تجبر قوات حفظ السلام على إغلاق معبرين حدوديين

رجل يقود عربة خيل في جنجلاني في كوسوفو ويبدو خلفه حائط رسمت عليه أعلام البلدان التي دعمت استقلال الاقليم وكتبت تحتها عبارات الشكر (أ ب)
TT

في وقت تتوالى فيه الاعترافات الدولية باستقلال كوسوفو، تعمّ التظاهرات الرافضة للاعتراف باستقلال الاقليم الجهة الصربية من كوسوفو. وتظاهر أمس اكثر من ألف طالب في ميتروفيتسا، المدينة المقسمة عرقيا في شمال كوسوفو التي تقطنها غالبية صربية، احتجاجا. ولوح الطلبة رافعين أعلاما صربية، ايضا بأعلام اسبانيا للتعبير عن شكرهم لها لعدم الاعتراف باستقلال كوسوفو. وكتب على لافتات حملها المتظاهرون «كوسوفو هي صربيا»، ووزع الطلبة منشورات تدعو الى دعم التظاهرات التي قرروا تنظيمها كل يوم حتى 17 مارس (آذار) تاريخ اعمال العنف العرقية ضد الصرب في 2004 التي أوقعت 19 قتيلا وأكثر من 900 جريح. وكتب في أحد هذه المنشورات «ان الكفاح من اجل العدالة والحقيقة لم ينته». وجرت التظاهرة دون حوادث.

واضطرت قوات حفظ السلام التي يقودها حلف شمال الاطلسي (الناتو) في كوسوفو الى اغلاق معبرين حدوديين باتجاه صربيا، وعززت وجودها في المنطقة بسبب «تصاعد الوضع» على الجانب الاخر. وصرح متحدث باسم الشرطة في كوسوفو، فيتون الشاني، لوكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ) بأن قوات حفظ السلام الدولية التي يقودها الحلف في كوسوفو (كي فور) تسلمت مسؤولية السيطرة على المعبرين من شرطة الإقليم والشرطة الدولية قبل وقت قصير من ظهر أمس.

وأضاف أن «هناك معبران حدوديان في شمال كوسوفو مغلقان في منطقتي يانين وليبوسافيتش بسبب الوضع بالغ الخطورة الذي يشهد تصاعدا هناك». وكان أحد المعبرين على الجانب الصربي تعرض لحريق في حين نسف الاخر في انفجار. وقال الشاني، إن «الشرطة انسحبت بشكل تام من الموقعين وتتولى كي فور المسؤولية الان».

وقال المتحدث باسم القوات الدولية الكولونيل برتراند بونو للوكالة: إن «كي فور» أرسلت تعزيزات للشمال.

وأضاف «نرسل تعزيزات لشمال كوسوفو بعد هذين الحادثين.. أقمنا نقاط تفتيش في المنطقة وسنستخدم كافة الوسائل الضرورية للسيطرة على الوضع».

وفي خطوة ذات دلالات كبيرة أعلنت بلغراد أمس أنها لن تفرض عقوبات على كوسوفو بسبب الاستقلال. وقال وزير التجارة الخارجية الصربي بريدراغ بوبالو «لن تكون هناك أي عقوبات أو اجراءات اقتصادية ضد كوسوفو» وبذلك وضع حدا للجدل الدائر حول دور الحصار الاقتصادي في النيل من الاستقلال المعلن في كوسوفو.

وأمام تصاعد العنف والتظاهرات في كوسوفو، حذرت روسيا من مخاطر استقلال كوسوفو، وأبلغ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نظيرته الاميركية كوندوليزا رايس ان اعلان استقلال كوسوفو «غير مقبول» و«خطير»، حسب ما جاء في بيان رسمي روسي. وبعد أن فشلت صربيا وروسيا أول امس في دفع مجلس الأمن الدولي الى إلغاء اعلان استقلال كوسوفو، توالت الاعترافات الدولية بالاستقلال أمس. فبعد الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا وألبانيا وايطاليا وبلجيكا، أعلنت استراليا أمس اعترافها باستقلال كوسوفو كدولة مستقلة ذات سيادة، علما بأن أفغانستان أول دولة تعترف باستقلال كوسوفو. ويتوقع أن تعترف 17 دولة أوروبية باستقلال كوسوفو قبل نهاية الأسبوع الجاري. الا ان رئيس الكتلة البرلمانية المحلية للحزب المسيحي الاجتماعي البافاري في ألمانيا بيتر رامزاور عبر عن تشككه إزاء جدوى الاعتراف باستقلال كوسوفو. وقال «إن استقلال كوسوفو لن يحل أي من المشكلات القائمة».

وأضاف رامزاور رئيس الكتلة البرلمانية المحلية للحزب البافاري الشريك الأصغر في الائتلاف الحاكم الذي تتزعمه المستشارة أنجيلا ميركل: «نحن بعيدون كل البعد عن دولة كوسوفو المستقلة القادرة على إدارة شؤونها».

وحذر من المبالغة في الحماس بهذا الاستقلال. وفي المقابل أشار رامزاور إلى أن الاعتراف باستقلال كوسوفو أمر لا مفر منه لعدم وجود «بدائل حكيمة» لذلك.

إلى ذلك، استقبل الرئيس ورئيس وزراء كوسوفو فاطمير سيديو وهاشم تاتشي أمس في بريشتينا ممثلي الدول التي اعترفت مباشرة باستقلال كوسوفو. وفي إطار المساعي الأوروبية للحفاظ على الأمن والاستقرار في كوسوفو بعد اعلان الاستقلال، وصل أمس إلى بريشتينا المنسق الأعلى للشؤون الأمنية والعلاقات الخارجية بالاتحاد، خافيير سولانا الذي أجرى محادثات مع رئيس البرلمان في كوسوفو. وجدد سولانا في بريشتينا «مسؤولية الاتحاد الاوروبي حيال الأمن والاستقرار في منطقة البلقان، كما أكد على ارسال البعثة الاوروبية المكونة من 2000 عنصر منهم 1400 من قوات الشرطة الخاصة. ودعا سولانا جميع سكان كوسوفو للهدوء، وقال إن «مستقبل صربيا وكوسوفو في الاتحاد الاوروبي». وأدان سولانا أعمال العنف في صربيا وشمال كوسوفو والتي طالت السفارتين الاميركية والسلوفينية ومطعم ماكدونالدز.

وجدد الرئيس ورئيس الوزراء في كوسوفو مطالبة المجتمع الدولي الاعتراف باستقلال كوسوفو. وقالت الدبلوماسية الاميركية تينا كايدنو في بريشتينا إن «الولايات المتحدة الاميركية حيت استقلال كوسوفو، واعترفت بها دولة مستقلة». من جهته، أعلن الرئيس فاطمير سيديو أن بلاده ستقوم بدورها بفتح سفارات في الدول التي اعترفت أو ستعترف باستقلال كوسوفو. وكان وزير خارجية ألمانيا فرانك فالتر شتاينمير قد أكد على أن هناك «17 دولة أوروبية ستعترف باستقلال كوسوفو في وقت قياسي». وأعلن أن بلاده ستعترف اليوم 20 فبراير باستقلال كوسوفو بعد جلسة البرلمان المقررة لهذ الغرض. ووصف وزير خارجية ألمانيا كوسوفو بأنها «ستكون دولة تحترم فيها الأقليات وحقوق الانسان». وقال وزير خارجية السويد كارل بيلت إن معظم الدول الاوروبية ستستكمل اعترافها باستقلال كوسوفو في نهاية فبراير أو بداية مارس المقبل. وقال وزير خارجية ايطاليا إن بلاده «تستعد للاعتراف باستقلال كوسوفو، وان ايطاليا تعترف باستقلال كوسوفو وفق الأنظمة الدولية. وقالت وزيرة الخارجية النمسوية أرسولا بلاسنيك «النمسا ستكون من بين الدول الأولى التي ستعترف باستقلال كوسوفو»، وتابعت «المسألة تتعلق بالتوقيت وبمواعيد جلسة البرلمانات أو الحكومات». وزير خارجية بلغاريا أكد من جانبه على أن بلاده ستعترف باستقلال كوسوفو «في غضون أسابيع قليلة». وأعلن وزير خارجية التشيك كاريل شفاتسينبارغ أيضا أن بلاده ستعترف باستقلال كوسوفو ولكنها لن تستعجل في ذلك»، سنعترف باستقلال كوسوفو عندما نرى معظم الدول الاوروبية فعلت ذلك «بينما لاتزال اسبانيا وقبرص ورومانيا وسلوفاكيا تعارض استقلال كوسوفو أو تتحفظ عليه. على صعيد آخر كشف أمس عن العلم الكوسوفي الجديد وهو بخلفية زرقاء مرسوم عليه خارطة كوسوفو و6 نجوم فوقها ترمز للأقليات العرقية في الدولة الجديدة.