إرجاء محاكمة مسؤولين صدريين.. ومسؤول أميركي: 7 من الشهود تلقوا تهديدات بالموت

الصدر يدعو الحكيم إلى حل المشاكل العالقة.. ومتحدث باسمه: هناك سياسة تهميش ضدنا

أطفال حاكم الزاملي ينظرون الى صورته في منزلهم بمدينة الصدر ببغداد اول من أمس (أ.ب)
TT

أعلنت المحكمة الجنائية العراقية، أمس، إرجاء محاكمة اثنين من المسؤولين السابقين في التيار الصدري في وزارة الصحة العراقية متهمين بالتورط في جرائم خطف وقتل وأعمال عنف طائفي، فيما دعا التيار الصدري أمس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الى اتخاذ خطوات لحل «المشاكل العالقة بين الطرفين»، مؤكدا أن تصريحاته الأخيرة لا تعني إنهاء الاتفاق الموقع بين الجانبين.

وأعلن القاضي عبد الستار عبد الغفور الناطق باسم المحكمة الجنائية العراقية، أن محاكمة اثنين من مسؤولي التيار الصدري، العاملين في وزارة الصحة العراقية، أرجئت الى الثاني من مارس (آذار) لأن «عددا كبيرا من الشهود لم يأتوا»، مشيرا الى انه يجهل سبب غيابهم. من جانب آخر، أعلن محام عسكري أميركي أن «سبعة من أصل الشهود التسعة تلقوا تهديدات بالموت».

واتهم حاكم الزاملي الذي كان يتولى منصب وكيل وزارة الصحة والعميد حامد الشمري في قيادة قوات أمن الوزارة، بقتل خمسة أشخاص من السنة وخطف خمسة آخرين.

واعتقل الرجلان في فبراير (شباط) ومارس 2007. وكان مصدر قضائي قد أفاد بأن شهودا عيان أكدوا خلال التحقيق أن الرجلين شكلا ميليشيا شيعية كانت تقتحم المستشفيات الحكومية لخطف الجرحى والمرضى من العرب السنة تحت تهديد الأطباء والعائلات التي وجدت لزيارة أبنائها.

وهذه المحاكمة وهي الاولى من نوعها التي تطول مسؤولين شيعة منذ تولي حكومة شيعية السلطة في العراق وهي تجري وسط إجراءات أمنية مشددة في الجانب الشرقي من بغداد، وفقا لمصادر في الجيش الاميركي.

وأوضح الجيش الأميركي أنه يشتبه في ان الزاملي متورط «في مقتل العديد من المسؤولين في وزارة الصحة» بينهم المدير العام لصحة محافظة ديالى (شمال شرقي بغداد). كما اتهم الزاملي بالتواطؤ مع عدد كبير من عناصر جيش المهدي للعمل في الوزارة والاستعانة بسياراتها في اختطاف وقتل العرب السنة. وردا على المحاكمة أعلن لواء سميسم رئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري الاثنين، ان «الاتهامات الموجهة للتيار الصدري عارية عن الصحة جملة وتفصيلا، والأمر ينطبق على جميع الوزارات التي يتولى التيار مسؤوليتها». وأضاف «نرفض الاتهامات التي تحاول تشويه الخط الصدري ولا تستند الى حقائق تذكر». ووفقا لصحيفة «نيويورك تايمز» فان التحقيق الأول شمل تسعة من شهود العيان بينهم من حصل على تأشيرة لمغادرة العراق والعيش في الولايات المتحدة لحمايته.

من ناحية ثانية، دعا التيار الصدري المجلس الاعلى الاسلامي العراقي بزعامة عبد العزيز الحكيم الى حل المشاكل العالقة. وقال الشيخ صلاح العبيدي الناطق باسم رجل الدين الشاب مقتدى الصدر من مدينة النجف (160 كلم جنوب بغداد) حيث مقر الصدر «نحذر من مغبة عدم اتخاذ المجلس الأعلى ما يلزم من خطوات لحل المشاكل العالقة بين الطرفين».

وكان التيار الصدري قد أبرم اتفاقا مع المجلس الأعلى الإسلامي العراقي بزعامة عبد العزيز الحكيم مطلع اكتوبر (تشرين الاول)2007، بهدف «تفادي إراقة الدم العراقي وحفظ المصالح العليا للبلاد».

وحذر نصار الربيعي رئيس الكتلة الصدرية في مجلس النواب، المجلس الاعلى من ان «الاتفاق المبرم بين التيار الصدري والمجلس الاعلى فشل وفقد فاعليته»، لكنه اوضح ان «التصريحات التي اطلقها التيار الصدري لا تعني انهاء اتفاق الطرفين».

وتابع العبيدي ان «أهم نقاط الخلاف بين الطرفين تتمحور حول سياسة التهميش ضد أتباع التيار الصدري في عدد من مناطق الجنوب فضلا عن الاعتقالات التي تطول قيادييه»، حسبما اوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

وكان التيار الصدري الذي يتزعمه مقتدى الصدر (30 مقعدا في البرلمان) قد انسحب من الائتلاف العراقي الموحد الحاكم الذي يترأسه الحكيم في سبتمبر (ايلول) 2007.

وتصاعدت حدة التوتر بين «جيش المهدي» التابع لمقتدى الصدر و«منظمة بدر» التابعة للمجلس الاعلى الاسلامي العراقي. وقد حول النزاع بين الطرفين الشيعيين في مدينة الديوانية الى ساحة قتال في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي رغم التوصل الى ذلك الاتفاق.

ومن شأن انتخابات مجالس المحافظات التي تقرر إجراؤها في الاول من اكتوبر (تشرين الاول) أن تفصل بين الطرفين اللذين سيغتنمان الاشهر السبعة المقبلة لحسم مساندة الناخبين في جنوب البلاد، حيث غالبية السكان من الشيعة.

وتربط المجلس الاسلامي الأعلى علاقات وطيدة بإيران التي يزورها بشكل متكرر زعيمها عبد العزيز الحكيم الذي تستقبله ايضا واشنطن وترى فيه شريكا اساسيا. في المقابل يفتخر التيار الصدري بـ«عروبة» الطائفة الشيعية العراقية وكان زعيمها يعتبر من ألد اعداء القوات الاميركية في العراق. وأعلن مقتدى الصدر وقف إطلاق النار أحادي الجانب جمد بمقتضاه نشاط مقاتلي جيش المهدي في أغسطس (آب) الماضي لفترة ستة أشهر. ورحبت القيادة الأميركية بذلك واعتبرته عنصرا حاسما في خفض اعمال العنف خلال الأشهر القليلة الماضية.

ويتوقع ان يعلن مقتدى الصدر خلال الايام المقبلة مصير تلك الهدنة وإذا كان يريد تمديدها.

الى ذلك، قال جلال الدين الصغير، القيادي البارز في المجلس الاعلى الاسلامي لـ«الشرق الاوسط»، ردا على دعوة العبيدي إن «المجلس الاعلى لم يقطع الحوار مع أي طرف يريد الحوار معه ويراعي دوما الشروط الموضوعية في هذه الحوارات، كما ان المجلس لم يتسبب في تصدع أي حوار مع الفرقاء السياسيين من الكتل الاخرى».