سامراء.. بين إعادة إعمار المرقد العسكري وتهديدات المسلحين

هجرها ثلثا سكانها.. والجيش الأميركي يعتبرها أخطر مناطق العراق

طفلان يلعبان بأسلحة بلاستيكية في مدينة سامراء (رويترز)
TT

قبل سنتين وبالتحديد في 22 فبراير (شباط) 2006، انهارت القبة الذهبية لضريح «الامامين العسكريين» في سامراء (120 كلم شمال بغداد) بعد تفجيرها ما ادى الى اندلاع اعمال عنف طائفية استمرت اشهرا.

وعملية التفجير التي وقعت في منطقة سنية، استهدفت واحدة من اهم العتبات الشيعية، القبة الذهبية لمرقد الامامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء. وسقط خلال اعمال العنف التي تلت التفجير عدد كبير من القتلى. وتجري عملية ترميم لضريح العسكري في خطوة يرى البعض انها ترمز الى عودة الحياة الى تلك المدينة ومصالحة طوائف البلاد.

ويجلس عمال القرفصاء على حطام ثالث العتبات الشيعية المقدسة بعد كربلاء والنجف، وهم يجمعون ما تبقى من حطام الحجر المذهب والفسيفساء الذي سقط من القبة التي دمرتها قنبلة قوية زرعها عناصر فرع تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين. ووعدت منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة بمساعدة الحكومة العراقية باعادة بناء القبة والمئذنتين اللتين دمرتا في اعتداء ثان وقع في يونيو (حزيران) من نفس السنة.

واوضح عدد من سكان سامراء التي هجرها ثلثا سكانها وامتنع الزوار عن التردد على عتباتها حتى عمها البؤس، ان جهود الترميم تلك كانت تبدو مستحيلة قبل بضعة اشهر.

وقال حسام مجيد (22 سنة) البائع في محل للمجوهرات في سوق سامراء التي اصبح نصفها مهجورا «كان عدد كبير من الارهابيين يرتع هنا»، موضحا ان المدينة كانت تشهد «معارك واعتداءات يومية». وكانت المدينة قبل فترة قليلة معقلا لمقاتلين سنة ضد القوات الاميركية والعراقية وكانت الاشتباكات يومية. وقال مجيد «لكن الان تحسن الوضع ونأمل ان يفتح السوق من جديد كما كان». ويتوقع ان يؤدي ترميم المسجد الى عودة الزوار الى سامراء لتتوفر من جديد للمدينة مواردها. واكد حسام مجيد «ان ترميم الضريح فكرة جيدة. كان عدد كبير من الزوار يتوافدون على العتبة المقدسة».

وكانت القبة الذهبية قد بنيت عام 1905 في موقع ضريح قديم جدا للامام المهدي، الامام الثاني عشر لدى الشيعة الذي ولد في سامراء في القرن التاسع عشر. وتسبب الاعتداء في اندلاع اعمال عنف بين الطائفتين الشيعية والسنية اسفرت عن سقوط الاف القتلى ولم تهدأ الا مؤخرا.

وفي خضم العاصفة توقف الزوار عن التردد على سامراء فانهار اقتصادها وهاجر سكانها حتى انخفض عددهم من 360 الفا قبل خمس سنوات الى ما بين تسعين و120 الف نسمة حاليا.

لكن الهدوء الذي يسود فيها نسبي، اذ ان الوحدة الاميركية المكلفة السهر على امنها تقر بان سامراء ما زالت تعتبر من اخطر مناطق العراق. ويقول الكومندان جيم دور قائد العمليات في الفوج ان الجيش الاميركي استعاد السيطرة على المدينة مرتين في 2003 و2004 وتلاه الجيش العراقي عام 2005 قبل ان تسيطر عليها مجددا عناصر القاعدة.

وتخشى القوات الاميركية ان يلجأ مقاتلو القاعدة الذين دحروا في بغداد ومحافظة الانبار (شمال غرب) والمهددون بعملية واسعة النطاق في الموصل، الى سامراء. لكن في الوقت الراهن يشكو السكان خصوصا من الصعوبات الاقتصادية. وقال ابراهيم العباسي الموظف في مركز توزيع الطحين الى اللفتنانت مات براين الذي جاء يزوره «انك اميركي وتنظر الى سامراء على انها عتبة مقدسة للزيارة والحكومة كذلك». واضاف ان الحكومة «تخلت عن شعبها وتلعب بالدين وتتجاهل المشاكل الاقتصادية»، في رأي يجمع عليه كل العراقيين تقريبا.