لبنان يتأرجح بين الأمل باختراق تحققه عودة موسى وتداعيات الخطاب السياسي التصعيدي لأطراف الأزمة

المجلس الشيعي يناشد السعودية العودة عن منع رعاياها من السفر إلى بيروت

TT

بدت الساحة السياسية في لبنان أمس متأرجحة بين التخوف من تداعيات الخطاب التصعيدي الذي يتناوله أطراف الأزمة والآمال المعلقة على عودة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، المرتقبة خلال الأسبوع الحالي لاستكمال مهمته التوفيقية على قاعدة المبادرة العربية، وأيضا على نتائج المباحثات التي يجريها مسؤولون رسميون وسياسيون لبنانيون في الخارج، علما أن رئيس مجلس النواب نبيه بري عاد الى بيروت ليل الاثنين بعدما أمضى نحو أسبوع متنقلا في بعض العواصم الأوروبية.

وسجلت أمس مناشدة نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ عبد الأمير قبلان، المملكة العربية السعودية «العودة عن قرار منع رعاياها من زيارة لبنان»، وأن تبقى معه «في خندق المواجهة تدافع عنه وتعمل لمصلحة بنيه»، مؤكدا أن اللبنانيين «يحفظون دورها ويقدرون خدماتها. وهم على استعداد للتعاون معها».

وقد أجرى الشيخ قبلان اتصالا هاتفيا بالسفير السعودي في بيروت، الدكتور عبد العزيز خوجة، تمنى خلاله على المملكة «حض رعاياها على زيارة لبنان»، وقال تعليقا على النصيحة التي وجهتها وزارة الخارجية السعودية الى رعاياها بعدم زيارة لبنان: «هذا الخبر لافت لأن السعودية، من جلالة ملكها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الى كل القادة فيها والرعايا، تحسب على لبنان الذي يعتبر البلد الثاني للمملكة العربية السعودية. وعليها أن تعامل الشعب اللبناني كما تعامل شعبها. ونحن بدورنا نثمن للمملكة ما قدمته الى الشعب اللبناني من خدمات ومساعدات واهتمام. ونطالبها بأن تبقى مع لبنان في خندق المواجهة تدافع عنه وتعمل لمصلحة بنيه وتوحد صفوفه وتبتعد عن كل ضرر يصيبنا ويصيبها، فهي المرجع العربي. لذلك نتمنى أن تعود عن قرارها لأن اللبنانيين يحفظون دورها ويقدرون خدماتها». كذلك طالب «جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز بأن يبقى ساهرا وعينا مراقبة لحفظ لبنان وشعبه. و نتمنى للسعودية كل الخير... ونحن نعتبر أنفسنا جندا لهذه الأمة العربية لقتال إسرائيل. وعلينا أن نبقى مع المقاومة لحفظ الأمن والاستقلال والسيادة. نطالبكم بإصرار، أيها الإخوة السعوديون، بالمجيء الى لبنان لتكونوا مع إخوانكم وأهلكم ولتنعموا بجمال لبنان في رحاب ثلجه ومناخه وجغرافيته ونعيش سوية بأمن وأمان وسلم واطمئنان».

الى ذلك، كرر سفير الاتحاد الاوروبي لدى لبنان، باتريك لوران، دعم الاتحاد الأوروبي للمبادرة العربية، مؤكداً «حرص الاتحاد على خروج لبنان من أزمته الحالية في أسرع وقت».

ومن جهته، أكد سفير ايطاليا، غبريال كيكيا، عقب لقائه رئيس أساقفة بيروت للطائفة المارونية، المطران بولس مطر «تعلق ايطاليا بمسيحيي لبنان وبلبنان عموماً»، وقال «إن ايطاليا تعمل حتى يبقى الوجود المسيحي فاعلا وقويا في لبنان وفي محيطه، وخصوصا أن رسالة المسيحية في العالم هي رسالة تلاق وحوار واحترام للآخر». وأضاف: «أكدت لسيادة المطران مطر أن ايطاليا مستعدة لأداء دور في تعزيز الحوار بين المسيحيين في لبنان. وعلينا أن نفكر معا، علمانيين ورجال دين ومفكرين ومثقفين، لمساعدة مسيحيي لبنان على التفاهم في ما بينهم».

وردا على سؤال عن المبادرة العربية بشأن لبنان، قال السفير كيكيا: «إن ايطاليا تدعم، وباقتناع كبير، مبادرة الجامعة العربية وترشيح قائد الجيش العماد ميشال سليمان كمرشح توافقي لرئاسة الجمهورية. ونحن نحتفظ بالأمل لتحقيق ذلك بمشاركة شركائنا الأوروبيين والمجتمع الدولي. وسنبذل كل جهدنا من أجل إنجاح المبادرة العربية».

من جهته، قال وزير الدولة لشؤون مجلس النواب ميشال فرعون: «إن مصير الزيارة المنتظرة للأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ونتائجها مرتبط بنيات المعارضة التي تبين أن لها أجندة معلنة وأجندات تعطيلية معلنة أو مبطنة تتغير وفق الأهداف، وتجتمع في محاولة لضرب المسيرة السيادية في البلاد تحت عناوين مختلفة، منها تعطيلية تطاول المؤسسات بدءا بالرئاسة الأولى وليس انتهاء باستهداف رموز وطنية كسيد بكركي (البطريرك نصر الله صفير) ومنها مبرمجة من الخارج تستخدم أساليب إرهابية وتستهدف المؤسسات الأمنية كما جرى في نهر البارد ومع القوات الدولية، في محاولة لتهديد الدول الداعمة لسيادة لبنان».

وأضاف: «إن الأكثرية التي عبرت بنبرة عالية عن استنكارها للمسلسل الإرهابي ولمحاولات التعطيل في 14 شباط بعد أشهر من التنازلات، تعود وتدعو الى فتح الحوار والى الهدوء والى عدم ربط لبنان بالعناصر الإقليمية وتعريضه للمزيد من الهزات، كما تبين بعد الاغتيال الذي ندينه والذي طاول أحد رموز المقاومة (عماد مغنية) بالعمل على تطبيق القرارات الدولية التي تبقى الضمانة لتحصين سيادة لبنان. أما سقف المبادرة فقد أصبح واضحا. ولا مجال للمزيد من التنازلات والخضوع لشروط جديدة تبدأ في مكان ولا نعرف أين تنتهي».

واتهم عضو «اللقاء الديمقراطي»، النائب علاء ترّو، المعارضة بأنها «تريد إخضاع لبنان للنفوذ السوري ـ الإيراني»، وحمّلها المسؤولية عن التوترات والاحتكام الى الشارع، داعيا إياها الى إخلاء الساحات والعودة الى المؤسسات. وقال «هذه المعارضة لم تشهد شعوب الأرض مثلها، فهي مسلحة أمام سلطة عزلاء وتريد فرض رأيها بالقوة وتتحدث عن الحوار».

واعتبر النائب علي بزي (حركة أمل)، أن المبادرة العربية «تشكل حلا واقعيا للأزمة السياسية الراهنة في لبنان»، لافتا الى أنها «عبارة عن سلة أو خطة أو حل متكامل غير مجتزأ لبنود الأزمة اللبنانية». وأشار الى انه «تم تضييق الكثير من الفجوات أو الاختلافات في المستويات السياسية لكثير من الملفات والقضايا»، متحدثا عن «إقرار الجميع بالالتزام بمقررات مؤتمر الحوار الوطني و«باريس ـ 3» والبيان الوزاري الراهن واحترام القرارات الدولية والاتفاق على العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية». وقال إن «العقد تبقى في موضوع حكومة الوحدة الوطنية»، مضيفا «إن المبادرة العربية بحاجة الى ترجمة فعلية ووطنية وحقيقية لكامل بنودها من خلال الاتفاق على هذه السلة المتكاملة، ومن ثم يتم الاتفاق على التدرج في تنفيذ المبادرة في الأيام القليلة المقبلة في حال تم الاتفاق على ما ورد فيها من بنود وتحديدا في ما يتعلق بحسم موضوع حكومة الوحدة الوطنية».

هذا، وعلق «اللقاء الوطني» المعارض على العودة المرتقبة للأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، الى بيروت، بالتشديد على «ضرورة استمرار المبادرة العربية والتمسك بها».