نائب رئيس مؤسسة دبي للإعلام: لن نطلق محطة إخبارية إنجليزية

نجلاء العوضي: لا نستطيع مقارنة أنفسنا بالغرب فيما يتعلق بالحرية الصحافية

نجلاء العوضي
TT

رغم صغر سنها قياسا بسن المسؤولين في اغلب دول العالم العربي الا انها استطاعت ان تثبت كفاءتها، ونتيجة لذلك اختيرت لعضوية المجلس الوطني عن الامارة لتكون احد اصغر الاعضاء الاربعين الذين يشكلون البرلمان الاماراتي، نجلاء العوضي نائب رئيس مؤسسة دبي للاعلام ورئيسة قناة «دبي ون» وأحد الوجوه القادمة بقوة للصفوف الاولى في امارة النجاح المعروفة باسم دبي، «الشرق الأوسط» التقت العوضي وكان معها هذا الحوار:

> جمهور غير الناطقين بالعربية يعتبر جمهورا عريضا في الإمارات. ألا ترون ذلك ضرورة لزيادة نشرات الأخبار باللغة الانجليزية مستقبلا على قناة دبي ون؟ أو حتى تأسيس محطة إخبارية خاصة باللغة الانجليزية؟

ـ موضوع المحطة الإخبارية للغة الانجليزية ليس في مخططنا البرامجي، الجديد لدينا فعلا هو النقلة النوعية من الحرص على شراء كل ما هو حصري من البرامج والمسلسلات الأجنبية كمحطة ترفيهية باللغة الانجليزية موجهة للأسرة العربية إلى التركيز على الإنتاج المحلي كالبرنامج الحواري الجديد Hersay، والبرنامج الترفيهي الثقافي Out & about، لذلك ففريق العمل في دبي ون متحمس فعلا لتطوير المحتوى الإعلامي للقناة في اتجاه الإنتاج المحلي بشكل خاص وهي جزء من الإستراتيجية الجديدة لتطوير البرامج والتي اعتمدتها مؤسسة دبي للإعلام للعام الجديد، حيث ان العمل التلفزيوني كما تعلمين يجب أن يبتعد عن الروتين، كذلك سيكون مشاهدو القناة على موعد مع عدد آخر من البرامج محلية الإنتاج، في منتصف العام الحالي 2008، وهي بمجملها شبابية وثقافية واجتماعية، تتطرق إلى حياة المواطنين والمقيمين من مختلف الجاليات، وتعرض لقصص نجاح متنوعة، وترمي إلى تقديم القادة بشكل تلفزيوني ناجح، مع إبراز أسماء عملت فأنجزت، لتظل قدوة للأجيال وللشباب الطموحين، خلاصة القول: نحن حريصون على تقديم الترفيه للاسرة وبشكل خاص الشباب لكن دون اغفال تسليط الضوء على أهم القضايا، فأنت وأنا وكثيرون يحبون بعد يوم عمل طويل الجلوس أمام التلفاز ومشاهدة برنامج يرفه عن النفس من دون ابتذال، وكثير من الفضائيات للأسف لا تستوعب أن شبابنا العربي ليس بحاجة فقط إلى برامج الرقص وأنا لست ضدها بل فقط ألا تكون شبه الوحيدة على الساحة الإعلامية، لذلك أتبنى دوما في عملي مقولة لوالدي العزيز ينبهني لها دائما بأنه لو أردت تخريب أي مجتمع فابدأي بشبابه! > لماذا نجد أن هناك قلة في المحطات الناطقة باللغة الانجليزية ضمن تلفزيوناتنا العربية ولو وجدت فيكون معظمها ضمن الدرجة الثانية؟

ـ هذا ليس بمستغرب على الإطلاق في رأيي، فنحن في وطن عربي معظم بلدانه يتعاملون باللغة العربية، مع أن المعاملات الأساسية في مجال التجارة والاقتصاد على سبيل المثال أضحت باللغة الانجليزية.

> من خلال تجربتك الإعلامية.. كيف ترين حضور المرأة الخليجية في مجال العمل الإعلامي؟

ـ تضحك مجيبة ـ قبل الدخول الى مكتبي ألم تلاحظي جيش الإعلاميات الموجود في الخارج؟!، اليوم ولله الحمد هناك فرق كبير، حيث اقتحمت المرأة الخليجية مجال الإعلام بقوة، سابقا وفي بداية دخولي للإعلام بصراحة لم يكن هناك أي وجود للإعلامية الخليجية، ولو تحدثت لك على نطاق الإمارات فبفضل الشيخ محمد بن راشد أخذت الفتاة الإماراتية مكانها في عالم الإعلام بجدارة كونه إنسانا ينظر ببساطة للمرأة كإنسانة أولا وليست أنثى. > كيف استطعت توظيف ما درسته في الولايات المتحدة في تطوير قناة دبي ون؟

ـ عندما كنت في الولايات المتحدة لم يخطر ببالي مطلقا أنني سأكون يوما في هذا المكان وعلى هذا الكرسي، فقد درست التاريخ في أميركا وعشقته حتى النخاع وهو ما ساعدني كثيرا في عملي الحاضر، فدراستك لأسباب نهوض الشعوب خاصة وأنني ركزت على النهضة التي حوتها الحضارات الرومانية والعثمانية والعربية، وحتما كل ذلك لم يكن بفعل السحر بل للعقلية المتفتحة آنذاك، وأنا حتما أستفيد من ذلك حتى في تعاملي مع الفريق الإعلامي بدبي ون. > أنت كذلك عضو في المجلس الوطني والمثل الشعبي يقول: «بطيختان في يد واحدة صعب حملهما» فهل تجدين الوقت الكافي للتوفيق بين عملك في مؤسسة دبي للإعلام وعضويتك في المجلس الوطني، وفي أي منهما تستطيعين أن تقدمي أكثر؟

ـ للأمانة هناك تحدٍ كبير عندما تواجهك مسألة وجوب الموازنة بين عملين، وأنا إنسانة متحمسة لدور الإعلام في المجتمع، ومتحمسة بذات الدرجة لتفعيل دور البرلمان الإماراتي في تمثيل المواطنين تمثيلا يليق بهم في الدولة، هي مسألة ليست مستحيلة، لكنك بصراحة ستجبرين على التخلي عن العديد من الأشياء، بالنسبة لي ليس هناك شيء يسمى عطلة نهاية الأسبوع، كما أن صديقاتي يعانين معاناة دائمة معي فبحكم الوقت لا أستطيع رؤيتهن دائما، فالأحد كالجمعة والثلاثاء كلها أيام مشحونة بالعمل وبمواعيد منتظمة لمشاريع يجب تقديمها في أوانها المحدد، ومع ذلك لا يزال لدي الكثير من الأفكار والمشاريع الموضوعة على جدول أعمالي لم أدخلها حيز التنفيذ بعد، وبالنسبة لعملي في المجلس فقد كان دوري الأساسي هو مع اللجان، قبل ذلك كنت ضمن لجنة الطاقة والثروة السمكية، لكنني ولله الحمد حاليا ضمن لجنة تنسجم تماما مع عملي في مؤسسة دبي للإعلام وهي لجنة الإعلام والتعليم والشباب.

> ما مدى تأثير ظهور قوانين جديدة في الإمارات، برأيك، تمنع حبس الصحافيين في قضايا لها علاقة بعملهم الإعلامي، إضافة إلى قانون آخر تترقبه الجهات الإعلامية للمطبوعات والنشر في الدولة؟

ـ هذا أكبر إثبات برأيي على أن المسؤولين في الإمارات ليسوا ضد حرية الصحافة، إلا أن الحرية المطلقة تتحول في نهاية الأمر إلى فوضى، لذلك لا بد أن تكون الحرية على قدر المسؤولية، لنكن واقعيين ولنعترف أننا لا نستطيع مقارنة أنفسنا بالغرب فيما يتعلق بالحرية الصحافية، فهم وصلوا لهذه المرحلة بعد مئات السنين، بالنسبة لنا نحن ما زلنا في مرحلة بناء المواطن وتأهيل الموارد البشرية التي لدينا في الدولة، هناك للأمانة مسألة تحد في الموضوع، ولا تستطيعين القول إننا في منطقة سهلة، فلدينا تحديات على سبيل المثال مع إيران وسورية وذلك لعدم وجود استقرار في المنطقة العربية، بمعنى آخر أنا مع الحرية في الإعلام لكنني أؤيد كذلك دور الإعلام في تطوير المجتمع وفي مواكبة استراتيجية الدولة بشكل خاص، واجب الصحافي أن يؤدي مهمته بأمانة فيما يتعلق بالموضوع أو الظاهرة التي يتحدث عنها بل وينتقد لو كان الموضوع بحاجة للأخير، لكن هذا النقد لا يكون بهدف التدمير أو وضع اللوم على سين أو صاد من الناس بل النقد البناء بهدف إيجاد حلول لتلك المعضلة، ففريق عمل نشرة الأخبار EMIRATES NEWS دوما يسألني عن سقف الحرية المسموح بها وما يتحدث عنه من قضايا محلية، فأجيبهم بأن يحددوا هم هذا السقف، لأن الصحافي المخلص ببساطة لن يتكلم عن قضية معينة من دون أن تكون لديه إثباتات على ما يقول، «وتكمل قائلة» يعني أنت أدرى مني بمدى تأثير تصريح في جريدة أو تقرير إخباري في إحدى الفضائيات على المجتمع، لذلك هدف الشيخ محمد بن راشد من تلك القوانين إلى تعزيز الحرية البناءة.

> هل تندمين على قرارات تقومين باتخاذها لو تبين لك فيما بعد أنها جانبت الصواب؟

ـ أنا من النوع المؤمن بأن على القائد تحمل مسؤولية قراراته تحملا كاملا من دون تهرب من المسؤولية أو التبعات، ولا أخجل على الإطلاق من هذا الشيء، وكثيرون يقولون لي إن التعامل مع الأنثى القيادية في حالة خطئها يجب ان يختلف قليلا لكني أؤكد لهم خلاف ذلك فأنا إنسانة توليت منصبا قياديا والواجب يحتم عليّ أن أتحمل كل الضغوط والمسؤوليات المترتبة على هذا المكان.

> هل ترين أن حواء حازت نصيب الأسد في سوق العمل الإعلامي؟

ـ تركيز الضوء على شخصيات نسائية معينة في مجال الإعلام يوحي بذلك لكنك لو أحصيت الوجوه الإعلامية لاتضح لك العكس، حيث إن حواء لا تزال أقلية في هذا المجال ونحن لسنا هنا في حرب عمن يجب أن يسود أكثر من الآخر بل هي فرص مفتوحة للشخص الكفوء والجدير باقتناصها سواء كان رجلا أو امرأة.

> تسعى حواء دوما لبذل جهد مضاعف في مجال عملها أيا كان لتثبت أنها جديرة به، هل تعيشين ذلك في حياتك المهنية؟

ـ لم أدخل مجال الإعلام لأثبت جدارتي لأحد معين بل لأنني أحببت هذا العمل وأؤمن كما أسلفت لك بفاعليته في تغيير عقلية المجتمع وبشكل خاص النمط الفكري للشباب الذي يجب أن يتجه بخط يتوازن فيه الترفيه والموسيقى مع رسم الأهداف والسعي لتحقيقها بخطى حثيثة.

> حدثينا عن التعاون القائم حاليا بين مؤسسة دبي للإعلام والتلفزيون السوري؟

ـ هدفنا اليوم المساهمة، ليس فقط في تطوير الكادر الوطني بل تطوير القطاعات الإعلامية في دولنا العربية الشقيقة، الأمر الذي يخلف فرص عمل جديدة في هذا القطاع وبالتالي يطور في المجال الاقتصادي، وكما تعلمين فقد كلف الشيخ محمد بن راشد مشكورا مؤسسة دبي للإعلام للقيام بالأعمال اللازمة لتحسين الشكل العام للتلفزيون السوري بمبلغ 3 ملايين دولار تقوم على أساسها المؤسسة بتقديم المساعدات للتلفزيون السوري لإنشاء مركز إخباري شامل متطور ومجهز بأحدث التقنيات، والتجهيزات الفنية على غرار ذلك المركز الموجود في مؤسسة دبي للإعلام وقد بدأ العمل فيه حالياً، ويستمر لمدة ستة أشهر. وبدأت الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السوري بتحضير المكان المخصص لإنشاء المركز الإخباري السوري والبنية التحتية اللازمة له، إضافة إلى التعاون المشترك لإنشاء قناتين تلفزيونيتين جديدتين، الأولى رياضية، والثانية للدراما، وما أريد التنويه له في هذا السياق هو أن أهم الأهداف من تعاوننا مع إخواننا في التلفزيون السوري هو تبادل الخبرات، حيث إننا نفتقد في عالمنا العربي للأسف إلى التعاون بين التلفزات العربية بشكل عام لذلك، نحن بحاجة إلى التركيز على بناء الإنسان العربي بعيدا عن الخلافات السياسية وأنماط التفكير المتطرف، بهذا فقط سيتمكن الإنسان العربي من التفكير بإيجابية وتغيير ما حوله إلى الأفضل.