اللغة العائق الأكبر أمام مكافحة الإرهاب

كلمات مثل «الفاشيين الإسلاميين» و«حرب صليبية» أبرز أمثلتها

TT

بعد أيام قلائل من هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 تحدث الرئيس الاميركي جورج بوش عن «حرب صليبية» على الارهاب، وهي عبارة أثارت لدى المسلمين ذكريات الحملات الوحشية التي شنها مسيحيون في القرون الوسطى ضد الاسلام. وأغفل بوش منذ ذلك الحين هذا التعبير غير أن اختيار اللغة في «الحرب على الارهاب» وهو في حد ذاته مصطلح مثير للجدل أيضا، لا يزال قضية ساخنة ومثيرة للانقسام. فعلى سبيل المثال في مؤتمر كبير بشأن الارهاب استضافته بروكسل هذا الاسبوع ميزت الاحاديث المتكررة حول مصطلحي «الجهاد» و«الجهادي» المناقشات بشأن كيفية التعامل مع تنظيم القاعدة.

وبالنسبة لاغلب المسلمين فان كلمة الجهاد تعني الكفاح الروحي ودأبت القاعدة نفسها والمتخصصون في مكافحة الارهاب على استخدامها في الاشارة الى «الحرب المقدسة» ضد الغرب. وقال الجنرال احسان الحق الرئيس السابق لهيئة الاركان المشتركة في باكستان «يمكنك الكفاح من أجل القضاء على الفقر.. يمكنك الكفاح من أجل التعليم.. يمكنك الكفاح من أجل شيء ايجابي للغاية في الحياة». واضاف «وصف الجهاديين حاليا بالارهابيين ما هو الا انعكاس.. لضعف الفهم للاسلام أو أنه.. يجب أن أقول انه استعمال خاطئ متعمد.. وهو مما يدعو للاسف الان. ربما كان من الممكن التماس الاعذار له بدرجة ما خلال الصدمة التي أعقبت «هجمات» 11 سبتمبر لكن أعتقد أن ذلك لم يعد ممكنا».

وقال الشيخ محمد محمد علي، وهو عراقي خلال المؤتمر السنوي لمعهد ايست ويست «الشرق والغرب» وهو مؤسسة بحثية ان «الجهاد هو الكفاح ضد كل ما هو شرير في النفس وانه لا يوجد ارهاب يقوم على الجهاد في الاسلام». غير أن نصرت حسن وهي باكستانية تترأس مركز المعلومات التابع للامم المتحدة في فيينا تحدثت بصراحة عن الجماعات «الجهادية» كما تحدث المسؤول الروسي في مكافحة الارهاب اناتولي سافونوف عن الحاجة لمحاربة نوعين من «الجهاد» هما «الجهاد بالسيف» و«الجهاد بالكلمة».

وتجسد تلك الخلافات غيابا واضحا للتوافق بشأن كيفية وصف ايديولوجية تنظيم القاعدة التي ترتكز الى الدين لتبرير أعمال قتل جماعي مثل هجمات 11 سبتمبر التي قتل خلالها قرابة ثلاثة الاف شخص.ويشعر كثير من المسلمين بالاستياء ازاء عبارات مثل «الارهاب الاسلامي» ولاسيما اشارة بوش في عام 2006 في سياق الحديث عن مؤامرة مزعومة لتفجير طائرات فوق المحيط الاطلسي الى «حرب مع الفاشيين الاسلاميين».

وعلى الجانب الاخر يقول البعض ان مثل تلك المصطلحات مبررة لوصف المتشددين الذين لهم دوافع دينية. ويقولون ان اللجوء الى استخدام تعبيرات رخيمة هو نوع من التكيف السياسي الذي يلتف على القضية الاصلية ويعفي المسلمين من مسؤولية اجتثاث المتطرفين الذين يمثلون خطورة ويستغلون الدين.

ويتعامل السياسيون بشكل حساس على نحو متزايد فيما يخص قضية اللغة. ففي بريطانيا يفضل الوزراء التحدث عن «التشدد العنيف» كما يستخدم المسؤولون الامنيون في وصف أنشطة تنظيم القاعدة مصطلحا محايدا هو «الارهاب الدولي».

وقال رافائيل بيرل رئيس وحدة التحرك ضد الارهاب بمنظمة الامن والتعاون في أوروبا ان الفشل في الاتفاق على مصطلحات موحدة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر «خطأ كبير من جانبنا». واضاف في تصريح لرويترز «أحد الامور الاولى التي كان ينبغي أن نفعلها هو تحديد المصطلحات وأن نكون منسجمين بشأنها.. استخدام المصطلحات الخاطئة يمكن أن يكون عاملا رئيسيا يسهم في نشر التطرف». ومن الواضح ان التحدي الاكبر بخصوص اللغة يكمن في الاتفاق بشأن تعريف للارهاب وهو عقبة منعت الامم المتحدة من الاتفاق على معاهدة دولية ضده.

وقال جيس دي فري منسق مكافحة الارهاب السابق بالاتحاد الاوروبي «حان الوقت كي ينتظم العالم.. حان الوقت الحاسم لوضع نهاية للفكرة الزائفة بأن قتل رجال ونساء واطفال يمكن أن يكون مقبولا اذا حدث في اطار كفاح من أجل التحرر. قتل رجال ونساء وأطفال خطأ. ينبغي عدم استهداف غير المحاربين.. هذه قاعدة انسانية اساسية تربطنا جميعا عبر مختلف الحدود الدينية والوطنية».