السعودية: التخوف من «تسرب» الكوادر الطبية.. خلف إعادة النظر في سلم الرواتب

د. عثمان الربيعة لـ«الشرق الأوسط»: الرواتب الجديدة روعي فيها مقاربة السلالم المعتمدة لدى بعض الدول المجاورة

TT

دفعت مخاوف عليا في السعودية، من تحول تسرب الكوادر الطبية إلى «ظاهرة»، لإصدار أوامر بمراجعة سلم رواتب العاملين في الحقل الطبي، وتوحيده، بغية المحافظة على الكفاءات الطبية، وتحفيز بقية العاملين في القطاع.

وأنهت لجنة حكومية ثلاثية أخيرا، مكونة من مجلس الخدمات الصحية، ووزارتي الخدمة المدنية والمالية، إعداد مشروع لتوحيد سلم الرواتب في المستشفيات الحكومية العامة والتخصصية ومراجعة اللائحة الصحية، وهو المشروع الذي صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين على دراسته الأسبوع الماضي.

وأكد الدكتور عثمان الربيعة عضو اللجنة الحكومية الخاصة بإعداد هذا المشروع لـ«الشرق الأوسط» أن توحيد سلم الرواتب، جاء استجابة لاهتمام المقام السامي، بعد تحول تسرب الكفاءات الطبية، من حالات فردية، إلى ظاهرة لا يمكن السيطرة عليها.

ويخضع مشروع توحيد سلم الرواتب الآن، للمراجعة في وزارة المالية، حيث ينتظر في حال الموافقة عليه، أن يسهم في خلق نوع من المنافسة مع السوق وتحديد البدلات والحوافز التي تمنح للكفاءات ذات القدرة في التخصصات أو ذات الخبرات المميزة.

ويعتقد الدكتور الربيعة، أن وزارة المالية لن تدخل على مشروع توحيد سلم رواتب العاملين في الحقل الطبي، أي تعديلات جوهرية، على اعتبار أن الوزارة كانت ممثلة في اللجنة الحكومية الخاصة بإعداد المشروع، وهو ما يعني موافقتها على كافة التوصيات الواردة في المشروع.

وقال عضو اللجنة الحكومية الثلاثية: ان ما توصلت إليه اللجنة في مشروعها الذي تم الرفع به للمقام السامي، جاء في مجمله استجابة لعرض السوق. وتشتكي السعودية، من تسرب الكفاءات الطبية العاملة بها، لعدد من دول الجوار. وكان وزير الصحة السعودي الدكتور حمد المانع، قد عبَّر رسميا عن «قلق» بلاده من الإغراءات التي تقدمها دول خليجية للكفاءات العاملة في بلاده.

ولم تتجاهل اللجنة الحكومية التي أعدت مشروع توحيد سلم رواتب العاملين في القطاع الطبي، مسألة الإغراءات المالية المقدمة لمواطنيها وغيرهم من الكفاءات، إذ أكد الدكتور الربيعة أن سلم الرواتب الجديد، تمت مقاربته بالسلالم المعتمدة في الدول المجاورة، كما أخذ بالاعتبار مطالب الأطباء في هذا الصدد.

ولن يمضي وقت طويل، قبل أن تنتهي وزارة المالية من دراسة مشروع توحيد سلم الرواتب، حيث أكد الدكتور عثمان الربيعة أن اللجنة الحكومية توصلت لما قال أنها «مقترحات عاجلة»، وهو ما دفعه للتأكيد على أن التنظيم الجديد سيرى النور قريبا.

ويوجد في السعودية، أكثر من 43 ألف طبيب، منهم 20 ألفا يعملون مع وزارة الصحة، وأكثر من 9 آلاف آخرين، يتبعون للقطاعات الصحية الحكومية الأخرى، وما يزيد على 13.5 ألف يعملون بالقطاع الخاص.

ولخروج الكفاءات الطبية من العمل بالمستشفيات التابعة لوزارة الصحة، عمدت الوزارة إلى رفع رواتب المتعاقدين معها، وفقا للدكتور عبد الله الظفيري رئيس لجنة الشؤون الصحية بمجلس الشورى، بنسبة 100 في المائة، للمحافظة عليهم من التسرب.

وأبلغ الظفيري «الشرق الأوسط»، أن عريضة رفعت لرئيس مجلس الشورى الشيخ صالح بن حميد من أطباء في مستشفى التخصصي والحرس الوطني، قبل أيام من إعلان موافقة المقام السامي على دراسة مشروع توحيد سلم الرواتب، تطالب بمساواة رواتبهم برواتب المتعاقدين مع وزارة الصحة السعودية.

وتواجه وزارة الصحة السعودية، مشكلة ندرة الكوادر الصحية لقرابة 50 في المائة من الوظائف الشاغرة لديها، نتيجة الرواتب المتدنية مقارنة بالدول الأخرى، إذ تكمن المشكلة في قلة الكوادر السعودية، وعدم رغبة المتخصصين في القطاع الصحي في التعاقد لضعف المردود المادي.