الشيخ ...!

علي المزيد

TT

«الشيخ»، لفظ يطلقه العرب على شيخ الدين، وعلى من استحق مشيخة اجتماعية، سواء كان شيخا لبادية أو مدينة أو من استحق أن يكون قائدا لبلاده. وتطور اللقب حتى أصبح يطلق على ذي المال فيقال الشيخ فلان، ويستفهم من لا يعرف بقوله للمتكلم: شيخ دين أو دنيا، فيرد المتحدث بتحديد صفة الشيخ وهل هو من ذوي المال أم من ذوي العلم الشرعي.

وبعد هذا التعريف الاجتهادي مني للشيخ، دعوني أحكي لكم حكاية قصيرة: يحكى أن رجلا من رجال الأعمال، ولنسمه فهد، يتعامل مع رجل أعمال آخر ولنسمه سعد وتعاملهما التجاري كبير ويصل لملايين الريالات حيث التعامل في العقار.

رجل الأعمال سعد سكن منزلا جديدا فأراد فهد أن يزوره في هذا السكن الجديد ليبارك له ويقدم له ما يعرف باللهجة الدارجة (النزاله) وهي هدية تقدم لساكن البيت. فهد ذهب لمنزل صديقه وكان يقود السيارة ابنه ولم يكونا يعرفان المنزل بشكل جيد. المهم بعد جهد جهيد وصل الرجل وابنه للمنزل وبعد توقفهما أمام منزل سعد، قال فهد لابنه حرك السيارة، ذهل الابن ولكنه أطاع أوامر والده وحرك السيارة، وبعد أن ابتعدا عن المنزل قليلا سأل الابن أباه: تعبنا في البحث عن المنزل وبعد أن عثرنا عليه تأمرني بالمغادرة ؟! قال الأب: ألم تر المكتوب على الباب؟ أجاب الابن: لم اتنبه بشكل دقيق سوى أني لمحت لوحة كتب عليها منزل الشيخ سعد ... قال الأب هذا ما قصدت يا ابني من لم يشيخه الناس لا يشيخ نفسه. ويقصد الرجل أن من لم يطلق عليه الناس لقب شيخ استحقاقا، فلا يحق له أن يطلق اللقب على نفسه. يروي لي الابن فيقول في صباح اليوم التالي ذهب والدي لمكتب الشيخ سعد وكان قد بقي بينهما حساب معلق قدره مائة مليون ريال. تفاوض فهد والشيخ سعد على مخالصة مرضية للطرفين وفيها غبن لفهد الذي رضي بطريقة التخارج رغم بقاء ستة ملايين ريال لم تحل مشكلتها وبقيت معلقة في الدفاتر وهي لم تسدد حتى اليوم رغم أن فهد أصبح في دار الحق، والشيخ سعد أودع السجن. هذه القصة حقيقة وليست رواية خيالية. وهي تبين أن التجار ذوي التجربة تقودهم أشياء بسيطة لاتخاذ قرارات شجاعة ومهمة قد تنجيهم من خسائر فادحة.

* اقتصادي سعودي