وكالة الطاقة: طهران لم تُجب على أسئلة.. وقلق من تجاربها على منتجات شديدة الانفجار

إيران تعتبر التقرير نجاحا لها.. وترفض تدخل مجلس الأمن

جليلي لدى وصوله للمؤتمر الصحافي في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

قدمت وكالة الطاقة الذرية امس من مقرها بفيينا تقريرها المرتقب حول انشطة طهران النووية، وبالرغم من ان تقرير الوكالة تحدث عن التعاون الإيراني إجمالا، إلا أنه شدد على ان هناك أسئلة عديدة مهمة لم تستطع الوكالة الإجابة عنها بسبب عدم كفاية التعاون الإيراني، كما أكدت ان طهران لم توقف تخصيب اليورانيوم، ومحاولات انتاج وقود نووي. واعتبرت الوكالة ان ايران قدمت معلومات جديدة بشأن برنامجها النووي الذي يثير جدلا لكنها «لم تقم بذلك بشكل منتظم وكامل». وجاء في تقريرها ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية «تلقت اخيرا معلومات اضافية من ايران.. ونتيجة لذلك اصبحت معرفة الوكالة ببرنامج ايران النووي الحالي اوضح قليلا».

واضاف التقرير «لكن هذه المعلومات تم توفيرها في ظروف خاصة وليس بطريقة ثابتة منتظمة وكاملة». واوضح ان «الوكالة ليست في موقع الان يؤهلها تحديد الطبيعة الحقيقية لبرنامج ايران النووي». وفي المقابل تؤكد الوكالة ان ايران تواصل تحديها قرارات مجلس الامن الدولي، اذ لم تعلق بعد أنشطة تخصيب اليوارنيوم التي يمكن ان تتيح انتاج المواد اللازمة لصنع قنبلة او وقود لمحطة كهربائية. وقال ممثل للوكالة، انه بشأن برنامج العمل الذي تم الاتفاق عليه بين ايران والوكالة في الخريف الماضي تمت تسوية كل القضايا تقريبا غير ان المهلة المقررة التي كان يفترض ان تنقضي في نهاية ديسمبر 2007 تم تجاوزها بشكل كبير. وبحسب تقرير الوكالة فان مسألة هامة متعلقة بطبيعة البرنامج النووي الايراني ترتبط بتجارب على منتجات شديدة الانفجار وتصنيع صاروخ بالستي متعدد الرؤوس. واضاف التقرير «ان هذه المسألة تقلقنا كثيرا وهي هامة لجهة تحديد البعد العسكري المحتمل للبرنامج النووي الايراني».

واكد محمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية امس، ان الوكالة حققت «تقدما جيدا» في تحقيقها الذي استمر خمس سنوات بشأن البرنامج النووي الايراني، «لكن ذلك لايزال غير كاف». وقال البرادعي بعد نشر تقريره الاخير حول ايران «في الاشهر الاربعة الاخيرة خصوصا، احرزنا تقدما جيدا على صعيد توضيح الامور العالقة المرتبطة بانشطة ايران النووية السابقة». واوضح ان ايران سمحت بعدد من الزيارات التي اتاحت الحصول على «صورة اوضح» عن برنامجها. وتدارك «لكن هذا في رأيي غير كاف»، داعيا طهران الى تنفيذ اتفاق يسمح بعمليات تفتيش اعمق ومباغتة في غالب الاحيان، لمنشآت نووية من جانب خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وفي اول رد فعل من إيران على تقرير الوكالة، اعتبر كبير المفاوضين الايرانيين في الملف النووي سعيد جليلي، ان تقرير الوكالة يثبت «حقيقة التصريحات الايرانية» في هذا الصدد ويشكل «نجاحا» لايران. وقال جليلي خلال مؤتمر صحافي ان «تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية نشر دليلا جديدا على شرعية موقف الجمهورية الاسلامية وعلى حقيقة التصريحات الايرانية».

ووصف هذا التقرير بانه «نجاح» حققته طهران بفضل «صمود الشعب الايراني».

كما وصف نائب ايراني نافذ الجمعة تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول البرنامج النووي الايراني بانه «ايجابي». وقال علاء الدين بوروجردي رئيس لجنة الشؤون الخارجية كما نقلت عنه وكالة الانباء الايرانية الرسمية ان «هذا التقرير ايجابي» ويظهر انه «تمت معالجة كل الالتباسات حول البرنامج النووي الايراني».

وفي تقريرها، اعتبرت الوكالة الذرية انها «ليست في وضع يخولها تحديد الطبيعة الفعلية للبرنامج النووي الايراني»، موضحة ان طهران ابدت صراحة جديدة بشان التقدم الذي حققته في برنامجها النووي والذي لم يكن متاحا الوصول اليه من قبل مفتشي الامم المتحدة لكن هذا ليس كافيا لاثبات أن برنامجها لا يهدف لانتاج قنابل.

ورغم أن تقرير الوكالة رسم صورة أكثر ايجابية من ذي قبل للتعاون الايراني، فقد أكد أيضا أن ايران تختبر تقنية قد توفر لها امكانية تخصيب اليورانيوم بشكل أسرع لتواصل بذلك تحديها للمطالب بأن توقف جميع الانشطة النووية الحساسة والا ستفرض عليها عقوبات من مجلس الامن الدولي.

وذكر التقرير أيضا أن ايران تتفادى الرد بشكل له معنى على معلومات مخابرات تشير الى وجود مساع سرية لاستخدام أنشطة نووية في مجال «التسلح» بربط عملية معالجة اليورانيوم واختبارات على متفجرات قوية واعمال تصميم رأس حربي صاروخي. وجاء في التقرير ان دراسات التسلح مسألة تبعث على قلق بالغ وهي مهمة في تقييم احتمال وجود بعد عسكري لبرنامج ايران النووي. وأضاف التقرير «الوكالة لن تكون في وضع يسمح لها بتحقيق تقدم نحو تقديم تأكيدات يعتد بها بشأن غياب مواد وأنشطة نووية غير معلنة في ايران الا بعد الوصول الى شكل من أشكال الوضوح بشأن طبيعة دراسات التسلح المزعومة ودون تنفيذ البروتوكول الاضافي الذي يتيح اجراء عمليات تفتيش مفاجئة وواسعة النطاق». وقال التقرير انه من دون ذلك فلن يكون هناك ثقة في الطبيعة السلمية الخالصة للبرنامج النووي. وقالت ايران انها اجابت بشكل مرض على جميع أسئلة الوكالة المحددة بشأن الانشطة الماضية وان سجلها النووي نظيف الان والعقوبات غير مبررة وغير مشروعة.

الى ذلك، رأى مسؤول ديني ايراني رفيع ان مجلس الامن الدولي غير مختص بالتعامل مع الملف النووي الايراني. وقال آية الله محمد امامي كاشاني في خطبة الجمعة في طهران التي بثتها اذاعة الدولة ان «الولايات المتحدة واسرائيل وبريطانيا، اي الصهيونية اليهودية والصهيونية المسيحية، تحاول المقاومة أمام الاسلام والنظام الاسلامي». واضاف «يقولون انه ينبغي حل المسالة في مجلس (الامن الدولي)، وتبني قرار ضد ايران. المجلس لا يملك صلاحية البحث في ملف علمي. عليه ان يبحث في المسائل الأمنية والمشاكل التي أثرتموها انتم (القوى العظمى)».

وقدمت فرنسا وبريطانيا مشروع قرار الى مجلس الامن الخميس بخصوص عقوبات على ايران، ردا على رفض ايران تعليق برنامجها لتخصيب اليورانيوم.

واضاف آية الله كاشاني «نبعث رسالة الى القوى العظمى: ان نظام الجمهورية الاسلامية يسعى الى تنفيذ برامج علمية، صناعية، واقتصادية (من خلال نشاطاته النووية)، لا الى اعمال تدميرية لسفك الدماء في العالم». وقال «نصر على مواصلة طريقنا ولن نتراجع خطوة واحدة». ورأى ان على مجلس الامن التخلي عن الملف الايراني و«إرساله الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، التابعة للأمم المتحدة التي تقوم بعمليات تفتيش على التكنولوجيات النووية المدنية حتى لا تستخدم في برامج عسكرية.

وعلى صعيد آخر، قال وزير الاقتصاد الإيراني داود دانش جعفري ان ايران «ليس لديها خيار»، سوى تنفيذ خطة لطرح كميات أكبر من البنزين بسعر أعلى خارج نظام تقنين التوزيع رغم أن هذا سيزيد التضخم. واقترحت لجنة حكومية توفير الوقود بسعر يصل الى سبعة أمثال السعر المدعم الحالي المتاح بموجب نظام لتقنين التوزيع يسري منذ يونيو حزيران. وعارضت الحكومة خطوة كهذه في السابق بسبب التأثير على التضخم. وايران رابع أكبر بلد منتج للنفط في العالم لكنها تفتقر الى الطاقة التكريرية الكافية وتستورد كميات كبيرة من البنزين الذي تبيعه بسعر مدعم يبلغ ألف ريال (نحو 11 سنتا أميركيا) للتر. وبموجب الاقتراح يستطيع السائقون شراء 120 لترا شهريا بالسعر المدعم لكن بمقدورهم الحصول بعد ذلك على كميات اضافية من الوقود بسعر ما بين خمسة آلاف وسبعة آلاف ريال (55 الى 77 سنتا).

وقال جعفري «من الطبيعي أن تؤدي زيادة في أسعار البنزين الى ارتفاع التضخم لكن بالنظر الى ضرورة المسألة فان بعض المنتجات يجب أن تتاح للناس بحرية خارج نظام التقنين وغير مدعمة. وأبلغ وكالة مهر للانباء: «الكثيرون من شعبنا اذا احتاجوا الى الوقود ولم يستطيعوا الحصول عليه فانهم مستعدون لشرائه بسعر أعلى من اخرين»، مضيفا أن الوقود «أعلى قيمة بكثير» للناس من ألف ريال للتر. ويلجأ بالفعل بعض السائقين الذين يشكون من أن نظام التقنين لا يمنحهم ما يكفي من الوقود الى السوق السوداء الاعلى سعرا لشراء كميات اضافية من البنزين. وقال الوزير «لا خيار سوى أن يدفع المستهلك السعر الكامل، وتوفير الوقود بسعر حر سيرفع التضخم»، مضيفا أن على الحكومة أيضا اتخاذ خطوات للحد من تأثير التضخم.

واقترحت اللجنة طرح الوقود بسعر أعلى خلال موسم عطلة رأس السنة الفارسية الجديدة الذي يبدأ من 20 مارس (اذار) ويستمر نحو أسبوعين.

وقد بدا أن الوزير يلمح الى استمرار برنامج كهذا لما بعد ذلك. ونقلت وكالة الانباء الايرانية شانا عن محمد رضا نعمت زادة نائب وزير النفط قوله: ان الحكومة سوف «تختبر» طرح البنزين خارج نظام التقنين خلال موسم العطلة ثم تتخذ القرار بشأن مواصلة ذلك بناء على النتائج. وأضاف «هذه الخطط جديدة في بلدنا وينبغي تجربتها، مثل نظام التقنين الذي كان جديدا ولكن مثمر». ودعا البرلمان الايراني الى طرح البنزين بسعر غير مدعم للكميات الاضافية منذ بدء نظام التقنين. غير أن الحكومة رفضت الفكرة نظرا لان معدل التضخم يتجاوز بالفعل 19 في المائة.