وزير التربية خالد قباني لـ«الشرق الأوسط» لا حرب أهلية في لبنان.. ولا فتنة سنية ـ شيعية

TT

أكد وزير التربية والتعليم العالي اللبناني الدكتور خالد قباني، ان الفتنة او الحرب الاهلية لن تتكرر في لبنان وان الفتنة بين السنة والشيعة لن تقع. وقال في حديث الى «الشرق الاوسط» ان من مصلحة جميع الأطراف اللبنانيين تسهيل المبادرة العربية والوصول الى حل للأزمة ضمن الأطر الدستورية. ودعا الى حوار سريع قبل تفاقم الاحتقان ودرءا للأخطار.

وفي ما يلي نص الحوار:

* ما هي حظوظ نجاح المبادرة العربية؟

ـ لا شك في ان هناك عملا دؤوبا تقوم به جهات كثيرة لاخراج لبنان من هذه الازمة. هناك المبادرة العربية التي يتابعها الاستاذ عمرو موسى الذي سيصل نهاية هذا الاسبوع ليعقد اجتماعا ربما رباعيا، كالاجتماع الذي سبق ان عقده لتذليل الصعاب. ولا بد من الاعتراف بوجود صعاب، لكن هناك بصيص أمل خفيفا جدا. وإذا ما حسُنت النيات يتوسع الضوء ونخرج من هذه الازمة نهاية هذا الشهر، فضلا عن ان هناك مساعي من الدول الصديقة المؤيدة المبادرة، كالاتحاد الاوروبي وتحديدا فرنسا التي تضطلع بدور ايجابي في تيسير الحل العربي. هذا الحلّ هو حل عادل ومتوازن لانه يقوم على قاعدة ذهبية اساسية تكمن في عدم استئثار الاكثرية بالقرار السياسي وعدم اعطاء الحق للاقلية بتعطيل القرار في مجلس الوزراء، وفي الوقت نفسه اعطاء رئيس الجمهورية الصوت الوازن، ليتمكن من أن يلعب دور الحكَم بين الاكثرية والاقلية.

* ماذا عن كلام ديفيد ساترفيلد، خصوصا ان بعض اطراف المعارضة رأى فيه عرقلة اميركية للحل والمبادرة العربية؟

ـ لا ادري إذا كان هذا الموقف الاميركي هو الموقف الحقيقي. لكن في كل الاحوال نحن يهمنا مصلحة لبنان التي تكمن في الخروج من الازمة والشروع فورا في انتخاب رئيس للجمهورية وفقا للخطة التي رسمتها جامعة الدول العربية. فهذا هو المدخل الى الحل، ويؤدي الى اعتبار الحكومة مستقيلة حكما وبالتالي تأليف حكومة اتحاد وطني بشكل متوازن ووفقا للاستشارات النيابية. وهذا من شأنه احياء المؤسسات الدستورية المعطلة وإخراج المشكلة اللبنانية من الشارع ومعالجتها في المؤسسات الدستورية. ولا نستطيع ان نركن الى الاتهامات التي توجّه من فريق الى آخر، لانها تزيد الاحتقان الداخلي وتعطلّ مسيرة الحل التي رسمتها جامعة الدول العربية. مصير لبنان ومستقبله لا يقررهما شخص او تصريح من دولة أو أخرى، بل الشعب اللبناني الذي يتمسك بوحدة بلاده ارضا وشعبا ومؤسسات.

* كيف تفسّر كرجل قانون أن صيغة العشرات الثلاث في الحكومة تتعارض او تخالف اتفاق الطائف؟

ـ اعتقد ان هذه المقترحات مهما تعددت تبقى تفاصيل تبعدنا عن الجوهر، أي ايجاد الحل. ولا بد لنا من التقيد بأحكام الدستور، فهذا يشكل نوعا من الانقاذ الحقيقي. فإذا التزمناها جميعا، نتجنب الدخول في التفسيرات المختلفة التي تبعدنا عن القواعد القانونية التي ارتضاها اللبنانيون.

والاقتراحات التي تتعارض مع هذا الدستور لها طابع سياسي اكثر من طابع قانوني. وكلها تدخلنا في الشروط والشروط المضادة، فلا نصل الى اي حل معقول. الدستور وضع آلية وقواعد لتأليف حكومة. وكل سابقة خارج هذه القواعد من شأنها ان تعيق احكام الدستور. وقد تشكل إعاقة للخروج بالحلّ المقبول. ونستطيع ان نصل الى حلّ لا يستبعد احكام الدستور ولا يضع قواعد جديدة تخرجنا عن الاطار الدستوري.

* كيف السبيل للخروج من هذه الازمة التي بدأت تنعكس في الشارع ؟

ـ لبنان ليس جزيرة معزولة عن محيطه العربي او الاقليمي او الدولي، ويتأثر سلبا او ايجابا بالصراعات الدولية او الاقليمية. وهو دولة ديمقراطية تضمن الحريات العامة. وهذا ما يجعله ساحة مفتوحة لتقبّل كل الافكار والتيارات السياسية. ولذلك يتأثر أكثر من غيره بما يجري من حوله من صراعات او تصفية حسابات. والحل يكمن في تحصين الجبهة الداخلية. وهذا يفترض تضامنا بين اللبنانيين وتعزيز الحوار بين القوى السياسية المختلفة وعدم اللجوء الى الشارع لحل المشكلات.

* لماذا شبان «تيار المستقبل» مستنفرون في عدد كبير من المناطق الحساسة؟

ـ هناك استنفار من كل الجهات. وهو نتيجة المناخ السياسي غير الصحي والحاد.

* عمليا ما السبيل لضبط هؤلاء الشبان؟

ـ القيادات السياسية تدرك تماما أخطار هذه الصدامات والاصطفافات المحلية وتعمل بوعي كامل وجهد كبير لايقافها، فالتمادي فيها من شأنه ان يحدث فتنة لا احد في لبنان يريدها. هناك من يريد استغلال هذه المناخات لبث بذور الفتنة سواء بين المسلمين والمسيحيين او بين السنّة والشيعة. وأستطيع الجزم بأن القيادات السياسية لا تريد حدوث اي فتنة. ولا اعتقد ان اللبنانيين سينجرون الى الفتنة التي يسعى اليها من يتربص شرا بلبنان، وخاصة اسرائيل.

* من أين كل هذا السلاح في الشارع؟

ـ هذا المناخ السياسي والتأخر في الوصول الى حلّ من شأنهما ان يثيرا القلق من عودة الحرب الاهلية. لكن اللبنانيين اتعظوا من الحرب التي دمّرت البلاد وقضت على المؤسسات وأزهقت الارواح. وليس هناك لبناني واحد يريد العودة اليها. ولن تكون هناك حرب اهلية مجددا. والقيادات السياسية تستنفر نفسها لمنع حصول اي فتنة يمكن ان تؤدي الى حرب اهلية. السلاح موجود ولا يمكن انكار ذلك، لكنه يستنفر عادة حين تزيد الانقسامات حدّة وحين نشهد مواجهات مباشرة، لكنه يفقد دوره حين تهدأ الساحة الداخلية ونعود الى لغة الحوار.

* لماذا حلّت الذكرى الثالثة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري في ظل الانقسام الحاد الذي طاول الشارع؟ هل بتنا نشهد خطوة متقدمة باتجاه الصدام؟

ـ ذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري هي ذكرى وطنية جمعت كل اللبنانيين على احترامها. وما يثبت ذلك هو عدم حدوث اي مشكلة يوم 14 شباط (فبراير). لكن التأخر في ايجاد الحل وتعقّد القضية من شأنهما ان يزيدا الاحتقان. لذلك ندعو للعودة الى الحوار والتجاوب مع القرار العربي والتزام بنوده وتطبيقها بنيّة حسنة. وأعتقد انه اذا استطعنا الوصول الى حل سريع فكلّ هذه الاستنفارات في الشارع ستتراجع.

* لماذا وصلنا الى النفور والريبة بين السنّة والشيعة؟ ـ سبب ذلك هو الاحتقان الداخلي ومناخ عدم الثقة بين الاطراف. لكن أؤكد انه لن تكون هناك فتنة سنية ـ شيعية. والقيادات السياسية والدينية متيقظة لهذا الامر. ولن تسمح على الاطلاق بفتنة او حرب بين السنة والشيعة أو بين المسلمين والمسيحيين، لان ذلك سيقضي على معنى لبنان ومستقبله.

* كيف ستكون المحكمة الدولية عامل توحيد بين اللبنانيين والبعض ينعتها بالمسيّسة ؟

ـ أرى ان المحكمة الدولية قد أخذت طريقها. وبالتالي يجب ألا نزجّها في الصراع السياسي. كما أرى ان اللبنانيين جميعا ينشدون العدالة ويريدون معرفة الحقيقة.

* هل تحتاج الازمة اللبنانية الى ميثاق جديد يرسي نظاما جديدا ؟

ـ اعتقد ان هذه الازمة تفرض علينا ان نتمسّك اكثر من أي وقت مضى باتفاق الطائف الذي نقل لبنان من الحرب الى السلام والذي يوفر صيغة مثلى للمشاركة في الحكم وصنع القرارات. وهذا لا يعني انه اتفاق مقدس، لكنه لم يعطَ الفرصة الحقيقية ليطبّق بصورة سليمة. والوقت غير مناسب على الاطلاق ان نتحدث عن ميثاق جديد لان ذلك يعتبر انقلابا على الطائف.

* إلى ماذا ترمي جولة الرئيس فؤاد السنيورة في الخارج ولماذا هذه السرية؟

ـ هذه الجولة ليست سرية. وليس من طباع دولة الرئيس ان يعمل بسرية، فهو يعمل بجهد لاخراج البلاد من هذا المأزق ويطوف في ارجاء العالم العربي واوروبا ويتواصل مع كل الملوك والرؤساء العرب والدول الصديقة بصورة علنية لانقاذ صيغة العيش المشترك.