الجيل الجديد في كوبا ينتظر دوره

الخبراء يعتقدون أن فترة حكم راؤول انتقالية نظرا لكبر سنه ومرضه

TT

سافروا حول العالم واستخدموا الانترنت وبعثوا برسائل نصية وشاهدوا الاخبار مباشرة من هيئة الاذاعة البريطانية وسي ان ان، بدلا من مشاهدتها عبر الرقابة الحكومية... هو جيل جديد من القيادات السياسية الكوبية الذين نشأوا بعد ثورة فيدل كاسترو في العام 1959 يستعدون لوراثتها. العديد منهم، في الاربعينات والخمسينات، طوروا نظرة سياسية اكثر انفتاحا من ابائهم، وهو ما يرجع في جزء منه الى السوق السوداء في اتصالات الانترنت المحظورة التي فتحت في كوبا نافذة على العالم.

ويبقى علينا الانتظار لنرى كيف سيعمل شقيق فيدل راؤول كاسترو، المتوقع اختياره رئيسا غدا الاحد، على دمج الجيل الجديد في حكومته. ولكن المحللين الاجانب والكوبيين يقولون ان تلك القيادات الشابة، ولا سيما الصفوة منهم الذين لديهم مميزات اكثر من الاشخاص العاديين، قد يتمكنون من فتح باب تدفق المعلومات والافكار من الخارج.

ويقول مانويل كوستا المنشق الكوبي في حديث تلفزيوني من هافانا: «سنشهد تغييرا في الاسلوب مع هذا الجيل الجديد. ان المجتمع الكوبي القوي لديه المزيد من المعلومات، الا ان الناس يسألون المزيد من الاسئلة».

وكان الزعيم الكوبي المريض والبالغ من العمر 81 سنة قد اعلن استقالته هذا الاسبوع بعد نحو خمسة عقود قضاها في السلطة. ويمثل هو وراؤول الجيل المعروف في كوبا باسم «الهيستوريكوس»، أي الجيل الذي صعد للسلطة بسبب نشاطه المبكر دعما للثورة.

الا ان العديد من «الهيستوريكوس» ماتوا او فقدوا حظوتهم، وهو ما فتح الطريق امام اجيال من الكوبيين لا تعني الثورة بالنسبة اليهم اكثر من مجرد مفهوم تاريخي، خصوصا ان 70 في المائة من سكان كوبا الحاليين ولدوا بعد الثورة.

ويعتبر وزير خارجية كوبا، فيليب بيريز بوك، البالغ من العمر 42 عاما، من ضمن هذا الجيل الجديد. وهو أول كوبي يولد بعد الثورة ويجري تعيينه عضوا في حكومة كاسترو، كما انه خدم خلال فترة الـ19 شهرا السابقة مع راؤول في الحكومة الانتقالية التي شكلت عندما سلم فيديل السلطة لشقيقه راؤول بسبب المرض. وبسبب سن راؤول، 76 عاما، والشائعات التي تدور حوله مرضه هو نفسه، ينظر كثير من الخبراء الكوبيين إلى فترة حكمه كمرحلة انتقالية. ويعتبر بيريز بوك ونائب الرئيس كارسول ليهي الذي كان عمره 7 سنوات عند انتصار فيديل كاسترو، من ابرز المنافسين خارج أسرة كاسترو ليصحبوا زعماء لكوبا مستقبلا. ويتوقع ان يحتفظ كلاهما بموقعه عندما تختار الجمعية الوطنية الرئيس المقبل للبلاد غدا. ولم تعد امام كبار القادة الكوبيين الذين اعتبروا قادة محتملين لخلافة فيديل وراؤول كاسترو ـ مثل رئيس الجمعية الوطنية ريتشارد آلاركون البالغ من العمر 70 عاما، ووزير الداخلية السابق راميرو فالديز البالغ من العمر 75 عاما، فرصة للوصول إلى الرئاسة. وقال رافائيل هيرنانديز، رئيس تحرير مجلة «تيماز» الكوبية، ان أسفل هذه النخبة هناك شبكة هائلة من القادة السياسيين الإقليميين. فخلال السنوات الأخيرة بدأ فيدل وراؤول كاسترو بحقن دماء جديدة لقيادة فروع الحزب الشيوعي في الأقاليم بغرض توسيع قبولهم في أوساط الأجيال الشابة. ويعتبر ليهي البالغ من العمر 56 عاما، الأكبر سنا وسط موجة جديدة من الرموز السياسية الكوبية وواحدا من أكثرهم نفوذا. عمل ليهي مع راؤول على فتح الاقتصاد الكوبي أمام الاستثمارات الأجنبية خلال التسعينات عندما ضرب البلاد كساد اقتصادي عقب تفكك الاتحاد السوفياتي السابق. وحتى الفترة الأخيرة كان رئيس اتحاد طلاب الجامعة في كوبا، وهو منصب ممتاز تمناه فيدل كاسترو نفسه ولم يحققه.

ولعب ليهي الشاب دورا في الجدل مؤخرا حول افلام فيديو نشرت على الانترنت أظهرت طلاب الجامعة وهم يتذمرون بشأن السفر والتقييدات على الانترنت خلال جلسة انتقاد محظور حكوميا. وقبل سنوات من تولي سيزار ليهي منصب رئيس اتحاد الطلاب كان المنصب منطلقا لبيريز روكي. فبينما كان رئيسا للمنظمة اثار بيريز روكي اعجاب كاسترو الى حد أن الزعيم الكوبي اختاره مديرا لمكتبه ومساعدا شخصيا له. وكانت للشاب قوة خلف الكواليس وكان مساعدا مقربا لفيدل ويعتقد أنه كان حارسا على الأوراق الشخصية للزعيم ويومياته.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»