روسيا تلوّح باستخدام القوة ردا على استقلال كوسوفو.. وصرب البوسنة يهددون بإعلان الاستقلال

السفارة الأميركية تجلي موظفيها غير الأساسيين في بلغراد وتغلق قنصليتها في بانيا لوكا بعد أعمال الشغب

جنود فرنسيون من قوات الناتو يغلقون الطريق امام متظاهرين صرب يحاولون عبور الحدود من صربيا الى كوسوفو للانضمام الى احتجاجات الصرب هناك ( أ. ف. ب )
TT

على وقع استمرار تظاهر الصرب في البلقان اعتراضا على اعلان استقلال كوسوفو، أعلنت السفارة الاميركية في بلغراد، أمس، أنها قررت إجلاء الموظفين غير الأساسيين في السفارة في صربيا إثر الهجمات التي تعرضت لها قبل يومين وإغلاق قنصليتها في بانيا لوكا عاصمة صرب البوسنة بصورة مؤقتة، في وقت لوّحت فيه روسيا بإمكانية استخدام القوة المسلحة في حال تبنى الاتحاد الاوروبي موقفا موحدا بشأن كوسوفو.

وقال ممثل روسيا في حلف شمال الاطلسي دميتري روغوزين، امس، انه «إذا تبنى الاتحاد الاوروبي اليوم موقفا موحدا حول الاعتراف بكوسوفو او تخطى الحلف الأطلسي تفويضه في كوسوفو، فان هاتين الهيئتين ستتحديان الامم المتحدة». وأضاف: «سننطلق نحن ايضا من انه علينا استخدام قوة وحشية هي القوة المسلحة لفرض احترامنا»، على ما نقلت وكالة انترفاكس. ورأى مسؤول أميركي رفيع المستوى أن روسيا «لا تتعاون كثيرا» بشأن أعمال العنف في كوسوفو، غير انه امتنع عن اتهام موسكو بتأجيج التوتر. وأوضح نيكولاس بيرنز لقناة «فوكس» الاميركية غداة الهجمات على سفارات في بلغراد «ان الروس يتبعون سياسة متصلفة الى حد ما». واضاف «انهم ليسوا موجودين في كوسوفو ولا يفعلون شيئا لمساعدة الكوسوفيين. وهم بالتالي بمنأى (من الاحداث) وعموما قليلو التعاون»، متفاديا الإجابة بشكل مباشر عن سؤال صحافي بشأن ان كانت روسيا تؤجج التوتر في صربيا.

الى ذلك، أفادت وسائل إعلام بوسنية، أمس، بأن برلمان صرب البوسنة صادق على قرار يدين إعلان إقليم كوسوفو استقلاله عن جمهورية صربيا، ويشير مجددا إلى إمكانية إعلان جمهورية «سربسكا» استقلالها هي الاخرى.

وجاء في نص القرار الذي توصلت اليه الجمعية الوطنية لصرب البوسنة الذي يعرف باسم جمهورية سربسكا في بانيالوكا في وقت متأخر أول أمس، أن «استقلال كوسوفو غير مقبول وأن سربسكا نفسها تتمتع بحق طرح مسألة استقلالها في استفتاء في حال تعرضت لضغوط مضادة لوضعها الحالي التابع لجمهورية البوسنة والهرسك».

وذكر القرار «إذا أقرت غالبية دول الامم المتحدة وكذلك الاتحاد الاوروبي باستقلال كوسوفو، سيؤدي ذلك الى اقرار مبادئ وممارسات دولية جديدة فيما يتعلق بالحقوق الاساسية لتقرير المصير والاستقلال». وأضاف «أنه في هذه الحالة سيكون من حق المجلس الوطني لجمهورية سربسكا ان يتخذ قرارا بإمكانية طرح وضعها في استفتاء».

وأشار التقرير إلى أن جمهورية سربسكا وفقا للقرار ستبدأ إجراءات للتوصل إلى حل سلمي لوضعها، في حال رفضت المؤسسات في جمهورية البوسنة والهرسك قبول الوضع والسلطة التي منحتها اتفاقية دايتون للسلام لكيان صرب البوسنة. يذكر أن اتفاق دايتون للسلام وضع نهاية للحرب البوسنية (1992 ـ 1995) وقسم البلاد إلى كيانين عرقيين. وأشار القرار إلى أنه سيتم التفكير في طرح الأمر في استفتاء إذا ما بدأت سلطات البوسنة والهرسك اتخاذ إجراء للاعتراف بدولة كوسوفو المستقلة. وردا على ظهور مبادرات حول الاستقلال المحتمل لصرب البوسنة، حذر المنسق الدولي في البوسنة والهرسك السلوفاكي ميروسلاف لايكاك مجددا، من أن هذه المبادرات تأتي بنتائج عكسية. وأضاف في مقابلة أجرتها معه صحيفة «غلاس سربسك» اليومية مؤخرا التي تصدر في بانيالوكا «أن البوسنة والهرسك دولة ذات سيادة ومعترف بها دوليا وتضمن اتفاقية دايتون للسلام وحدة أراضيها. وينص دستور البوسنة والهرسك على أنها دولة تضم كيانين وأن الصرب والبوسنيين والكروات يمثلون العناصر الاساسية لسكانها».

وتوالت ردود الفعل المستنكرة على الاعتداءات على السفارات الاجنبية، ودان مجلس الأمن أمس الاعتداءات وحمل الحكومة الصربية المسؤولية عن أمن السفارات وسلامتها. وقال سفير بنما لدى مجلس الأمن ريكاردو ألبيرتو: «سلامة وأمن السفارات والبعثات الدبلوماسية من المهام الأساسية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وأي تقصير تتحمل مسؤوليته الحكومة المعنية، وبالتالي فإن صربيا تتحمل الوقائع ونتائج ما حدث».

وأعرب السفير الاميركي لدى مجلس الأمن زلماي خليلزاد عن غضب بلاده من الاعتداء الذي تعرضت له السفارة الأميركية في بلغراد وقال: «أنا أشعر بالحنق بسبب الاعتداء الذي تعرضت له السفارة والتي تمثل السيادة الأميركية والحكومة الصربية تتحمل المسؤولية عن ذلك وفق القانون الدولي وعليها حماية كل المؤسسات الدولية وفي مقدمتها السفارات».

ورد الناطق باسم الحزب الديمقراطي الصربي برانيسلاف ريستيفيوفيتش، وقال إن «الولايات المتحدة هي من خرق القانون الدولي وليست صربيا». من جهته، دعا المنسق الأعلى للشؤون الأمنية والعلاقات الخارجية بالاتحاد الاوروبي خافيير سولانا الى ادانة العنف الذي شهدته شوارع بلغراد. كما طالب بتهدئة الأوضاع التي انفجرت بعد اعلان استقلال كوسوفو. وقال في حزم «على الجميع القبول بما تم في كوسوفو رضوا بذلك أم لم يرضوا».

وحيى سولانا دعوة الرئيس الصربي بوريس طاديتش من صوفيا إلى الهدوء وقال: «لكن هناك جهات سياسية في صربيا لم تلتزم بهذا النداء»؛ في إشارة إلى زعيمي الحزب الديمقراطي الصربي فويسلاف كوشتونيتسا والحزب الراديكالي الصربي توميسلاف نيكوليتش.

كذلك دان وزير خارجية بريطانيا ديفيد ميليباند الاعتداءات التي تعرضت لها السفارات من بينها سفارة بلاده في بلغراد، مؤكدا أنه «لا يوجد حق للعنف». وتابع «نحن نعلم ماذا تعني كوسوفو بالنسبة لصربيا، لكن ذلك لا يبرر البتة اللجوء للعنف».

الى ذلك، أكد وزراء دفاع الاتحاد الاوروبي أثناء اجتماعهم في سلوفينيا، أمس، أن «الأوضاع في صربيا وفي شمال كوسوفو هادئة وتحت السيطرة». وتوجه وزير الدفاع الألماني فرانك جوزيف يونغ إلى كوسوفو بعد المشاركة في الاجتماع مباشرة لـ«شكر حكومة هاشم تاتشي على سلوكها الحكيم منذ اعلان الاستقلال».