نصر الله يقلل من أبعاد إعلانه «الحرب المفتوحة» ويتهم فريق 14 آذار بالمراهنة على عدوان إسرائيلي

خطابه تميز بـ «تهدئة» للخارج وتصعيد للداخل

نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم يعانق ابن القيادي في الحزب جهاد عماد مغنية، وذلك في الاحتفال الذي أقامه الحزب أمس في ذكرى مرور أسبوع على اغتيال والده (أ.ب)
TT

خفض الأمين العام لحزب الله اللبناني، السيد حسن نصر الله، من مستوى التوقعات التي اثارها خطابه الأخير غداة اغتيال القيادي البارز في الحزب عماد مغنية في ما يتعلق برد الحزب على الاغتيال، مقللاً من شأن استعماله تعبير «الحرب المفتوحة» الذي رأى فيه الكثيرون نقلاً للمواجهة مع اسرائيل الى خارج الحدود. واشار الى ان الحرب مفتوحة مع اسرائيل منذ قيامها عام 1948 وقبل نشوء حزب الله وولادة قادته، مؤكداً التزام المقاومة الدفاع عن سيادة لبنان والسعي الى تحرير ما تبقى من أراضيه واطلاق الأسرى، وهو الشعار نفسه الذي كان يرفعه الحزب قبل اغتيال مغنية. كما شرح «معاني» استخدامه تعبير زوال اسرائيل. لكن نصر الله اكد، في المقابل، ان «اي عدوان اسرائيلي جديد على لبنان سيواجه بمقاومة شرسة»، واعداً بـ «ازالة جيش اسرائيل ان حاولت دخول لبنان مجدداً».

وفي مقابل «التهدئة الخارجية» تميز خطاب نصر الله بتصعيد داخلي في وجه فريق 14 آذار. اذ اتهمه بالمراهنة على «عدوان اسرائيلي يستهدف الحزب والمعارضة»، واصفاً قيادات الاكثرية بـ«المساكين» ومستغرباً حديثهم عن قرار الحرب والسلم وهو قرار «يجب انتزاعه من قلب اليهود وأسيادهم في واشنطن». وجاءت مواقف نصر الله في خطاب القاه خلال احتفال اقامه الحزب امس في ذكرى اسبوع مغنية والذكرى السنوية لاغتيال الأمين العام للحزب، عباس الموسوي، والقيادي الشيخ راغب حرب.

وقد توجه الى من وصفهم بـ «المساكين في لبنان الذين يتحدثون عن قرار الحرب والسلم» قائلاً: «ان قرار الحرب والسلم ليس بأيديكم ولو كنتم حكومة. قرار الحرب والسلم هو بيد اسرائيل منذ العام 1948. والقرار الذي نتخذه نحن هو حقنا الشرعي والقانوني والطبيعي والإنساني والأخلاقي في الدفاع عن شعبنا وأهلنا وقرانا ووطننا عندما تتخلى عنه الدولة وعندما يتخلى عنه العالم». وأضاف: «اذا كنتم تريدون الحصول على قرار الحرب والسلم وانتزاعه، عليكم ان تكونوا ابطالاً واسوداً لتنتزعوه من قلب اليهود، اولمرت وايهود باراك واسيادهما في واشنطن».

وتناول مصطلح «الحرب المفتوحة» الذي استخدمه في خطابه الاخير ولقي ردوداً رافضة من قبل 14 آذار، معتبراً «ان الحرب مفتوحة منذ العام 1948. وهم الذين فتحوا هذه الحرب على فلسطين وعلى امتنا العربية والإسلامية وعلى لبنان. انتم تريدون ان تحيدوا انفسكم ولكن العدو يرفض ان يحيّد هذا البلد ورفض ان يحيده».

وأعلن نصر الله انه لن يستخدم بعد اليوم تعبير فريق 14 شباط عندما يشير الى فريق الأكثرية البرلمانية «تنزيها للمناسبة ولذكرى (اغتيال) الرئيس رفيق الحريري من هذه القيادات ولغتها وشتائمها. وانما اقول فريق السلطة او الموالاة او اي تعبير آخر». واستغرب ان «تقف بعض قيادات فريق السلطة لتحتج علينا بالإمام موسى الصدر بفكر الإمام الصدر وخطه. نحن نقبل هذا الاحتجاج. واقول لهم: طالما اننا اضعنا الكثير من المرجعيات التي نعود اليها في حسم خلافاتنا ومسائلنا، تعالوا لنعود جميعاً للبنانيين ما دمتم تعتبرون ان فكر موسى الصدر هو فكر لبناني وليس فكراً ايرانياً تابعاً لولاية الفقيه، كما تقولون. تعالوا لنحتكم الى فكر موسى الصدر في مسألة المقاومة والصراع العربي ـ الاسرائيلي وكذلك في مسألة الوضع اللبناني الداخلي. وانا اقول باسم كل فرد في حزب الله وبطبيعة الحال باسم كل فرد في حركة امل اننا نقبل بكل حرف قاله الإمام موسى الصدر في اي مسألة من المسائل».

وكرر نصر الله ان عماد مغنية «رحل وقد انجز المهمة ولم يبق هناك شيء يحتاج الى عماد مغنية لينجزه»، وقال: «لقد انجز ما عليه ورحل وترك هذه الامانة الكبيرة واصبح عنواناً ورمزاً لمرحلة متقدمة جداً من مراحل المقاومة وحضورها وتطورها وقدرتها على مواجهة الهجوم والعدوان». واشار الى ان اغتياله «اتى بعد 25 عاماً من الملاحقة والمتابعة والتعاون الاستخباري الاميركي ـ الاسرائيلي في محاولة لخطفه او قتله، وبعد 25 عاماً وصلوا اليه».

وتحدث نصر الله عن «انجازات» مغنية، مشيراً الى انه «بعد الحرب عمل على معالجة عناصر الضعف في حزب الله، وقد أنجز مهمته كاملة قبل استشهاده. وكان الصانع الميداني لانتصار 25 مايو (ايار) 2000 وعملية اسر العقيد (الاسرائيلي الحنان) تاننباوم».

وأكد ان «التحقيق في عملية الاغتيال في دمشق ما زال مستمراً ومتواصلاً»، مشدداً على انه «مسؤولية سورية بالكامل لانه حصل في دمشق»، ومعتبراً «ان كل ما قيل في وسائل الاعلام عن لجنة تحقيق ايرانية ـ سورية مشتركة هو غير صحيح». واشار الى ان «حزب الله يتعاون مع التحقيق السوري بما لديه من معطيات».. واضاف: «نحن نعتبر ان اسرائيل هي العدو وهي الخصم وهي المسؤول عن الاغتيال. وكنا حازمين وواضحين في هذه المسألة. ولكن هناك من يريد ان يحرف مسار المسؤولية باتجاه آخر. وهذا ما نرفضه بشكل قطعي وأكيد». وتابع: «من حقنا ان نستغرب ما قامت به بعض الدول الغربية من اغلاق مراكز ثقافية لها في صيدا او طرابلس، او ما قامت به بعض القوى العربية من تحذير رعاياها من السفر الى لبنان، وكذلك فعلت بعض الدول الغربية. اذا كان المقصود هو الحذر منا، فعدونا وخصمنا هو الاسرائيلي. وثأرنا عند الاسرائيلي. ونحن لن نوجه اتهاماً الى احد. واذا كان المقصود هو الخشية او الحذر ممن قد يدخل على الخط، فليعلنوا ذلك وليوضحوا ذلك ولا يتركوا الامور ملتبسة. نعم، يجب ان نحذر جميعاً من دخول اي طرف على الخط لأن هناك اطرافاً لها مصلحة من توتير الاجواء في لبنان وايجاد خضات امنية في لبنان ومخاطر جدية في لبنان. هذه مسؤوليتهم ان يوضحوا هذا الأمر. وبالتالي نحن نطالب هذه الدول بأن تتصرف بشكل مسؤول وطبيعي، الا اذا كان هناك ايضاً احتمال آخر، استغلال هذه المناسبة لدفع الامور الى مزيد من التوتر والتشنج مع اسقاط المبادرة العربية للذهاب الى التدويل والقول ان لبنان على حافة الهاوية وان لبنان على حافة الحرب الاهلية وان لبنان على حافة الانهيار الشامل فلنذهب الى مجلس الامن وليتحمل هو مسؤولية الوضع في لبنان. وآمل ألا يكون الوضع كذلك». وشدد نصر الله على ان استراتيجية المقاومة في لبنان «كانت وما زالت تحرير ما تبقى من ارض لبنانية محتلة واسرى في السجون والدفاع عن لبنان وحماية لبنان في مواجهة الاعتداءات الصهيونية الاسرائيلية المتكررة والقائمة»، وقال: «ما زلنا ندعم هذا الخيار ونؤيده. ونرى فيه مصلحة للبنان ولنا ولجنوب لبنان ولكل اللبنانيين. اما زوال اسرائيل من الوجود، يا اعداء اسرائيل انتم الاحبة. وانتم البقية في المقلب الآخر اصدقاء اسرائيل والمراهنون عليها اقول لكم: ان زوال اسرائيل من الوجود هو نتيجة حتمية، هو قانون تاريخي وسنة إلهية لا مفر منها. وهذا مسار تاريخي في المنطقة. واعتقد ان هذا المسار سيصل الى نهايته خلال سنوات قليلة».

ورد نصر الله على التهديدات الإسرائيلية بالحرب، قائلاً: «نحن ننظر الى اغتيال الحاج عماد على انه عملية استباقية وليست مجرد ثأر او ازالة لتهديد يمثله عماد مغنية وانما عملية استباقية لما تحضّره اسرائيل للبنان وللمنطقة... فاذاً قتل الحاج عماد في سياق حرب مفتوحة وعملية استباقية تحضر من خلالها اسرائيل لحرب جديدة». واعرب عن اسفه «لأن بعض الاحزاب في فريق السلطة اعاد نغمة تطمين الكوادر والقيادات الى ان هناك حرباً قريبة ستقضي على حزب الله وعلى المعارضة، مشيراً الى «انهم يحددون تاريخ ابريل (نيسان) او مايو (ايار). ولهذا نراهم غير مستعجلين لأي تسوية سياسية مهما تنازلت المعارضة. وسيدهم الأميركي يعلن رفض المبادرة العربية وهم لا يعلقون. لو ان الذي قاله ديفيد ساترفيلد قاله الوزير وليد المعلم لقامت الدنيا في لبنان ولم تقعد». ولفت الى «ما قاله فريق السلطة بعد ذكرى 14 فبراير (شباط) حول ان ما بعد هذا التاريخ هو غير ما قبله، للتنصل من كل ما حصل خلال المفاوضات والاجتماعات الرباعية، لان مليونا ونصف المليون نزلوا تحت المطر الى ساحة الشهداء. واعتبروا هذا استفتاء شعبياً. ودليلاً على انهم الاكثرية. فاذا كان هذا هو المقياس فانا أقترح ان نأخذ مهلة 10 ايام وان يدعو كل منا الى مظاهرة بعيداً عن الشهداء ونتكلم سياسة ونطرح شعارات سياسية موالاة ومعارضة ونعد من هم الاكثرية الموالاة ام المعارضة«.

واتهم نصر الله فريق 14 آذار بتعطيل المفاوضات وكل اشكال الحوار، مشيراً الى ان «اللقاءات التي تحصل في عواصم العالم (في اشارة الى جولة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة) تتم على هذه القاعدة وانطلاقاً من هذه الرؤية.. هم يحدثون كوادرهم وعناصرهم ويقولون لهم كما قال لهم الأميركي: علينا ان نصمد اشهراً قليلة وستتغير الحال، لأن هناك حرباً على حزب الله في لبنان تنهي حزب الله وتنهي معه المعارضة ويكون لبنان لهم». وأضاف: «اذا كان من حرب جديدة فنحن بكل فخر واعتزاز وثقة مستعدون للمواجهة والدفاع ومستعدون لصنع نصر جديد، ان شاء الله».

وأفاد نصر الله بأنه «عندما نقول ان استراتيجية المقاومة هي الدفاع عن لبنان، فهذا شيء. ولكن، هناك شيء آخر وهو حقنا المشروع في الدفاع عن النفس عندما نقتل وخصوصاً خارج حدود الوطن».