تهدئة فلسطينية ـ إسرائيلية متبادلة مؤقتة بانتظار نتائج الجهود المصرية

القذائف الصاروخية تتوقف عن السقوط على المستوطنات .. والطائرات الإسرائيلية تغيب عن سماء غزة .. ومباحثات مصرية ـ إسرائيلية لفتح المعابر

TT

بشكل مفاجئ يسود قطاع غزة منذ ثلاثة أيام هدوء شبه تام، فالفصائل الفلسطينية لم تطلق خلال الثماني والأربعين ساعة الأخيرة قذائف صاروخية على التجمعات الاستيطانية اليهودية في محيط قطاع غزة. في نفس الوقت، فإن الجيش الإسرائيلي باستثناء بعض عمليات إطلاق النار المحدودة، لم يقم بأي عملية توغل داخل قطاع غزة، مع أن كل الدلائل كانت تشير إلى أن الجيش الإسرائيلي كان بصدد تنفيذ عدة عمليات توغل كبيرة، رداً على عملية تفجير الجيب العسكري شمال شرق قطاع غزة، التي أسفرت عن مقتل جنديين إسرائيليين وجرح ثلاثة، وعملية إطلاق النار في القدس، التي أسفرت عن مقتل ثمانية إسرائيليين وجرح 15 آخرين الخميس الماضي. مظاهر التهدئة أيضاً كانت في عدم قيام سلاح الجو الإسرائيلي بتنفيذ أي طلعات جوية في سماء القطاع خلال اليومين الماضيين، مع أن الطائرات الحربية الإسرائيلية كانت قلما تفارق أجواء القطاع. مصدر فلسطيني مطلع أبلغ «الشرق الأوسط»، أن الفصائل الفلسطينية وإسرائيل وافقتا على تهدئة مؤقتة، بناء على طلب الحكومة المصرية. وأضاف المصدر أن كل الفصائل الفلسطينية التزمت التوقف عن إطلاق الصواريخ لفترة محددة، مقابل التزام إسرائيل بوقف عملياتها الهجومية في القطاع. وشدد المصدر على أن الحديث يدور عن «تهدئة مؤقتة» فقط، ريثما تقوم القاهرة بإعداد اتفاق تهدئة ورفع الحصار عن قطاع غزة، إلى جانب التوصل لصفقة تبادل أسرى يتم بموجبها إطلاق مئات الأسرى الفلسطينيين مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شليط. وأوضح أن الفصائل الفلسطينية وافقت على تهدئة «de facto»، لمنح المصريين الفرصة للتواصل مع الإسرائيليين والأميركيين بشأن التهدئة. وأشار المصدر إلى أن الزيارة التي قام بها أمس الجنرال عاموس جلعاد للقاهرة تندرج في إطار الاتصالات الهادفة للتوصل للصفقة الشاملة. وأضاف المصدر أن نقطة التحول في الجهود للتوصل للتهدئة جاءت بعد أن دخلت الإدارة الأميركية على الخط، وتكليف ديفيد وولش نائب وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بمتابعة الجهود التي تبذلها مصر للتوصل إلى تهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل. واستدرك المصدر قائلا: إن التهدئة المؤقتة يمكن أن تنهار في أي لحظة في حال قام أي من الطرفين بتفسير سلوك الطرف الآخر على نحو يبرر خرق التهدئة. وأضاف «يكفي أن تقوم إسرائيل بعمليات اغتيال في الضفة الغربية ضد ناشطي أي من الفصائل الفلسطينية في الضفة ليكون هذا سببا لقيام الفصائل في غزة بالرد على ذلك، وفي المقابل من الممكن أن تهاجم إسرائيل القطاع كرد على عمليات تنفذ في الضفة الغربية أو القدس». وامتنع جلعاد عن الإجابة عن سؤال للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي مساء أول من أمس (السبت)، بشأن أهداف الزيارة، ولكنه من جهة أخرى لم يستبعد ضمنيا، اتفاق تهدئة تتفاوض بشأنه مصر. ووضع جلعاد، شرطين لوقف الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، هما «الوقف التام لإطلاق الصواريخ (من قطاع غزة على إسرائيل) ووقف تهريب الأسلحة من مصر إلى قطاع غزة».

وقد أنهى الوفد الأمني الإسرائيلي زيارة لمصر أمس استمرت عدة ساعات، وكشفت مصادر مصرية النقاب عن أن مباحثات الوفد الإسرائيلي الذي ترأسه الجنرال عاموس جلعاد، مع المسؤولين المصريين ركزت على محورين أساسيين، الأول هو الترتيبات الأمنية الحدودية بين مصر وقطاع غزة، خاصة فيما يتعلق بموضوع المعابر وكيفية وضع آلية تشغيل تضمن بقاء على الاقل معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة في حالة فتح دائمة تضمن لفلسطينيي القطاع حرية التنقل والعلاج وغيرها من الامور الحياتية الضرورية. أما المحور الثاني فكان عن التهدئة بين الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني خاصة بعد أن امتدت العمليات الاسرائيلية، من قطاع غزة الى الضفة الغربية، وقامت بحملات اعتقال ومداهمات وتصفيات. وأشارت المصادر إلى أن القاهرة كررت خلال مباحثات الأمس، الإعراب عن غضبها الشديد من هذه العمليات العسكرية، وحملت الطرف الاسرائيلي مسؤولية التصعيد من وتيرة العنف، وأكدت سعيها إلى تهدئة طويلة الأمد بين الطرفين خاصة أن مباحثات مماثلة تجري مع وفد يضم مسؤولين في حركتي المقاومة الاسلامية حماس والجهاد الإسلامي في العريش شمال شرقي مصر، بهدف الوصول إلى آليات تضمن استمرار عملية التهدئة وفتح معبر رفح الحدودي بصورة دائمة وبطريقة منظمة تضمن عدم تكرار اجتياح الحدود المصرية من قبل الفلسطينيين، مجتازين الجدار الحدودي والحواجز الأمنية.

ولم يصدر أي تصريح رسمي عن المحادثات التي جرت إلا أن المصادر أوضحت إن الجانب الإسرائيلي أطلع المصريين على مخاوفه من استمرار اطلاق الصواريخ الفلسطينية على البلدات الإسرائيلية وما تشكله هذه الصواريخ من ضغط على الحكومة الاسرائيلية من جانب الرأي العام الاسرائيلي وبعض المتشددين داخل الحكومة والكنيست الإسرائيلي. وقالت المصادر «إن القاهرة حريصة وبشدة على استقرار الأوضاع في المنطقة وأن مساعيها مع الطرفين الفلسطيني بكافة انتماءاته والاسرائيلي أيضا تهدف إلى سرعة تهيئة المناخ المناسب لاجراء مباحثات سلامة جادة بين الطرفين تنتهي بقيام الدولة الفلسطينية».