العثور على الفرنسية التي طلبت الموت الرحيم ميتة في بيتها

القضاء لم يمنح طبيب شانتال الحق في إنهاء معاناتها

TT

وجدت ربة أُسرة فرنسية تعاني من نوع بشع من السرطان ميتة في بيتها، ليلة أول من أمس، بعد أن شغلت حكايتها الرأي العام وأثارت جدلاً أخلاقياً ودينياً وقانونياً طوال الاسبوعين الماضيين. ولم تعرف، للوهلة الأُولى، أسباب الوفاة وهل جرت بسبب تدهور حالة المريضة أم أنها حادثة انتحار.

وتم العثور على المعلمة السابقة شانتال سيبير، 52 عاماً، ميتة مساء الأربعاء الماضي في بيتها الواقع في ضواحي مدينة ديجون. وأعلن وكيل النيابة الذي تولى معاينة المكان أن المعلومات الأولية المتوفرة لديه بعد فحص الجثة لا تسمح بتحديد سبب الوفاة. ولن تحسم القضية إلا في حال أمر قضائي بتشريح الجثمان.

وقسمت قضية شانتال سيبير الفرنسيين ما بين مؤيد لرغبتها في إنهاء حياتها بشكل قانوني، أي بمساعدة الطبيب ووفقاً لضوء أخضر من العدالة، وبين رافض للفكرة لأسباب قانونية ودينية وأخلاقية ترى أن الأعمار بيد الله وأن مهمة الطب هي مساعدة المريض على الشفاء لا على الموت. وزاد من حدة الانقسام ظهور شانتال على شاشة التلفزيون، في نشرات الأخبار، طوال الاسبوع الماضي، ورؤية التشويه الذي أحدثه المرض في انتفاخ عينيها وتفسخ أجزاء من وجهها وفقدانها البصر وهزالها الشديد. لكنها كانت، رغم ذلك، متمالكة لقواها العقلية وتتولى شؤون بيتها بنفسها، بمساعدة زوجها وأبنائها الثلاثة.

وتعاني سيبير من نوع نادر من المرض الخبيث الذي ينمو في المحاجر وتجويف الأنف. ولم ترصد سوى 200 إصابة بهذا المرض في العالم كله، خلال السنوات العشرين الماضية. وعدا عن تداعياته النفسية الناجمة عن التشوهات الخلقية، يسبب المرض آلاماً شديدة للمصابين به.

وكانت المريضة قد تقدمت بطلب الى القضاء للسماح لطبيبها بإنهاء حياتها لأن المرض يسبب لها معاناة لا تحتمل. وجاء طلبها بعد التشاور مع عائلتها. لكن وزيرة العدل الفرنسية رشيدة داتي ارتأت أن إنهاء حياة إنسان هو أمر مخالف للقانون الفرنسي، رغم اعترافها بالوضع المؤلم للمريضة. وقالت الوزيرة في تصريح لإذاعة «فرانس أنتير»: «تريد هذه السيدة من العدالة أن ترفع المسؤولية الجنائية عن طبيبها (في حال تدخل لانهاء حياتها) لكننا أسسنا تشريعاتنا على مبدأ الحق في الحياة، وهو المبدأ ذاته الذي يحكم الشرعة الأُوروبية لحقوق الانسان».

وكان تعديل قد أُجري على القانون الفرنسي، عام 2005، لجعله أكثر توازناً مع القوانين المعتمدة لمواجهة هذه الحالات في دول أوروبية مجاورة مثل بلجيكا وسويسرا، وأكثر تسامحاً في مواجهة المرضى الذين يطلبون الموت بحجة اليأس من الشفاء وعدم القدرة على الاستمرار في تحمل الألم. وحسب التعديل المذكور، يجوز للطبيب، بالاتفاق مع عائلة المريض، تقليص أو وقف العلاج إذا بات غير نافع، حسب رأي لجنة من الأطباء.

وأثارت قضية سيبير انقساماً داخل الحكومة نفسها، فمن جانبه رأى رئيس الوزراء فرانسوا فيون، في تصريحات سابقة، أن من غير الممكن تقديم حل حاسم حول موقف المجتمع والقانون من مشكلة تمس الحياة الحميمة للأفراد. وطالب بمزيد من التشاور، داعياً الفرنسيين الى إنضاج هذه القضية، قائلاً: «يجب أن يكون لدينا التواضع الكافي للاعتراف بأن المجتمع غير قادر على تقديم الحلول لكل المشكلات». كما أشاد بالتعديل القانوني الذي يوفر للمرضى، في هذه الحالات، رعاية خاصة نفسية وطبية لتخفيف آلامهم الجسدية. أما وزير الخارجية برنار كوشنير، وهو طبيب سابق، فقد دعا الى التعامل مع الحالة المحزنة لشانتال سيبير باستثناء خاص مع طلبها الذي رفضه القاضي الاثنين الماضي.

يذكر أن المريضة كانت قد أعلنت أنها اتخذت قراراً لن تحيد عنه بوضع حد لحياتها، في حال رُفض طلبها لما يسمى بالموت الرحيم. وكان من المنتظر أن تلجأ الى دولة مجاورة، مثل سويسرا، حيث يعترف القانون بطلبها. لكن أحداً لم يكن يتوقع أن تنهي حياتها بهذه السرعة.