مهرجان احتفالات الربيع.. رمز الحب والمحبة

فيه يخرج الهنود للغناء بأعلى عقيرتهم ورش بعضهم البعض بألوان قوس قزح

جوانب من الاحتفالات بمهرجان الربيع في الهند
TT

احتفالات الربيع لا تقتصر على «نيروز» أو على «شم النسيم»، ففي الهند، وكما تشير هذه الصور تقام احتفالات كبيرة بالمناسبة، وإن كانت لها دلالات دينية. «احتفالات الربيع» التي تعرف ايضا باسم «احتفالات الألوان» واسمها بالهندية «هولي» تقام سنويا في الهند ونيبال، وتبدأ ليلة اكتمال القمر التي توافق في عامنا الحالي ليلة الثاني والعشرين من هذا الشهر. وفي هذه المناسبة تغطي الشوارع كل ألوان قوس قزح، حيث يخرج السكان إلى الشوارع في ملابس زاهية، ويبدأون برش بعضهم البعض بنوع من البودرة الملونة، وهم يغنون بأعلى اصواتهم. ويعود هذا التقليد، إلى الإله كريشنا الذي يقال انه كان يغار من بشرة توأم روحه رادا البيضاء، فاشتكى إلى امه من بشرته الداكنة، وكان رد أمه التي أرادت ان «تجبر بخاطره» ان طلبت منه رش وجه رادا بالألوان حتى يغير لون وجهه باللون الذي يريده. ومنذ ذلك الحين اكتسبت هذه اللعبة شعبية وتحولت مع الوقت إلى تقليد ثم إلى مهرجان معترف به. واليوم اصبح أمرا عاديا ان يلون الأحباء وجوه بعضهم البعض بالألوان كرمز للحب والمحبة.

وفي رواية اخرى يستمد مهرجان «هولي» طقوسه من الأساطير الهندوسية عن الإشعاع في الوجود، وتبعا لها ففي أيام الاحتفالات هذه تعبر موجات من الضوء نواحي الكون متخذة لها مختلف الألوان التي تغذي وتكمّل العناصر الطبيعية الأربعة عند الهندوس: الماء والنار والرياح والتراب.

ولهذه الاحتفالات اسباب أخرى بالطبع. إحراق هوليكا، شقيقة ملك الشياطين هيرانياكاشيبو الذي منحه الإله براهما موهبة تجعل من المستحيل تقريبا أن يُقتل حسب تلك الأساطير. وقد أوتي هذه الموهبة بعد ان كفّر عن سيئاته وطلب جزاء ذلك ان يصبح قتله مستحيلا «ليلا او نهارا، ليس في داره او خارجها.. ليس على الأرض أو في السماء.. وليس علي يد انسان أو حيوان».

فلما صار له ما أراد، اغتر وتجبر طالبا ان يتخلى البشر عن عبادة الآلهة وألا يعبدوا سواه. وبرغم هذا كان ابنه برالاد من عباد الإله فيشنو المخلصين. وعقابا له على ذلك أمر والده بأن يقتل بالسم، حسبما يعتقد الهنود، لكن السم تحول الى رحيق في عروقه، فأعاد والده الكرة بمحاولة قتله برميه تحت أقدام الأفيال لكنه نجا منها أيضا، فوضعه في غرفة ليس فيها غير الأفاعي السامة لكنه سلم منها.

وهكذا فشلت محاولات هيرانياكاشيبو للتخلص من ابنه، فلجأ الى حل أخير وهو انه أمر برالاد بأن يجلس على نار معسكر أشعلها له في حجر خالته هوليكا. وكانت هذه ترتدي عباءة تحميها من الاحتراق. وأطاع برادلا أمر أبيه ودعا فيشنو لإنقاذه من الحطب المشتعل وألسنة اللهب. فما أن أشعلت النار حتى طارت العباءة من جسد هوليكا فالتهمها الحريق وأحاطت بجسد برادلا فنجا بجلده. ولا تنتهي الأسطورة هنا إذ تمضي الى مقتل ملك الشياطين نفسه. فقد أتاه الإله فيشنو في شكل مخلوق عبارة عن نصف إنسان ونصف أسد (لا بشر ولا حيوان). وأتاه عند الغسق (لا ليل ولا نهار). وأتاه في عتبة داره (لا داخلها ولا خارجها). فما ان استقام له كل ذلك حتى أخذه في حجره (الذي ليس على الأرض وليس في السماء) وأنشب مخالب الأسد في جسده فقتله. وأهم أحداث احتفالات هولي هي نار المعسكر الهائلة التي تشعل في أولى ايام هذا المهرجان لتعيد الى الأذهان احتراق هوليكا ونجاة برادلا من النار التي أراد له أبوه أن يقتل بها. ولبس المتدينون في أيامه الأبيض، بينما يحتكر الأطفال بشكل خاص الملابس المزركشة الملونة في عيد الألوان هذا. كما ان المهرجان لا يكتمل الا بتبادل الهدايا بين الأقارب والأصدقاء والجيران وهي في الغالب مختلف صنوف الحلوى الهندية.