البنك الدولي: أسعار المواد الغذائية ستواصل الارتفاع.. وقد تزداد التوترات في بعض الدول

وسط انتقادات قوية لدعم مزارعي الذرة لإنتاج الإيثانول

عامل يحمل احد أكياس العلف في السعودية (تصوير: خالد الخميس)
TT

توقع تقرير اقتصادي دولي تواصل ارتفاع اسعار الوقود والغذاء، مما سيمثل مشكلة خطيرة بالنسبة للبلدان النامية، مؤكدا ان الازمة من المرجح ان تستمر لسنوات مقبلة، كما انه من المتوقع ان تحدث اضطرابات في العديد من الدول. وقال داني ليبزيغر، نائب رئيس البنك الدولى للحد من الفقر والإدارة الاقتصادية «لقد وصلت الامور الى مرحلة حرجة، حيث انك قد ترى اعمال الشغب والاضطرابات في العديد من البلدان نتيجة صعود الاسعار».

وتابع ليبزيغر بالقول، انه بينما قد تستفيد بعض الدول من ايرادات تصدير السلع الأساسية، الا ان مشكلة ارتفاع اسعار الغذاء والوقود انتشرت على نطاق واسع بما فيه الكفاية، وباتت تؤثر سلبيا على نحو 30 الى 40 بلدا ناميا. واضاف «البنك الدولي اصبح يميل للاعتقاد ان هذه المشكلة ليست قصيرة الأجل، هذه القضية هيكلية تتعلق بالطلب العالمي، ولأسباب ما يحدث في أسعار النفط والوقود الحيوي، وهذه المشكلة من المتوقع ان تستمر لعدة سنوات»، وفقا لما اوردته رويترز. وشهدت اسعار الغذاء والوقود ارتفاعا حادا تسارع فى عام 2008، فقد شهدت اسعار الغذاء في الفترة من يناير (كانون الثاني) 2007 وعام 2008 زيادات تتراوح بين 10 الى 34 في المائة. وتقف وراء تلك الطفرة القوية في اسعار المواد الغذائية صعود أسعار الطاقة والاسمدة، والاستخدام المتزايد للمحاصيل الغذائية لانتاج الوقود الحيوي، فضلا عن تنامي نصيب الفرد من الدخل في الاقتصادات النامية مثل الصين والهند، بالاضافة الى انخفاض مخزونات العالم من الحبوب. وقال البنك الدولي في الوقت الراهن انه يجري تقييم حجم المشاكل في كل بلد ويمكن ان يقوم إما بزيادة او تسريع خطى ميزانية الدعم لاولئك الذين هم في اشد الحاجة اليها. وكان صندوق النقد الدولي وقد اوصى باتخاذ تدابير هادفة الى حماية المجتمعات الافقر من ارتفاع الأسعار من خلال برامج التغذية والتحويلات النقدية. كما قام باتخاذ تدابير مناسبة أخرى يمكن ادراجها في الاجل القصير، مثل توسيع نطاق امدادات طويلة الاجل والاستثمارات في البنية الأساسية لزيادة التجارة.

وترتفع أسعار السلع باطراد ويشكو كبار المسؤولين التنفيذيين في شركات صناعة المواد الغذائية من ان التكاليف لن تنخفض مادامت الحكومة الاميركية مستمرة في دعم مزارعي الذرة لانتاج الايثانول.

وتوالت الاتهامات على صناعة الايثانول بأنها السبب في كل شيء من ارتفاع أسعار المواد الغذائية الى الاضرار بالبيئة.

وأدى الاستخدام المكثف للذرة في هذه الصناعة الى انقسام في القطاع الزراعي.

فالمزارعون سعداء بالارتفاع القياسي في الاسعار، لكن منتجي الماشية والخبازين يشكون من ارتفاع التكاليف.

وقال كبار المسؤولين التنفيذيين في قمة رويترز عن الغذاء في شيكاغو هذا الاسبوع، انه يتعين أن يعيد المشرعون بحث الامر.

وقال البعض انه يتعين فرض قيود على انتاج الوقود من مصادر الطاقة المتجددة أو الغاء مزايا يحصل عليها المزارعون لانتاجه، والا سيظل المستهلكون يشعرون بوطأة ذلك على الاسعار.

وقال سي. جيه فرالي مدير عمليات اميركا الشمالية بشركة سارا لي كورب عن استخدام الذرة في صناعة الايثانول: «اود لو خصصت مساحات الاراضي هذه لزراعة القمح ومنتجات توجه للغذاء لكن هذا هو الحال في الوقت الراهن».

وأضاف «اقتصاديات انتاج الايثانول لا تدعم هذا القرار باعتباره قرارا اقتصاديا جيدا... في الاجل القصير لا يعتبر استخدام الذرة في صناعة الايثانول قرارا جيدا بالنسبة للمستهلك الاميركي».

وروج البعض للايثانول على أنه السبيل لخفض اعتماد الولايات المتحدة على النفط الاجنبي. وزاد استخدام الذرة في صناعة الايثانول الى ثلاثة أمثاله من 2001 الى 2006 وتقدر الحكومة أن ربع انتاج الذرة يوجه للايثانول.

ويشجع صناع القرار هذه الزيادة. ودعا قانون عن الطاقة أقر في ديسمبر (كانون الاول) لانتاج تسعة مليارات غالون من الوقود من مصادر طاقة متجددة هذا العام ارتفاعا من خمسة مليارات في عام 2005 وان ترتفع الى 36 مليار غالون خلال 14 عاما.

وتوفر الحكومة كذلك لصناع هذا الوقود اعفاءات ضريبية لتحويل الايثانول الى وقود سيارات وتفرض رسما جمركيا على الايثانول المستورد.

وفي حين أشاد المسؤولون التنفيذيون في القمة بأهداف هذه المساعي الا أنهم قالوا ان المستهلكين لن يرضوا عن النتائج. وسعى مسؤولو الشركات لحشد تأييد المشرعين، سواء بشكل مباشر أو عن طريق اتحادات تجارية لدراسة الامر من جديد.

وقال ريك سيرر رئيس عمليات شركة كرافت فودز في اميركا الشمالية «نحن بالتأكيد كمجتمع نرغب في تقليل اعتمادنا على النفط الاجنبي... وللاسف فان التفويض بانتاج الوقود العضوي له عواقب غير مرغوب فيها فيما يتعلق بالتأثير على أسعار الغذاء».

وأشار الى توجيه المزيد من الاراضي الزراعية لانتاج الذرة وتقليل المخصص لزراعة القمح وفول الصويا، مما أدى الى ارتفاع اسعارهما حتى مع استمرار ارتفاع أسعار الذرة بسبب نمو الطلب.

ويريد جاري رودكين الرئيس التنفيذي لشركة كون اجرا فودز من الحكومة أن تعرض حوافز على منتجي الوقود الحيوي ليستخدموا المزيد من البدائل غير الغذائية، والحد من كميات الوقود الحيوي المنتجة. ويرغب كذلك في رؤية تحويل الجهات التنظيمية لمساحات أكبر من الاراضي لبرامج الزراعة التقليدية لاستخدامها في زراعة محاصيل غذائية.

ويتفق كيندال باول الرئيس التنفيذي لشركة جنرال ميلز في الرأي القائل ان التوجه لانتاج الوقود الحيوي من بدائل غير غذائية سيكون خطوة جيدة، بحسبما جاء في وكالة رويترز.

وقال «سيكون من الخير أن نتمكن من تطوير صناعة وقود حيوي تتسم بالكفاءة والجدوى الاقتصادية وتعتمد على النباتات العشبية ومنتجات مخلفات السيليلوز».

وأشار مسؤولون اخرون بالقمة الى انه يتعين كذلك مناقشة الاعفاءات الضريبية والتعريفات الجمركية.

غير أن ريتشارد فيديريكو رئيس سلسلة مطاعم تشاينا بيسترو لا يقلقه ارتفاع أسعار السلع بقدر ما يقلقه ارتفاع تكاليف العمالة التي تواصل ارتفاعها باطراد. ويقول «هذا الارتفاع لن يدوم وستتراجع الاسعار لمستويات طبيعية».

ولكن جو ساندرسون الرئيس التنفيذي لساندرسون فارمز رابع أكبر مزرعة دواجن في الولايات المتحدة لديه وجهة نظر أكثر عملية فيقول ان من المستبعد ان تتغير الاوضاع. وأضاف «هناك ما بين 40 الى 50 شركة لتصنيع منتجات الدواجن. هل تعلم عدد مزارعي الذرة.. عدد منتجي الايثانول أكبر من عدد منتجي الدواجن».

وتابع «البنية الاساسية لانتاج الايثانول قائمة... مصانع الايثانول موجودة. لا أعتقد أن سعر الدجاج مسألة حساسة بالنسبة للمستهلك الاميركي مثل سعر البنزين وهذا هو الاساس الذي بنى رجال الكونغرس حساباتهم عليه».