كبير اقتصاديي بنك كريدي أجريكول: لسنا بحاجة إلى أن نزين الكلام.. أميركا تواجه الآن ركودا اقتصاديا

جون بول باتباز لـ"الشرق الأوسط": أزمة الاقتصاد في الولايات المتحدة هي الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية

جون بول باتباز
TT

جون بول باتباز، دكتوراه في الاقتصاد من جامعة السوربون بباريس، وكبير اقتصاديي بنك كريدي أجريكول، البنك الأول في فرنسا وهو أيضا عضو في لجنة مستشاري رئيس الوزراء الفرنسي للاقتصاد والتمويل. التقته الشرق الأوسط خلال زيارة قصيرة للقاهرة، وسألته عن آثار الأزمة الاقتصادية العالمية على الدول النامية ومنها مصر. فكان هذا الحوار.

* كيف ترون الأزمة الاقتصادية الحالية وقد أصبح العالم كله في حالة قلق؟

ـ أود أن أعترف أن الأزمة التي بدأت في الولايات المتحدة هي الأسوأ في حياتي، فقد شهدت العديد من الأزمات الاقتصادية منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن تلك هي الأخطر. وأسوأ ما فيها أنها تهز الثقة والمزاج العام في الأسواق، خاصة أنها انتقلت من أزمة في قطاع الإقراض العقاري في الولايات المتحدة إلى ارتباك في أسواق المال، حتى مست آثارها الآن الاقتصاد الأميركي بأكمله، ولسنا بحاجة إلى أن نزين الكلام.

أميركا تواجه الآن ركودا اقتصاديا كما أن المزاج المتعكر لدى الأميركيين ستنتقل عدواه إلى الأوربيين خلال ثلاثة أشهر، لذلك فأوروبا أيضا سترى تباطؤا خلال العام.

* إذا كان الأمر كذلك، فهل تتوقعون أن تمتد العدوى إلى الدول النامية ؟

ـ لحسن الحظ هناك شواهد قوية على أن الدول النامية لاتزال متماسكة، بل هي تدعم النمو العالمي بأسره. والدليل على ذلك زيادة الطلب العالمي على الطاقة، وكذلك زيادة الطلب العالمي على السلع الغذائية، مدفوعة بالنمو المرتفع في الدول الآسيوية الناشئة، وبالأخص الصين والهند. كما أني متفائل أن تنتهي الأزمة سريعا. فالولايات المتحدة ليست غافلة، ومن مصلحتها تجاوز الأزمة سريعا. وأعلن البنك المركزي في أوروبا عن إصلاحات قادمة. وهو أمر طالما نادى به الاقتصاديون الأوربيون.

* وماذا عن دول أصغر مثل مصر، هل ستستطيع أن تتجاوز الأزمة ؟ ـ لقد التقيت خلال زيارتي لمصر بالعديد من المسؤولين ورجال الأعمال ومن متابعتي للأداء الاقتصادي، فإن على مصر القيام بعدد من المهام حتى تستطيع الحفاظ على معدل نمو 7 في المائة على مدى عشر سنوات متواصلة يمكنها أن تصنع الفرق، او حتى بمعدل أقل قليلا مثل 6 في المائة، على أن يكون نموا يدوم لفترة طويلة لا تقل عن عقد لكن لو بقي النمو في مصر متذبذبا، على طريقة السبع العجاف والسبع السمان فلن يتحقق التقدم المطلوب، ولتحقيق ذلك من المهم مضاعفة نسبة الاستثمار إلى الناتج المحلي الإجمالي.

* ولكن في ظل تباطؤ أو ركود عالمي، هل تستطيع مصر أن تنجو لتحقق هذا المعدل لعقد متواصل؟

ـ بالتأكيد الأمر بالغ الصعوبة. فالظروف قد تكون غير مواتية، ولكن مع ذلك أعتقد أن هناك ما يمكن عمله، وفي المقام الأول يجب أن يكون لدى مصر استراتيجية قوية ومقنعة. فالأسواق العالمية تبحث الآن عن قصص نجاح، ومصر عليها أن تقنع الرأي العالمي أن لديها واحدة من تلك القصص. المسألة ليست فقط أن تتحدث عن نقاط القوة التي تحققت بفضل الإصلاحات الحديثة، ولكن أيضا، أن تتحدث عن المشاكل، مثل التضخم المرتفع، وعن رؤية مقنعة لحل تلك المشاكل. فالأسواق القلقة تحتاج إلى ما يطمئنها، وما يهمها هو المصداقية وهذا ما نجحت الصين والهند في ترويجه خلال العقد الماضي. أيضا البرازيل التي كانت تعاني من مشاكل كبيرة عندما جاء الرئيس اليساري للحكم، ولم يكن الناس متفائلين، لكنه استطاع أن يروج لخططه، وأن يعيد لصورة البرازيل في العالم بهاءها. وكل هذا ممكن عن طريق استخدام نقاط القوة التي تمتلكها البلاد.

* ما هي نقاط القوة تلك من وجهة نظرك ؟

ـ ليس على أحد أن يملي آراءه على الدول لكنني لم أستطع أن أمنع نفسي من أن ألفت نظر كل من قابلت إلى الزراعة، فعادة ما ينظر الناس إلى ذلك القطاع على أنه من القرون الوسطى، ولكن هذا غير صحيح. فالزراعة يمكن أن تكون قطاعا حديثا وفي مصر الأيدي العاملة المدربة على هذا موجودة، وهنا الشمس والنيل فماذا تريدون أكثر؟ بالإضافة إلى هذا هناك حاليا فرصة فريدة، بسبب ارتفاع أسعار الغذاء العالمية، والتي ستمتد على الأقل أربع إلى خمس سنوات كما أني أرى موقع مصر بالقرب من الدول النفطية في الشرق الأوسط التي تشهد بدورها نموا قياسيا، ويتوافر لديها وفرة من السيولة على الرغم من التباطؤ العالمي الحالي.