الوثائق السرية البريطانية ـ البريطانيون سألوا عن موضوع عودة المسيحيين.. والدروز سألوا عن سياسة لندن

شيخ عقل الدروز الشيخ أبو شقرة: الطائفة الدرزية لن تتبع وليد إذا قادها يسارا * السفير البريطاني: وجدت وليد جنبلاط مهموما وعلى كتفيه حمل كبير * تجاذبات لاستقطاب الدروز لإقامة تحالف مع الموارنة

رفعت الأسد والسفير واكفيلد وكمال جنبلاط
TT

* وثيقة رقم: 40

* التاريخ: 21 مايو 1977

* من: السفير بيتر واكفيلد - الى: دبليو تومكيز، إدارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا.

الموضوع: لقاء مع شيخ عقل الدروز (مصطلح شيخ العقل يعني مفتي الطائفة الدرزية.. والإيضاح من «الشرق الأوسط») 1/ كان الشيخ أبو شقرة في حالة مزاجية أكثر تمددا مما رأيتها فيه سابقا. وبلا شك فإن رحيل كمال جنبلاط أعطاه وقتا أكثر وسلطة.

2/ شكا من توجه صعب من المسيحيين تجاه الدروز وعدم رغبتهم في التعاون بصورة مخلصة مع الرئيس سركيس. وتساءل عما هي سياستنا. قلت له إن سياستنا ظلت ودوما دعم وحدة لبنان، ونحن تواقون لمساعدة الحكومة في تأسيس وبسط سلطتها على كل البلاد، وكل الدول الأوروبية تملك نفس الأهداف. وتساءل: وإذا كان هذا هو الحال، فكيف يستقيم ذلك مع شعور المسيحيين بأنهم يملكون دعما خارجيا لتوجههم. قلت إن لبعض الموارنة علاقات مع إسرائيل، وإن الموارنة يعتقدون بأن هذا في المقابل سيعطيهم بعض الدعم الأميركي، ومع ذلك، فالسياسة الأميركية الرسمية تتماثل مع سياستنا.

3/ سألته عن عودة اللاجئين المسيحيين الى الدامور. قال إنه ناقش هذا الموضوع مع وزير الداخلية قبل يومين، ويعتقد أن ذلك سيحدث قريبا، ولم يظهر أية علامة على أن الجالية الدرزية ضد عودة مسيحيين إلى منطقتهم كما فعل وليد جنبلاط، وعلى العكس، قال إنهم يبذلون كل ما في الوسع لحث المسيحيين على العودة إلى الشوف، ولكن الموارنة لم يكونوا متعاونين في موضوع عودة الدروز الى قراهم المختلطة وضواحيها.

4/ قلت إن صوت الدروز لم يظهر بوضوح في الأحداث الأخيرة، فيما أصبح مشوشا مع الجناح اليساري والتوجهات الفلسطينية، وتساءلت: هل سيستمر ذلك؟ قال إن صوت الدروز الحقيقي سمع في البيان الناتج عن الاجتماع في منزل الأمير مجيد أرسلان قبل ثلاثة أسابيع (التقرير مرفق). ومن سوء الطالع أن كمال جنبلاط استغل الدروز لجهة أهدافه الاشتراكية. وقد وضع العباءة على كتف وليد جنبلاط، ولكن الطائفة الدرزية لن تتبعه إذا قادها في اتجاه الجناح اليساري. ووليد لا يملك سلطة والده وسيؤكد الدروز استقلاهم عنه إذا تصرف بتلك الطريقة. واعترف بأن ضغط الجناح اليساري على وليد كبير، ولكنه يعتقد أن هناك فرصة له لمقاومة تلك الضغوط.

5/ قلت إنه لم تكن هناك مساحة لقادة دروز آخرين خلال حياة كمال جنبلاط، ولكن حتى الآن، أين هم؟ قال إن الآباء لن ينزلوا من كتف أبنائهم، والإشارة هنا إلى الأمير مجيد وابنه فيصل، ولكنه يأمل في أن يتقدم بعض الرجال الشباب تدريجيا.

6/ أشرت إلى أن للجالية الدرزية اختيارا بين التجاوب مع مفاتحات الموارنة حول محافظة مارونية ـ درزية مركزية، وبين الانضمام إلى ما يشبه الإسلامية ومن الممكن الشيعة في مجموعة مسلمة ـ درزية، التي ستشكل وسيطا مقبولا بالنسبة للموارنة. أجاب بأنه لا يعتقد أن الطريق للأمام يمكن أن يكون عبر الحوار المباشر مع الجماعات المختلفة، فلا بد للتغيير الدستوري أن يتم عبر الرئيس والبرلمان.

7/ قال أبو شقرة إنه يأمل في يتم تطبيق اتفاقية القاهرة بصورة متقدمة في القريب، وهو يتوقع أن يتوجه إلى دمشق الأسبوع القادم.

* توقيع : بيتر واكفيلد

* وثيقة رقم: 31

* التاريخ: 3 مايو 1977

* من: السفير بيتر واكفيلد، بيروت.

- الى: الخارجية، صورة لسفارة دمشق، سري للغاية.

الموضوع: ملخص حديث مع وليد جنبلاط يوم 26 أبريل 1977 1/ قابلني وليد جنبلاط ردا على محادثة التعزية الهاتفية مني بعد اغتيال والده. أثارني وليد كشاب ذكي، ولكنه عصبي لحد بعيد. وهو تحت ضغط كبير من طيف واسع من الجماعات السياسية، فهناك حمل كبير على كتفيه، وهو كذلك مهموم جدا باحتمال اغتياله، وقد أكد ذلك لي وزير الداخلية في الليلة التالية، ويتنقل وليد بثلاث عربات ممتلئة بحراس مزودين بالبنادق الآلية.

2/ تم اختيار وليد، قبل حديثنا، رئيسا لحزب والده (الحزب الاشتراكي التقدمي)، وهو في ذاته تعقيب غير عادي على القبول المتواصل للإقطاع هنا، حتى من قبل ما يسمى بحزب تقدمي. قال وليد إنه يحاول أن يبعد نفسه والحزب عن الشيوعيين، وهو يتعاون مع الأمير مجيد ارسلان من أجل هذا الهدف، ولكن هناك جماعة قوية جدا، رغم صغرها، من الشيوعيين أو الجناح اليساري المتطرف بين الدروز مما يجعل هذه العملية صعبة. وعرضا أشار وليد إلى أنه أجرى حديثين مطولين مع سولداتوف السفير السوفياتي، ولكنه غير راض عن السياسة السوفياتية في نهاية الحديثين.

3/ سألته عن الشاب فيصل ارسلان, وأبانت إجابته إنه لا يحبه ولا يحترمه. وقال، أي وليد، إن الموارنة اظهروا له توددا. وهو يشير هنا، بالطبع، الى جهود من قبل بعض الموارنة، بمن فيهم آل شمعون، لجذب الدروز إلى تحالف ماروني ـ درزي، الذي سيشكل محور المعقل اللبناني ـ جبل لبنان. وليد قال إنه لا يستطيع أن يتصور كيف أن الدروز يمكن أن يديروا ظهرهم لجيرانهم العرب والمسلمين، وفوق كل شيء فقد حارب الدروز الصليبيين في الماضي، ولن يستطيعوا أن يستديروا منقلبين الآن.

4/ سألته ما إذا كان يستطيع أن يقدم أي تعليق حول من قتل أباه. قال إنه ليس لديه دليل صلب، ولكن كل الإشارات تقول إنهم رجال رفعت الأسد، وقد قتلوه بطريقة وحشية، وهنـاك حديث الآن عن اغتيال شمعون، وهو يأمل في ألا يحدث هذا في ضوء مخاطر انتشار أعمال الثأر والانتقام.

5/ سألته حول أسباب رغبة السوريين في اغتيال والده؟ قال إن الأمر أصبح ثأرا شخصيا، بعد رفض والده قبول التعليمات السورية. قلت إنني أعتقد أن الاجتماع المحوري كان هو ذلك الاجتماع الذي أنذر فيه الأسد والده بألا يتقدم أكثر في جبال الموارنة، ولكن جنبلاط أعطى الإنذار أذنا صماء، وانني أعتقد أن ذلك كان قرارا سيئا منه. قال وليد إنه، ومن سوء الحظ أن والده كان مأخوذا بفكرة إعادة تأسيس سيطرة الدروز، التي حققها فخر الدين، ولم يستطع أن يستقطب عددا كافيا من الدروز ليحارب من أجل هذه القضية، ولذلك استخدم الفلسطينيين.

6/ سألته أخيرا ما إذا كان يعتقد أن الظروف سلمية بما يكفي لإعادة فتح ميكاس MECAS. قال من الصعب التنبؤ بالمستقبل، وبصفة خاصة، العراقيون لا يزالون يصنعون المشاكل أينما استطاعوا، ولكنه لا يرى أي اعتراض في الحصول على ميكاس وهي تعمل مرة أخرى.

* بيتر واكفيلد ـ السفير – بيروت

* وليد جنبلاط: المشكلة مع السوريين أنهم يريدون عملاء وليس حلفاء .. وفي حديث ودي آخر مع السفير البريطاني

* وثيقة رقم: 78

* التاريخ: 19 يوليو 1977

* من: السفير يتر واكفيلد ، بيروت .

- إلى: الخارجية لندن ، سري للغاية .

الموضوع: حديث مع وليد جنبلاط الاثنين 18 يوليو 1977 1/ كان وليد ودودا كما هي العادة، ولكني وجدته أكثر استرخاء، واستقبلني في غرف والده في المصطبة، وكل شيء كما هو وكما كان في أيام والده فيما عدا الدراجة البخارية عالية الطاقة في المدخل. ولكنه قال إنه لم يعد مسموحا له بركوبها لأسباب أمنية.

2/ سألته عن التقدم في محادثاته مع السوريين وجهودهم لتشكيل جبهة وطنية موسعة. أكد أن المحادثات قد أغلقت لأن السوريين سيضمون إليها حزب الشعب الاشتراكي وحزب الشعب السوري، ولكن ليس الشيوعيين والأجنحة اليسارية الأخرى، فيما، وبالطبع ، يكون حزب البعث العراقي لعنة. قال، حينما جادلت بأنه ومن أجل المساعدة في مسألة الإجماع الوطني، فقد ظل أقصى اليسار، لبعض الوقت، لا بد أن يعزل، قال إنه ليس فيه ما يكفي بالنسبة له في هذه المرحلة. والجبهة الوطنية هي مجموعة عمل وليس من الحكمة تفكيكها، والمشكلة مع السوريين أنهم يريدون عملاء وليس حلفاء. وقد حاولوا أيضا تفكيك الموارنة ولكنهم لم ينجحوا. قلت إنني أعتقد أنه وإذا ما كان لمصالحة وطنية أن تحدث، فالتفكيك لا مفر منه في مرحلة ما، وقد قام الشيخ بيير الجميل سلفا بخطوة في هذا الاتجاه رغم معارضة كميل شمعون وابنه بشير.

3/ قال وليد إن السعوديين يريدون منه أن ينسق مع صائب سلام، وإذا كان السعوديون راغبين في مقاومة الشيوعية في لبنان فيجب عليهم العثور على شخص قابل للتطور بصورة أكثر، وقد اعترضت بأن هذا صعب جدا. فهناك جيل مفقود من القادة السياسيين هنا: ومن سيقترح؟ اعترف بأن الأمر ليس سهلا ولكنه أشار الى قادة المرابطين، وأضاف أن إبراهيم قليلات مريض ويعالج الآن بالخارج. قلت إنه وفي مرحلة ما حاول القيام باتصالات مع المرابطين ولكنهم لم يكونوا راغبين مطلقا في مقابلتنا، وعلى كل، فقد بدا أنهم سعداء بمقابلة مجموعة من مناهضي الصهيونية من طلاب الثانويات (الكلمة المستخدمة هنا Undergraduates والإيضاح من الشرق الأوسط)، والذين حدث أن كانوا بالمدينة في هذا الوقت.

4/قال وليد إن المؤسف أن الحكومات العربية لا تملك سياسة، فهم فقط في حالة انتظار على أن يأتي أمر جيد من جنيف (الإشارة عادة هنا إلى مؤتمر جنيف لسلام الشرق الأوسط والإيضاح من الشرق الأوسط)، وقال إن فرص النجاح في جنيف ليست عالية، وان الوضع وقتها سيكون خطيرا، والنظامين في مصر وسورية ليسا مستقرين، ويعتقد أن جنوب لبنان منطقة خطيرة سياسيا، والسعودية ومصر تريدان قوات أمم متحدة، ولكن الفلسطينيين والسوريين ضدها لأن هذه هي المنطقة الوحيدة التي يمكنهما منها إدارة عمليات ضد الإسرائيليين. قلت إن بعض الفلسطينيين الأذكياء متخوفين من الوضع الحرج الذي هم فيه في الجنوب، وبالتأكيد فعلا فالسوريون لا بد وأن يكونوا متخوفين.وليد قال إن السفير باركر تساءل ما إذا كانت قوات الأمم المتحدة ستتمكن من عمل أي شيء بما أنها لن ترغب في إطلاق النار على أي من الفلسطينيين والموارنة، ولذلك فهو مع فك الاشتباك بين الجانبين. قلت إن ذلك مقبول، ولكن من تجربة فك الاشتباك في العامين الماضيين، دائما ما تكون هناك مجموعة خبيثة تعيدهما للاشتباك مرة ثانية، ولذلك تحتاج المسألة الى قوة خارجية لمراقبة فك الاشتباك، قال وليد إن السوريين أرادوا استخدام طلائع الجيش اللبناني لهذا الغرض، ولكن هناك زهدا لبنانيا في القيام بذلك.

5/ وليد قال إنه مهموم البال تجاه مستقبل طائفته فالمليشيات المارونية أقوى بصورة لم تكن في السابق، فماذا سيحدث إذا انسحب السوريون؟ فذكريات القتل الماروني للدروز في المتن الأعلى قبل نهاية الحرب والقتل المؤسف للمسيحيين في أعقاب موت والده قد تركت مرارات عظيمة بين الطائفتين. وقد قابل مؤخرا رهبانا من الموارنة، وقد جادلوا بأن الموارنة والدروز هم الحماة الطبيعيون للجبل، وأنهم يريدون التحالف معه. وكل هذا في مجمله ليس شيئا يفتقد للموضوعية، ولكن أهداف بعض الموارنة في هذا السياق خطيرة، فبعضهم على اتصال بإسرائيل. والدروز لا يستطيعون أن يستديروا كليا عن العروبة ليساندوا دولة مارونية صغيرة تستقطع من العرب. أشرت أنا إلى ما سمي بالمؤامرة الإسرائيلية القديمة لتجزئة الدول العربية، ويمكن تفسير الحرب اللبنانية كمرحلة في هذه العملية، فيما يخشى البعض من محاولة لصناعة سلسلة دول من الدروز والموارنة والعلويين على امتداد ساحل البحر الأبيض المتوسط. قال بابتسامة : انه وبالطبع أقام وزنا لهذا الاحتمال، ولكن الفصل الجغرافي بين مستوطنات الدروز الثلاث الأساسية عقدة، وأشار أيضا إلى فجوة بين العلويين والموارنة من طرابلس فشمالا.

6/ سألته عن قيادة الجبهة الوطنية، أجاب وليد، قائلا إنه طلب منه أن يكون قائدها ولكنه اعتذر، وقال إنه وبرغم ذلك سيحضر اجتماعاتها، ووافق على أن وضع كرامي وضع غير مناسب، فبينما يريد أن يستفيد من الجبهة الوطنية ضد القادة السنة الآخرين مثل صائب سلام، لكنه لا يجرؤ على الاقتراب كثيرا بسبب عدم موافقة السوريين.

7/ حاولت دفعه لجهة القيام باقتراحات بناءة، ولكنه، ومثل الآخرين، يبدو ضائعا في (الحلقة المفرغة). قال إنه والى أن يقوم الموارنة بتحرك حقيقي تجاه المصالحة فليس هناك من جانبه ما يمكن عمله. ووافق على أنه يجب إخضاع سلطة الفلسطينيين للتحكم من الدولة اللبنانية، ولكن وبما أن الدولة بلا سلطة حاليا، فإمكانيات الفلسطينيين العسكرية هي الدفاع الوحيد ضد الموارنة إذا ما انسحب السوريون، وقال إنه يحتاج إلى الابتعاد لفترة بسبب الإحباطات الدائرة هنا ويفكر في زيارة الجزائر وتونس. وفي المقابل، فقد دعاه مكرم المديني (للانضمام إلى بقية العرب في لندن)، .. هكذا وضعت العبارة بين الأقواس، والإيضاح من الشرق الأوسط.

8/ أخيرا، قلت إننا قد قررنا إعادة فتح ميكاس في شملان، وإننا قد وضعنا نصيحته في الحسبان في الوصول الى هذا القرار.

* توقيع ـ بيتر واكفيلد