مصر: رقابة صارمة على الطحين المدعوم.. وطوابير الخبز حجة للتأخر عن العمل

نائب يسأل الحكومة إن كان سبب تأخير تحديث موقعها الإلكتروني هو انشغال الفني المسؤول في طابور خبز

TT

سأل نائب في البرلمان رئيس مجلس الوزراء المصري مازحاً إن كان سبب تأخر تحديث موقع الحكومة على الانترنت يرجع لانشغال الموظف المسؤول عن تحديثه بالوقوف في طوابير الخبز. وفي الأيام الأخيرة، وبعد حوادث قتل ومشاجرات عنيفة بين أصحاب مخابز ومواطنين، للحصول على رغيف الخبز، كثف مسؤولون محليون بمحافظات مصرية الرقابة على حصص الطحين المدعوم، ومنع بيعها في السوق السوداء، كما تسعى الحكومة لاستكمال خطة تفصل بموجبها إنتاج الخبز عن توزيعه، لمنع التلاعب وزيادة المعروض منه.

وأصبحت قضية الحصول على أرغفة الخبز لمائدة الطعام، واحدة من القضايا التي تسيطر على أذهان المصريين وتتدخل في تفاصيل حياتهم اليومية، من البرلمان إلى الحكومة، الى جلسات الدردشة على المقاهي وفي مناسبات الأعراس والتعازي. والموظف أو الموظفة في القاهرة، حين يتأخر أي منهما عن العمل، لم يعد يكتفي بالحجة المعهودة عن ازدحام المرور في شوارع العاصمة، بل توجد الآن حجة أكثر إنسانية، وهي البحث عن رغيف الخبز، وهي حجة تجعل المدير في العمل في الغالب يتجه نحو قبول العذر، لسبب بسيط، وهو أنه هو الآخر يعاني من ذات المشكلة.

وتستحوذ هذه القضية الآن على أوقات من اجتماعات مسؤولين محليين، وعلى مساحات من النشر في الصحف ووسائل الإعلام المصرية، بشكل ملحوظ. الحاجة بديعة إبراهيم، من شارع محمود عساف بمنطقة دار السلام ذات الكثافة السكانية العالية، تقف فجر كل يوم في طابور طويل أمام المخبز، وبعد أن تحصل على نصيبها من الخبز لها ولزوج ابنتها وجارتها، تقضي النهار والمساء تحكي في جلساتها هنا وهناك عن مغامراتها، وكيف نجحت في الحفاظ على دورها في الطابور رغم محاولات دفعها بالأكتاف خارجه. وحين تقرر الاستراحة يوما أو يومين من عناء شراء الخبز فجراً، تطلب من ابنتها الموظفة في وسط مدينة القاهرة، القيام بالمهمة، ما يؤدي إلى تأخر الابنة عن العمل. حتى القضايا البرلمانية التي تتناول قضايا عامة لا لعلاقة لها برغيف الخبز، وجدت مشكلة الخبز طريقاً إليها، ففي طلب إحاطة برلماني يدور عن تأخر مجلس الوزراء المصري في تحديث الصفحات المتعلقة بالدستور، على موقعه الالكتروني على الانترنت، وجهه النائب الإخواني الدكتور حمدي حسن لرئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد نظيف، جاء فيه بطريقة ساخرة «إن البعض علل تأخر تحديث الصفحات على الموقع، لانشغال المسؤول عن تحديثه بالوقوف في طابور العيش» (أي الخبز).

وإذا لم يوجد رغيف الخبز على المائدة المصرية فهذا يعني غالباً أنه لا طعم للطعام، حتى لو كان من الثريد، ولم تعد القضية تشغل بال المواطن المصري وحده، فبعد أن نبه رئيس الدولة الحكومة، بضرورة توفير رغيف الخبز والقضاء على المشكلة، أصبحت أجهزة رقابية عديدة تعمل جاهدة لسد الثغرات التي تؤدي لظاهرة الطوابير الطويلة أمام الأفران. وأمس ضبطت أجهزة الرقابة التموينية بمدينة أبنوب في صعيد مصر (جنوب) مخبزاً ينتج خبزا ناقص الوزن وغير مطابق للمواصفات، وكذلك ضبطت 25 شيكارة طحين مخبأة بغرفة ملحقة بالمخبز لبيعها بالسوق السوداء.

وتدخلت الشرطة قبل يومين لإنقاذ مواطن يدعى أسامة مصطفى،27 عاما، بعد أن احتجزه صاحب مخبز بمنطقة الكيلو 63 طريق الإسكندرية ـ القاهرة الصحراوي لامتناع الأخير عن بيع الخبز له، وأطلق أعيرة نارية في الهواء لتهديد من يحاول إخراجه المواطن المحتجز، فيما قالت مصادر مباحث التموين بمحافظة البحيرة (غرب) إنها تمكنت من ضبط طن و750 كيلوغراماً من الطحين المدعوم لبيعه بالسوق السوداء، بينما تمكنت مباحث سفاجا في محافظة البحر الأحمر (شرق) من القبض على سائقين اثنين أثناء قيامهما بتهريب 10 أطنان دقيق مدعم مهرب من محافظتي قنا وأسوان بالصعيد لتوزيعها على المخابز الخاصة والسياحية.

وتأمل الحكومة المصرية، بحسب وزير التضامن الاجتماعي علي المصيلحي، نجاح خطة وضعتها قبل نحو عشرة أيام لمنع التلاعب في الطحين المدعم وإتاحة الخبز للمواطنين من خلال منافذ عديدة للبيع، للقضاء على ظاهرة الطوابير في بعض الأماكن، وذلك من خلال التوسع في تشغيل آلية «فصل إنتاج الخبز عن توزيعه»، إذ أكد وكيل وزارة التضامن الاجتماعي لقطاع التموين بمحافظة الفيوم، سيد عبد الواحد، إنه تم فصل إنتاج الخبز عن التوزيع بجميع قرى المحافظة ويتم توصيل الخبز للمواطنين بمعرفة جمعيات تنمية المجتمع بالقرى وتم إنشاء أكثر من 100 جمعية لهذا الغرض بالمدن ليصل العدد الإجمالي من الجمعيات التي تنفذ مشروع توزيع الخبز بالمنازل إلى 500 جمعية.