العراقيون في الخارج.. بين اللاجئ والضيف

ضائعون بين التسميات والإحصاءات

TT

عند التحدث الى أي مسؤول عربي حول وضع «اللاجئين» العراقيين في دول الجوار، سرعان ما يرد المسؤول بأن العراقيين «ليسوا لاجئين، بل هم ضيوف». وبينما تعتبر المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة ان العراقيين المسجلين لديها هم «لاجئون»؛ إذ يلجأون من العنف في بلادهم الى دول أخرى، تؤكد الدول المضيفة للعراقيين، وعلى رأسها الاردن وسورية، أن العراقيين هم «ضيوف». ويظهر هذا الاختلاف حتى في تسمية الاجتماعات للدول المعنية بقضية العراقيين النازحين، فبينما اطلق عليه اسم «مجموعة العمل الاساسية للدول المضيفة للعراقيين» باللغة العربية، فانه يسمى بالإنجليزية حسب الترجمة العربية «مجموعة العمل الخاصة باللاجئين». وهناك اسباب قانونية وسياسية للاعتراض على تسمية «اللاجئين». فبموجب معاهدة جنيف لعام 1951، فان تسمية اللاجئ تنطبق على كل من يترك بلاده بسبب «خوف من الاضطهاد لأسباب تتعلق بعرقه أو دينه أو جنسيته أو العضوية في مجموعة اجتماعية معينة أو لأنه يحمل رأيا سياسيا معينا». وفي حال يعتبر المرء لاجئاً في دولة، تصبح عليها مسؤوليات لحمايته وعدم إجباره على مغادرة البلاد، مما يجعل دولا مضيفة للعراقيين وخاصة الاردن تخشى توطين العراقيين في حال منحوا حق اللجوء. كما ان الحكومة العراقية نفسها ترفض تسمية اللاجئين، وقد طلبت عدم اعتماد مصطلح «اللاجئ» في عدد من الاجتماعات مع مسؤولين من دول الجوار والخارج، كي تتأكد من عودة العراقيين الى بلدهم حين يستقر ويستعد لاستقبالهم. لكن ممثل المفوضية السامية للاجئين في الاردن عمران رضا، أكد لـ«الشرق الاوسط» أن الامم المتحدة «تعتبر لاجئا كل من يسجل نفسه لاجئاً عندنا ويثبت حاجته للحماية». ولفت ممثل المفوضية السامية في سورية لولارنس يولس، الى ان بعض العراقيين أنفسهم لا يريدون التسجيل مع المفوضية لانهم لا يعتبرون انفسهم لاجئين، مضيفاً: «هناك لبس في تحديد من هو اللاجئ، فلا يعني بالضرورة ان يكون المرء محتاجا لدعم مادي ليكون لاجئاً». والتسميات ليست العائق الوحيد أمام العراقيين في تحديد وضعهم خارج بلادهم، فهناك اختلافات حول أعداد العراقيين النازحين. ولأن العراقيين انتشروا في الدول التي فروا اليها، واندمجوا في مدنها بدلا من الاقامة في مخيمات خاصة للاجئين، أصبح من الصعب رصد عددهم الحقيقي. وقد اختلفت التقديرات من بلد الى آخر، لتبقى الاحصاءات التي تعتمدها الامم المتحدة هي الاكثر مصداقية بين المسؤولين، والتي تقدر عدد النازحين بـ4 ملايين، 2.2 مليون داخل البلاد و1.8 خارجها. ومن جهة اخرى، تقدر «منظمة الهجرة الدولية» عدد النازحين العراقيين بـ5.1 مليون عراقي، 2.7 نازح داخل البلاد و2.4 خارجه.

وبموجب احصاءات الامم المتحدة، هناك بين 1.2 مليون و1.4 مليون نازح في سورية، وبين 500 و700 الف في الاردن، وما يصل الى 70 ألفا في مصر و57 ألفا في ايران وبين 20 و40 ألفا في لبنان. ولكن هذه ليست اعداد العراقيين المسجلين لدى المفوضية السامية للاجئين، فقد سجل فقط حوالي 150 ألف عراقي لدى مكتب المفوضية في سورية و52 ألفا في الاردن، حتى شهر فبراير (شباط) الماضي. ويذكر أن العراقيين في الدول المجاورة ليسوا كلهم لاجئين، فالبعض لديه اقامة شرعية للعمل أو الدراسة، وقد خرجوا من العراق منذ سنوات ولا يريدون اعتبارهم ضمن الموجة الاخيرة من الفارين من الأزمة الأمنية في العراق.

وتعتبر احصاءات العراقيين مهمة بالنسبة للدول المضيفة اليهم لأسباب عدة، منها اقتصادية وأمنية. فهناك حاجة لكل دولة ان تجعل خدماتها، من المستشفيات والمدارس، مستعدة لاستقبال العراقيين، بالاضافة الى حرصها على تسجيل العراقيين على أرضها لفرض ضوابط امنية. كما ان مطالبة الدول المضيفة للعراقيين، وخاصة الأردن وسورية، للمعونة المالية من المجتمع الدولي تعتمد على إحصاءات للعراقيين هناك.