جانسون ريفر.. رحالة إيطالي بدأ رحلته على دراجة عام 2000 وينهيها في 2012

في رحلته حول العالم .. وصل إلى مصر بعد 8 أعوام وقطعها في 40 يوما

صورتان لريفر في القاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

في الأيام الأخيرة من عام 1999 قرر الثري الإيطالي جانسون ريفر أن يبدأ الألفية الجديدة، بعد سنوات طويلة من العمل والثراء الفاحش، برحلة حول العالم على دراجة لمدة 12 عاما، بدأها في أول أيام شهر يناير(كانون الثاني) عام 2000 في جولة أولمبية خطط أن يصل فيها إلى بكين عام 2008، وإلى لندن في مهرجان افتتاح الألعاب الأولمبية عام 2012.

جانسون ريفر الذي قطع حوالي 86 ألف كيلومتر حول العالم بدراجته حتى الآن، وصل الى مصر بعد ثماني سنوات من بدء الرحلة قال لـ«الشرق الأوسط» إنه قطع مصر في تسعين يوما مارا بالعديد من المدن المهمة مثل الغردقة ومرسى علم وإدفو في أسوان وأبو سمبل وقنا وسوهاج وأسيوط والمنيا وبني سويف، ويقول «كنت أسلك في مصر طريق القرى، لأني أحب الفلاحين والفقراء، آكل معهم، وأبيت عندهم».

وقرر ريفر الثري القديم أن يكون مصروفه في اليوم الواحد دولارا واحدا لا يتعداه يقول: «كان لدي الكثير من المال عام 2000 عندما قررت أن أتوقف عن العيش برفاهية والأكل في المطاعم الغالية وركوب السيارات الفارهة»، ويضيف: «كنت أجلس بالقرب من البحر في روما أتساءل ما الذي سأفعله في بداية الألفية الجديدة، وعندها قررت أن أشتري دراجة ليست بالباهظة الثمن وأن أعيش ما تبقى من حياتي يوما بيوم، وبدأت بدون برنامج للرحلة حول العالم بمصروف دولار واحد في اليوم.. بعض البلدان أنفقت فيها مبالغ أكثر مما أنفقته في مصر خلال ثلاثة أشهر، والذي لم يتعد 21 دولارا فقط، فالفلاحون كرماء هنا جدا «في عام 1873 نشر الروائي الشهير جول فيرن روايته الشهيرة» حول العالم في 80 يوما «والتي تحولت إلى فيلم شهير، حول محاولة فيلياس فوج الإنجليزي الثري والمعروف بنظامه الثابت وخادمه الجديد جان باسبارتو الإبحار حول العالم في 80 يوما، وذلك لكسب رهان بقيمة 20 ألف جنيه بين فيلياس فوج وخمسة من أصدقائه في نادي الإصلاح، وما يقابله من صعوبات ومعوقات أثناء الرحلة حتى عودته مرة أخرى إلى لندن، وكثير ممن يقومون برحلات حول العالم يفعلون ذلك لسبب ما: مثل نشر ثقافة السلام أو جمع التبرعات، لكن جانسون ريفر يقول إنه لا يهدف إلى أي شيء من وراء رحلته، لا أهداف سياسية ولا اقتصادية، هو فقط يريد أن يقول للناس إنه بالرغم من أنه رجل مسن (72 عاما) عاش حياته في رفاهية، إلا أنه قرر أن يتخلى عن هذا، وأن يكون مجمل ما يصرفه في اليوم لا يتجاوز دولارا واحدا في اليوم وأنه بهذا يستطيع أن يجول حول العالم».

وفي جولته تعود ريفر أن يعيش كما يقول في الهواء الطلق، رافضا النوم على السرير لدرجة أنه عندما استضافته إحدى المحافظات المصرية في فندق فخم، ترك السرير وقرر أن ينام على الأرض، ويقول «آخر مرة استخدمت فيها السرير كانت منذ ثمانية أعوام».

حتى الآن قام ريفر بزيارة 75 دولة، كتبت عنه كل جرائدها، قابل أشخاصا كثيرين، وعقد صداقات مع آلاف البشر، لكن أكثر صداقاته مع تلاميذ المدارس الابتدائية، ويقول «كل يوم أمر على مدرستين ابتدائيتين أرفع لهم يدي بعلامة النصر فيرفعون أيديهم ليلقوا أسئلتهم». ويفخر ريفر أنه تعلم في رحلته الكثير من اللغات، وصادق الفلاحين، هو يحب الفلاحين كما يقول ويحب أن يعيش معهم، ويقول «أنا فلاح، وأرتدي الجلباب الخاص بالفلاحين، وآكل طعامهم وأحب الخبز الشمسي والجبن وأشرب اللبن وآكل على الطبلية». أكثر ما يخاف عليه ريفر في رحلته هو دراجته، يرفض أن يقترب منها أحد، فهي رفيقة رحلته، ويقول «اشتريتها بخمسين دولارا، وطوال ثمانية أعوام لم يحدث بها ثقب في الإطار»، فقط بعض كبرى الشركات العالمية الخاصة بالدراجات تغير له كل سنة بعض قطع الغيار، ويقول «أسير بها كل يوم من خمس إلى ست ساعات، وأنام في أي قرية تقابلني»، ويحمل ريفر على دراجته ثلاث حقائب لا ينزلها من عليها للطعام والملابس، ويقول إن بها كل ما يحتاجه في رحلته من ملابس تناسب كل الأجواء، وزجاجتي مياه يقول إنهما من «الطلمبة»، ففي مصر على حد تعبيره يفضل أن يشرب من الطلمبة، ويرتدي ريفر جلبابا مصريا يقول إنه حصل عليه هدية من الفلاحين، ولا أعرف نوع الجلباب، لكني أحبه كثيرا».. أكثر سؤال وجه إلى ريفر طوال رحلته «ما الذي تفكر فيه؟» ويجيب عنه قائلا «لا أفكر في شيء سوى ماذا سآكل، أين سأنام، أين أجد مياها نظيفة للاستحمام».

يستعد ريفر لمغادرة القاهرة متجها إلى الفيوم ليتخذ الطريق الصحراوي إلى الزعفرانة ومنها إلى الغردقة، حيث سيستقل الطائرة المتجهة إلى سنغافورة بصحبة دراجته يوم 5 أبريل(نيسان)، وهناك سينطلق إلى دورة الألعاب الأولمبية ببكين. جانسون ريفر الطاعن في السن والذي تعدى عامه الثاني والسبعين، يقود دراجته بروح شاب لا يرى أمامه إلا هدفه فقط ويقول «أنا رجل مسن على حافة الموت، أريد أن أموت هكذا على الطريق، على دراجتي وأنا أجوب العالم محققا هدفي، في الهواء الطلق».