مخاوف من انقسام داخل الحزب الديمقراطي يؤدي إلى فوز المرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية

ماكين يعتبر الانسحاب المبكر من العراق خيانة غير أخلاقية ووصمة عار على الأميركيين

ساركوزي وزوجته كارلا بعد زيارتهما النصب التذكاري للرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول في لندن (تصوير: حاتم عويضة)
TT

تتزايد المخاوف وسط الحزب الديمقراطي الاميركي من حدوث انشقاق غير مسبوق في تاريخ هذا الحزب بسبب شدة التنافس بين مرشحيه باراك اوباما وهيلاري كلينتون لتمثيل الحزب في الانتخابات الرئاسية. وتضاعفت هذه المخاوف بعد نشر نتائج استطلاع قامت به شبكة «سي إن إن» التلفزيونية، تفيد بأن 44 في المائة من الناخبين الديمقراطيين يمكن ان يصوِّتوا لصالح المرشح الجمهوري جون ماكين في حال لم يتم اختيار مرشحهم المفضل سواء كان اوباما او كيلنتون، في حين يرفض 42 في المائة بكل الاحوال التصويت للمرشح الجمهوري. وقال هوارد دين رئيس اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي في معرض تعقيبه على نتائج الاستطلاع: «هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن ان يجعل من جون ماكين رئيساً... أي إذا انقسم الديمقراطيون». بيد ان مصدراً داخل اللجنة الوطنية استبعد مثل هذه الفرضيات. وقال في اتصال هاتفي امس مع «الشرق الأوسط»: «مؤتمرُنَا في الصيف المقبل في دنفر (ولاية كولارادو) سيختار مرشحاً واحداً وسيقف جميع الديمقراطيين خلف المرشح الذي سيختاره الحزب». وأكد المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، «أن تصريحات دين اخذت خارج سياقها لأنه قال إن ذلك أمر افتراضي فقط». وأشار استطلاع «سي إن إن» الى أن 26 في المائة من انصار اوباما كانوا قد عبروا في يناير (كانون الثاني) الماضي عن انهم سيشعرون بالضيق إذا ما تم اختيار هيلاري مرشحة للحزب، بيد ان هذه النسبة ارتفعت في الاستطلاع نفسه الى 41 في المائة. واذا فاز اوباما بترشيح الحزب الديمقراطي، فإن 51 من انصار كيلنتون قالوا في الاستطلاع إنه سيشعرون بالانزعاج والضيق، وكانت هذه النسبة في حدود 35 في المائة في يناير الماضي. وقال واحدٌ من بين خمسة مؤيدين من أنصار أوباما إنهم سيصوِّتون لصالح جون ماكين اذا اختيرت هيلاري، في حين قال واحد من كل اربعة من انصار هيلاري إنهم سيصوتون لصالح ماكين إذا اختير اوباما.

وكانت آخر انتخابات صوت فيها الديمقراطيون بكثافة لصالح مرشح الحزب الجمهوري هي تلك التي جرت عام 1980، حيث صوت 26 في المائة من الديمقراطيين لصالح الرئيس الاسبق رونالد ريغان، وصوت 25 في المائة منهم لريغان عام 1984 عندما ترشح لولاية ثانية. ويقول 44 في المائة من الديمقراطيين الآن إنهم يفضلون ماكين و42 في المائة لا يحبذونه، في حين يفضل 19 في المائة فقط من الجمهوريين هيلاري، و35 في المائة من الجمهوريين قالوا انهم يفضلون اوباما.

وفي موضوع آخر، دعا ماكين في أول خطاب له موسع حول السياسة الخارجية التي يعتزم نهجها إذا انتخب رئيساً، الى ان «تعمل الولايات المتحدة مع حلفائها وتلتزم بواجباتها كدولة تقود العالم». وقال ماكين: «قوتنا العظيمة لا تعني ان نفعل ما نريد ومتى ما نريد لكن علينا ان نتحلى بالحكمة والمعرفة لكي ننجح». ودافع مجددا في خطابه الذي ألقاه أمام مجلس العلاقات الدولية في لوس انجليس، عن بقاء القوات الاميركية بالعراق، وسخر من دعوة اوباما وهيلاري للانسحاب من العراق. وقال إن المرشحين يدعوان الى خطة «ستؤدي في نهاية المطاف الى حرب واسعة وصعبة وستخلق مخاطر كبيرة وتضحيات أكبر مما عانينا حتى الآن». وقال ماكين الذي يشارك احد ابنائه في القوات البحرية المنتشرة في العراق: «أكره الحرب.. لكنني اعرف ايضا انه يتوجب علينا احيانا ان ندفع ثمنا لتجنب دفع ثمن أكبر لاحقا». ورأى ان «كل من لا يدرك طبيعة الخطر الاسلامي الذي يتخطى كل الحدود لا يستحق الدخول الى البيت الابيض».

وأشار الى تحقيق «تقدم» في العراق، داعياً الولايات المتحدة الى تحمل «مسؤولية اخلاقية» حيال بلد اجتاحته عام 2003. وقال «ستكون خيانة غير اخلاقية، ووصمة عار علينا كأمة عظيمة اذا حولنا اهتمامنا عن الشعب العراقي وتركناه فريسة عنف رهيب وتطهير إثني وربما ابادة تعقب أيَّ انسحاب متهور وغير مسؤول ومبكر». واعتبر ان «النجاح في العراق وافغانستان يكمن في قيام دولتين يعمهما السلام والاستقرار، أي دولتين مزدهرتين وديمقراطيتين لا تشكلان خطرا على جيرانهما وتساهمان في هزيمة الارهابيين». ورد كل من أوباما وكلينتون على تهجمات ماكين، فقال بيل بيرتون المتحدث باسم حملة اوباما: «يبدو جون ماكين مصراً على المضي في سياسة جورج بوش الفاشلة لأربع سنوات مقبلة»، بينما قالت هيلاري في بيان بتوقيعها ان «مثل الرئيس بوش، السيناتور ماكين يواصل معارضة انسحاب مسؤول وسريع من العراق». كما جدد ماكين اقتراحه من اجل قيام منظومة تضم 100 دولة ديمقراطية في العالم من أجل نشر القيم وصيانة المصالح المشتركة، مشيراً الى انه ناقش هذه الافكار مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الحكومة البريطانية غوردون براون خلال الجولة التي قام بها الى الشرق الاوسط واوروبا الاسبوع الماضي. وسعى المرشح الجمهوري الى ترك مسافة واضحة بينه وبين سياسة إدارة الرئيس الحالي بوش. وفي هذا السياق، كرر أيضا دعوته الى إغلاق سريع لمعتقل غوانتانامو، بيد انه دعا الى مواجهة «الارهاب الاسلامي المتطرف».