براون يعتزم عقد قمة للدول الطامحة للطاقة النووية قد تُدعى إليها إيران.. وفرنسا تفكر بمقاطعة أولمبياد بكين

اختتام القمة الفرنسية ـ البريطانية ونقمة فرنسية على ساركوزي بعد إعلانه استعداده إرسال جيوش إلى أفغانستان

TT

على الرغم من اعلان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن توقيع عدد مهم من الاتفاقيات مع بريطانيا في ختام زيارته الرسمية الى لندن أمس والتي اختتمت بمؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون، الا ان اقتراحه الذي طرحه في اليوم الاول للزيارة لجهة زيادة عدد القوات الفرنسية في افغانستان، شكل قنبلة في فرنسا وطغى على ما تبقى من مواضيع ناقشها خلال زيارته.

اما براون الذي استضاف ساركوزي في مقر رئاسة الحكومة البريطانية في 10 داونينغ ستريت قبل التوجه الى ملعب أرسنال حيث عقدا القمة الختامية، فقد أعلن عزمه عقد قمة في نهاية العام الحالي للبلدان غير النووية والتي تطمح بانتاج طاقة نووية مدنية. وأعلن مكتب براون استعداد رئيس الوزراء البريطاني دعوة ايران «اذا اتمت واجباتها امام المجتمع الدولي وتوقفت عن تخصيب اليورانيوم».

وفي فرنسا، أثار إعلان ساركوزي أول من أمس عزمه إرسال قوات فرنسية إضافية الى أفغانستان لمساعدة القوات الأطلسية الموجودة، موجة من الاحتجاجات. وانصبت الاعتراضات على إعلان ساركوزي على نقطتين رئيسيتين: الأولى، إقدامه على كشف خططه في أفغانستان وهو موجود في عاصمة أجنبية ما اعتبره معارضوه تحقيرا لدور البرلمان الفرنسي، والثانية حول صوابية مثل هذا القرار فيما يبدو بوضوح أن القوة الأطلسية ما زالت بعيدة عن تحقيق هدفها الرئيسي وهو القضاء على قوى طالبان وتثبيت نظام الرئيس حميد كرزاي. وسعى رئيس مجلس النواب الفرنسي برنار أكواييه الذي ينتمي الى الحزب الحاكم، الى امتصاص نقمة النواب على ساركوزي والمطالبة بإطلاع البرلمان على مشاريع الرئاسة والحكومة. وأسفرت الاحتجاجات عن قبول وزير الدفاع هيرفيه موران بالمثول أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع الأسبوع القادم وقبل القمة الأطلسية التي ستعقد في بوخارست في الرابع من الشهر القادم. وبدوره رد ساركوزي من لندن واعلن استعداده للحوار «من غير تحفظ» مع البرلمان، علما ان الدستور الفرنسي يخول رئيس الجمهورية، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، اتخاذ قرارات عسكرية من دون العودة الى البرلمان. غير أن الانتقادات الأهم تناولت جوهر الموضوع أي إرسال قوات فرنسية إضافية الى افغانستان فيما الوضع الميداني «غير واضح». وجاءت الانتقادات من اليمين و اليسار على السواء، فقد أعلن سكرتير عام الحزب الاشتراكي فرنسوا هولند أن زيادة القوات الفرنسي، في الوقت تغرق فيه القوات الموجودة في الرمال الأفغانية، هو «خطا». وقالت المرشحة الاشتراكية السابقة للانتخابات الرئاسية سيغولين رويال إنها «أصيبت بالصدمة» من تصريحات ساركوزي، معلنة عن رفضها إرسال قوات إضافية، وقالت: «لا نعرف مخاطر الانزلاق ولا الضمانات الممكنة لحماية الجنود الفرنسيين». وجاءت انتقادات الحزب الشيوعي في الاتجاه نفسه إذ اتهم النائب جان بول لوكوك الحكومة الفرنسية بأنها «تخضع لرغبات الحكومة الأميركية وتسير وراء سياسة المواجهة العسكرية التي تبعها». ولم تكن انتقادات النائب اليميني جاك ميار أقل حدة إذ ندد بـ«أطلسية» ساركوزي وهو الحكم الذي جاراه فيه زميله نيكولا دوبون أنيان. وتأتي هذه التطورات لتطرح مجددا إشكالية توجهات ساركوزي في السياسة الخارجية. ومنذ وصوله الى الرئاسة في شهر مايو (ايار) الماضي، حققت فرنسا تقاربا قويا مع واشنطن لجهة عدة ملفات ليس أقلها أهمية الملف الأفغاني أو الملف النووي الإيراني. وفي لندن، اختتم ساركوزي زيارته الرسمية لبريطانيا التي استمرت يومين ورافقته خلالها زوجته كارلا بروني ساركوزي، بمؤتمر صحافي مشترك مع براون من ملعب أرسنال لكرة القدم في لندن. وأعلن ساركوزي الذي انضم اليه في زيارته وفد حكومي من 13 وزيرا، عن احتمال مقاطعة بلاده لحفل افتتاح الالعاب الاولمبية في بكين الصيف المقبل وقال انه سيتناقش في الامر مع باقي الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي قبل اتخاذ القرار النهائي، مشيرا الى انه «صدم مما حصل في التبت».

الا ان مضيفه رئيس الوزراء البريطاني، أكد ان بلاده لن تقاطع الحفل بسبب قمع السلطات الصينية لتظاهرات في التبت، وقال ان بريطانيا «لا يمكنها ان تقاطع الاحتفال بسبب واجباتها تجاه استضافة الالعاب الاولمبية في العام 2012». وفي المؤتمر الصحافي المشترك، أعلن الرجلان وهما يتوجهان الى بعضهما بأسمائهما الاولى، عن توقيع عدد من الاتفاقيات منها في مجال التكنولوجيا النووية المدنية، والتعاون في المجال العسكري، اضافة الى مشروع مشترك لتمويل التعليم في افريقيا.

وفي المؤتمر الصحافي المشترك في ملعب ارسنال، قال الزعيمان انهما اتفقا على تبسيط سير المشاريع عن طريق جعل الهيئات النووية الفرنسية والبريطانية تعمل بشكل أوثق بشأن الامان والامن النوويين وادارة المخلفات وترخيص المفاعلات. كما اتفقا على زيادة تبادل الفنيين والخبرة النووية التي تستطيع الصناعة النووية الفرنسية المزدهرة تقديم المزيد منها بعد عقود من تراجع القطاع في بريطانيا. وقالا ان الاتفاق قد يوسع في مرحلة ما ليشمل بلدانا أخرى بالاتحاد الاوروبي.

وفي اتفاق آخر، أعلن براون وساركوزي عن مشروع مشترك سيسمح بتأمين التعليم لـ16 مليون طفل أفريقي. وقال ساركوزي: «احد اكبر التحديات في افريقيا، هو أن 33 مليون طفل لا يذهبون الى المدارس. لا توجد مدارس كافية لهم ولا أساتذة ليعلموهم». وفي بيان ختامي مشترك صدر في ختام اللقاء، طالب الرجلان بشفافية اكبر في الاسواق المالية، وذلك عقب ازمة العقارات التي اصابت الولايات المتحدة ووصلت تأثيراتها الى الاسواق الاوروبية ودعيا المصارف الى كشف «حجم خسائرها بسرعة وبشكل كامل». وجاء في البيان: «شددنا على ضرورة الالتزام بشفافية اكبر في الاسواق المالية للعمل بشكل تكشف المصارف بصورة كاملة وبسرعة عن حجم خسائرها لا سيما من اجل ايجاد وسائل التأكد من تقييم الاصول» الموجودة لديها. واضاف «كما شددنا على ضرورة تعزيز ادارة المخاطر وتحسين عمل الاسواق المالية».