السعودية تودّع «مهرجان المسرح» في يومه العالمي

ممثلان سعوديان أثناء مشهد من مسرحية «الرقص مع الطيور» التي حازت جوائز عديدة في مسابقة المهرجان (تصوير: يونس السليمان)
TT

ودعت السعودية مساء أول من أمس (الخميس) مهرجان المسرح، الذي ضجت به العاصمة السعودية الرياض خلال 12 يوما، وضم المهرجان نقاداً وفنانين ومسرحيين من شتى الأقطار العربية، شاركوا بمختلف النشاطات والفعاليات المصاحبة، واختتمت وزارة الثقافة والإعلام فعاليات المهرجان بتسليم الجوائز للفائزين بالمسابقة المسرحية، التي أطلقت في حفل صاخب مساء الخميس، وهو اليوم الذي اعتادت دول العالم على الاحتفال به تحت مسمى «اليوم العالمي للمسرح» ويصادف السابع والعشرين من شهر مارس (آذار) من كل عام. وقرأ المهرجان رسالةً بمناسبة اليوم العالمي للمسرح، وهو تقليد ثقافي وفني دأبت دول العالم على الاحتفال به في هذا اليوم من كل عام، وأعقبت ذلك كلمة ارتجلها أحمد الهذيل مدير عام المهرجان، على خشبة مركز الملك فهد الثقافي في الرياض (مقر فعاليات المهرجان )، أمام جمعٍ من المسؤولين والفنانين والمسرحيين، فيما نثرت النساء الجالسات على مقاعدهن المخصصة في الدور العلوي لمدرجات الرجال، الورود على المسرح، الذي احتضن آخر فعالية في هذا المهرجان.   وأنهت ورشة العمل المسرحية التدريبية، سلسلة العروض المسرحية بعد أداء عشر فرق سعودية من جهات مختلفة 10 مسرحيات على خشبة المركز خلال اسبوعين، تنافست كلها على جوائز مهرجان المسرح السعودي الرابع، التي حشدت لها الإمكانات المادية والمعنوية وزارة الثقافة والإعلام.

ووعد الدكتور عبد العزيز السبيل وكيل وزارة الثقافة والإعلام أثناء كلمة ألقاها أمس، بأن تشارك الفرق المتنافسة في المهرجان بمسرحياتها في الدول العربية الأخرى، لافتاً إلى الأهمية القصوى التي يكتسبها العمل المسرحي في الوقت الراهن.

وجاءت أغلب الجوائز مناصفة بين جمعية الثقافة والفنون بالرياض عن مسرحية «الرقص مع الطيور»، وجمعية الثقافة والفنون بالأحساء عن مسرحية «موت المؤلف»، إذ حصل سامي الجمعان على جائزة أفضل نص مسرحي عن مسرحية «موت المؤلف»، فيما كانت جائزة أفضل إخراج مناصفة بين أحمد الأحمري عن مسرحية «حالة قلق» وشادي عاشور عن مسرحية «الرقص مع الطيور».

وذهبت جائزة أفضل ممثل أول بالمناصفة إلى راشد الورثان عن دوره في «موت المؤلف» وأسامة خالد عن دوره في «الرقص مع الطيور»، في حين حصلت على جائزة أفضل عرض مسرحي جمعية الثقافة والفنون بالأحساء عن مسرحية «موت المؤلف»، أما جائزة أفضل أزياء فحازت عليها مسرحية «الرقص مع الطيور».

وحاز جائزة أفضل أضاءة ظافر بن مرحي عن مسرحية «اللعب على خيوط الموت»، في حين ذهبت جائزة أفضل موسيقى إلى مسرحية «موت المؤلف»، وأعطى المهرجان جائزة أفضل ديكور لـ«الرقص مع الطيور»، وأفضل ممثل واعد لهائل بن عقيل في مسرحية «ربما يأتي الربيع»، في حين حاز جائزة أفضل مخرج واعد لسلطان الغامدي عن مسرحية «اللعب على خيوط الموت».

وكرّمت وزارة الثقافة والإعلام في حفل المهرجان الختامي عدداً كبيراً من المسرحيين والكتاب والممثلين، كما قامت بتكريم جهات الإعلام المساهمة، وحصلت «الشرق الأوسط» على تكريم نظير تغطيتها المستمرة للحراك المسرحي السعودي.

ولقي المهرجان الذي انتهى بتفاؤل كبير، تفاعلاً منقطع النظير تجاوز الإطار المحلي إلى الاهتمام العربي والدولي، عبر مشاركة واسعة من قبل نقاد ومخرجين ومثقفين من كافة الدول العربية، شاركوا في نقد المسرحيات وتحليل العروض والأداء وتشخيص واقع المسرح السعودي والتحديات التي تقف أمامه، كما ضجت قاعة المسرح التي أديت بها العروض على مدى الأيام الماضية بالصّخب والتصفيق، الأمر الذي أعطى المهرجان معنى التظاهرة الحية، فضلاً عن كونه تظاهرة مسرحية عادية.

وبحسب مسرحيين، فالمهرجان أدى رسالة مهمة، في الوقت الذي تعاني فيه الجماهير من مسرح جماهيري يرتبط بالمناسبات، مشيرين إلى أن العروض المختلفة من كافة الفرق المتنافسة شكلت إبهاراً قام به المسرح السعودي، إذ صنعت العروض مزيجاً من الموسيقى الإبداعية التعبيرية والإيقاع الحركي والجسدي. «روح مجنونة قادرة على صنع الإبداع»، بهذا الوصف أفصح المسرحي الأردني غنام الغنام أثناء مداخلة نقدية على إحدى المسرحيات عن إعجابه بالمهرجان وما حواه من العروض، وتفاءل بمستقبل مشرق للمسرح السعودي، قبل أن يغادر إلى عمّان لاستكمال ورشة تدريبية هناك. فيما دارت أحاديث بين حضور عن ضرورة التخفيف من حدة النقد الفني البحت والنظر إلى العروض، التي تتخلل المهرجان، من وجهة نظر عامة بهدف إتاحة الفرصة للمسرح السعودي للنهوض من جديد والاستمرارية والتركيز على تكوين ثقافة مسرحية لدى الجمهور المعتاد على المسرح الجماهيري المرتبط بالمناسبات والأعياد.

واكتسب المهرجان أهمية كبرى، إذ استهل انطلاقته ببدء الورشة التدريبية المسرحية المخصصة للشباب، بدرس عن تقنيات أداء الممثل حضرها عشرات من المبتدئين والمتقدمين، ثم ندوة عن مصير المسرح في عالم الديجيتال، شاركت بها مجموعة من المسرحيين والنقاد، أعقبها في اليوم نفسه عرض لمسرحية «حالة قلق» من جمعية الثقافة والفنون في الطائف، تلته جلسة نقدية للمسرحية ذاتها، ثم توالت الدروس المكثفة للورشة التدريبية والندوات والعروض المسرحية.