دارة الملك عبد العزيز.. خزينة التاريخ

TT

ساهمت دارة الملك عبد العزيز، التي أنشئت عام 1972، في خدمة تاريخ وجغرافية وآداب وتراث السعودية والبلاد العربية والإسلامية، وتضمنت أهداف الدارة التي تمثل هيئة علمية مستقلة ويدير شؤونها مجلس إدارة يرأسه الأمير سلمان بن عبد العزيز عدة محاور من أهمها: تحقيق الكتب التي تخدم تاريخ السعودية وجغرافيتها وآدابها وآثارها الفكرية والعمرانية، وطبعها وترجمتها، وكذلك تاريخ وآثار الجزيرة العربية والبلاد العربية والإسلامية بشكل عام، وإعداد بحوث ودراسات ومحاضرات وندوات عن سيرة الملك عبد العزيز خاصة، وعن السعودية وحكامها وأعلامها قديما وحديثا بصفة عامة، كما تضمنت أهدافها المحافظة على مصادر تاريخ المملكة وجمعها، وإنشاء قاعدة تذكارية تضمن كل ما يصوّر حياة الملك عبد العزيز الوثائقية وغيرها، وآثار الدولة السعودية منذ نشأتها، ومنح جائزة سنوي باسم (جائزة الملك عبد العزيز)، وإصدار مجلة ثقافية تخدم أغراض الدارة، إضافة إلى إنشاء مكتبة تضم كل ما يخدم أغراض الدارة، وخدمة الباحثين والباحثات في مجال اختصاصات الدارة.

ويشدد الأمير سلمان بن عبد العزيز، رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز، على أن تأسيس الدارة جاء لتكون مؤسسة علمية وثقافية تُعنى بخدمة تاريخ المملكة العربية السعودية «وفاء بحق المؤسس الملك عبد العزيز، وتقديرا لإنجازه التاريخي في توحيد هذه البلاد، وبناء دولة حديثة أصبحت واحة للاستقرار والأمن والتنمية».

ورأى الأمير سلمان أن الدارة منذ إنشائها قبل 36 عاما، سعت وبدعم من القيادة السعودية إلى تبني العديد من البرامج والأنشطة التي تستهدف جمع المصادر التاريخية داخل السعودية وخارجها، ذلك انطلاقا من قناعتنا بأهمية اتصال التاريخ، وتواصل الأجيال، بما يتيح للأجيال الناشئة الاطلاع على تاريخ بلادهم، وكفاح آبائهم، استنهاضا لعزائم هذه الأجيال لتواصل أمانة المسيرة على هدى وبصيرة، فالأمة التي تجهل تاريخها وتراثها ورموزها، وتنفصل عن جذورها، لن يكون لها حاضر ولا مستقبل مزدهر.

وأكد رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز، في كلمته التي تصدرت الكتاب التعريفي بالدارة، على أن النجاح الذي حققته الدارة في السنوات الماضية، وكذا تواصل رسالتها، ما كان له أن يتم من دون توفيق الله عز وجل أولا، ثم رعاية واهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين، كذلك تفاعل وتعاون الأمراء والمواطنين والمؤسسات العلمية المحلية والدولية وأساتذة الجامعات والباحثين والباحثات مع أهدافها، هذا التفاعل الذي نتطلع إلى استمراره وتعزيزه في المرحلة المقبلة. وتعد دارة الملك عبد العزيز أحد أهم عناصر مركز الملك عبد العزيز التاريخي والحضاري الذي أقيم في قلب العاصمة السعودية الرياض، وعلى وجه التحديد في منطقة المربع التاريخية، ويضم إلى جانب الدارة، قصر المربع، المتحف الوطني، فرع مكتبة الملك عبد العزيز العامة، قاعة المحاضرات، والآثار والمتاحف. ويقع مبنى الدارة في الجانب الغربي لمركز الملك عبد العزيز التاريخي، وأقيم على مساحة سبعة آلاف متر مربع، وتبلغ مساحة مبانيها اثني عشر ألف متر مربع، وتم تصميم المبنى بحيث يحتفظ باللمسات المعمارية لقصر المربع، كما تمت إعادة استخدام بعض العناصر المعمارية من القصر القديم كعناصر زخرفية في واجهات المبنى الجديد وأرضياته.

ويضم مبنى الدارة، المكاتب الإدارية، قاعة الملك عبد العزيز التذكارية، مكتبة الدارة، إضافة إلى قسم الباحثات، مركز الوثائق والمعلومات، مركز التاريخ الشفوي، مركز نظم المعلومات الجغرافية، مركز الحاسب الآلي، أرشيف الصور والأفلام التاريخية، إدارة البحوث والنشر، وإدارة مجلة الدارة.

وتشترك الدارة في عضوية عدد من الهيئات العلمية المماثلة في اختصاصها واهتمامها ومنها: جمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومقره في الدارة، المجلس الدولي للوثائق والفرع العربي الإقليمي، اتحاد المؤرخين العرب، الأمانة العامة لمركز الوثائق والدراسات في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، جمعية التاريخ الشفوي الأميركية، جمعية التاريخ الشفوي البريطانية، وجمعية دراسات الشرق الأوسط بالولايات المتحدة الأميركية وأميركا الشمالية.

ونظمت الدارة العديد من المعارض التي تستهدف التعريف بمصادر التاريخ وبكيفية المحافظة عليها، وبأهمية الوثائق والمخطوطات، كما تبنت ندوات ومؤتمرات غاية في الأهمية، وأنجزت مشاريع كبرى منها مشروع حفظ المصادر التاريخية الوطنية، مشروع موسوعة الاعلام، مشروع موسوعة أحداث السعودية في مائة عام، بالإضافة إلى رصد الأحداث المحلية وتوثيق الأنظمة والقرارات الرسمية من خلال مشروع الكشاف التحليلي لجريدة «أم القرى» خلال فترات زمنية ذات شأن في تاريخ البلاد. وتملك الدارة مجموعة من الوثائق التاريخية من مصادر مختلفة وآلافا من الكتب والمؤلفات ونوادر من المخطوطات القيمة التي ورثها الملك المؤسس التي تحمل الدارة اسمه.

وتحمل الدارة اسما لكلمة عربية صحيحة الاستعمال، من معانيها اللغوية «أنها كل أرض واسعة بين جبال»، وأيضا «ما أحاط بالشيء كالدائرة»، وهي تجمع على «دارات»، ودارات العرب معروفة قديما فقد تغنوا بها شعرا، وأفاضوا في وصفها بأجمل الأوصاف، لكونها أراضي سهلة تنبت الطيب من الأزهار، والنافع من الأشجار، والبائع من الثمار.