«الشرق الاوسط» تشهد عملية أمنية استهدفت شارعا «عربيا» في لندن

على بعد أمتار من مسجد أبو حمزة المصري .. * قائد العملية: الجالية المغاربية كانت متعاونة .. وصادرنا 350 جهازا إلكترونيا مسروقا و47 جواز سفر ورخصة قيادة مزورة * جمع المعلومات استغرق 12 شهرا قبل تنفيذ العملية «ميستا»

شارع بلاك ستوك شمال لندن الذي تعرض للمداهمة
TT

السرية الشديدة كانت طابع العملية «ميستا» التي قامت بها شرطة اسكوتلنديارد واستهدفت شارعا عربيا في لندن، فلم يعرف احد من الصحافيين او الاعلاميين الذين رافقوا 600 ضابط شرطة من اسكوتلنديارد بوجهة اكثر من ثمانين سيارة شرطة، مقسمة على فريقين دارت في انحاء العاصمة لندن باصوات مرتفعة وجلبة غير عادية ليفسح المرور الطريق لها قبل ان تتجه الى شارع بلاك ستوك المزدحم بالمحلات والمطاعم العربية شمال لندن.

وفي منتصف الطريق كان بوب درر كبير مفتشي الشرطة مأمور حي ايزلنجتون يقدم عرضا مختصرا عن العملية، بعد ان طلب من الجميع اغلاق الهواتف الجوالة حتى نهاية العملية، وعندما ذكر اسم الشارع «بلاك ستوك رود» سألته بعفوية شديدة اليس هذا هو نفس الشارع الذي يوجد فيه المسجد الذي كان يشرف عليه الاصولي المصري ابو حمزة قبل اعتقاله وادانته، فاجاب: «نعم انه نفس الشارع، ولكن ابو حمزة في السجن، والذين يشرفون على المسجد اليوم اناس مختلفون انهم اكثر اعتدالا، وعلاقاتنا بهم طيبة للغاية». وعندما تجمعت السيارات في حديقة فنسبري بارك القريبة من المسجد في انتظار الاوامر، كانت طائرة هليكوبتر تحلق فوق المنطقة، وعلى اتصال بقادة العملية الامنية «ميستا» على الارض، واعطى الكوماندر بوب درر العرض الاخير للصحافيين، قبل انطلاق اكثر من 600 من رجال الشرطة بدروعهم وكلابهم في اتجاه شارع بلاك ستوك رود، الذي يعتبر اشبه بقرية لندن العربية، لكثرة المقاهي والمطاعم والمتاجر العربية التي تلبي حاجة ابناء الجالية ذات الاصول الجزائرية والمغربية». وقال درر: «ان عملية اليوم يشارك فيها اكثر من 600 من ضباط شرطة اسكوتلنديارد والهجرة وشرطة المواصلات، وذلك بعد مداهمة 19 منزلا في الساعة السادسة صباحا في ليدز واحياء شمال انجلترا، وعثرت الشرطة على 47 جواز سفر ورخصة قيادة مزورة، اغلبها جوازات بلجيكية وكيلوغرامين من الهيروين واجهزة الكترونية مسروقة، وتم اعتقال 35 مشبوها، بعضهم من اصول عربية، واضاف ان العملية بشقيها هي الاكبر التي تنفذها شرطة اسكوتلنديارد، ويشارك فيها ضباط شرطة من ثلاث دوائر امنية هي هاكني وايزلنجتون وهارنغاي. وبعد انتهاء العملية بحسب مصادر اسكوتلنديارد كان عدد المشبوهين المعتقلين 70 معتقلا. وقال الكوماندر درر ردا على سؤال لـ«الشرق الاوسط» ان المعلومات الامنية الخاصة بالعملية تم جمعها على مدار الـ12 شهرا الماضية، ونفى ان يكون للعملية اي علاقة بالارهاب او بحث عن مشبوهين مرتبطين بالارهاب. واوضح ان الجالية الجزائرية والمغربية الموجودة في الشارع كانت متعاونة، واكثرهم اناس ليسوا لهم علاقة بالجريمة المنظمة، الا انه اكد ان الجالية العربية الموجودة في الشارع كان من الصعب اختراقها على مدار الـ12 شهرا الماضية، لان عصابة الاشرار التي تتاجر في الممنوعات والاجهزة المسروقة والاوراق الثبوتية المزورة وتقوم بعمليات غسيل الاموال يعرفون بعضهم البعض، وبالتالي كان من الصعب اختراقهم». وقبل الانطلاق مع ضباط الشرطة في عملية المداهمات وزعت الشرطة تحذيرات امنية للاعلاميين تمنع تصوير المشبوهين الذين يتم اعتقالهم، لان ذلك ضمن الحريات الاوروبية المشروطة». واطلعت «الشرق الاوسط» على بيانات بالعربية والانجليزية كانت معدة للتوزيع على ابناء الحي توضح اسباب اغلاق الشارع من ثلاث جهات لتنفيذ عدد من المداهمات ضد متاجر ومقاه ومنازل يتوقع العثور فيها على ممنوعات. وقال الكوماندر بوب درر ان ضباط الشرطة يبحثون عن مشبوهين من الجالية معروفين باسمائهم وصورهم وآخرين لا يعرفون سوى اسمائهم فقط. وقال: «لدينا معلومات عن تجارة مخدرات وغسيل اموال ورواج لعملية الاوراق الثبوتية المزورة، نريد ان يعيش ابناء الجالية المغاربية في امان وسلام في تلك المنطقة، وهم انفسهم يريدون التخلص من هؤلاء الاشرار الذين يختبئون بينهم. وبعد صدور امر المداهمة عايشت «الشرق الاوسط» مراحل العملية، والضباط المدربون ينطلقون بسرعة خارقة حاملين الدروع الثقيلة بخفة وسرعة باتجاه الشوارع لمباغتة زواره، ومنعت الدخول اليه من ثلاثة اتجاهات، احدها من امام مسجد فنسبري حيث كان ابو حمزة يخطب صلاة الجمعة لاكثر من عام في الشارع قبل اعتقاله، ومن طرفي الشارع الشمالي والجنوبي، وشاهدت «الشرق الاوسط» زبائن المقاهي والمطاعم وهم يحاولون النجاة بانفسهم من التفتيش العشوائي الذي لاحق الكثير منهم. وفي الشارع التجاري هناك كثير من المحلات والمقاهي والمطاعم ومتاجر الجزارة للحم الحلال التي حملت اسماء عربية صرفة مثل سمسم والبهية وارسنال للكباب، لا ناقة لها ولاجمل فيما حدث، الا انها وجدت بالصدفة في هذا الشارع سيء الحظ، والذي بات مضغة في افواه الاعلاميين منذ ظهور نجم الاصولي المصري ابو حمزة قبل 10 سنوات وحتى اليوم. واثناء العملية «ميستا» بعد ثلاث ساعات من تنفيذها وفي قلب شارع بلاك ستوك رود كنت الاحظ ضباط الشرطة يخرجون من منازل ومقاه وهم يحملون ما وجدوه من الاجهزة المسروقة. واسفرت العملية بحسب القائمين عليها عن مصادرة 350 جهازا الكترونيا مسروقا و120 لاب توب و110 كاميرات و32 اي بود، و47 جواز سفر ورخصة قيادة مزورة. وقال الكوماندر درر ان الهدف من العملية كان تنظيف الشارع من المشبوهين، وبعد ان قارب النهار على المغيب قال لـ«الشرق الاوسط» ان الشرطة ما زالت تبحث عن عدد من المشبوهين لسؤالهم، واوضح ان الهدف من عملية جمع المعلومات والتي استغرقت نحو 12 شهرا، كان تحديد المطلوبين بالاسماء والصور. واوضح ان الشرطة في غضون الايام المقبلة ستزور المنطقة من منزل ومن متجر الى آخر لتوضح لابناء الجالية الهدف من العملية، وان السيئين لن يكون لهم اي تأثير على ابناء الجالية المسالمة بعد التخلص منهم.