جنود ورجال شرطة عراقيون يرفضون مقاتلة «جيش المهدي»

بعضهم يحارب ببزته العسكرية إلى جانب رفاق الأمس

مسلحون من «جيش المهدي» يحرسون عناصر من القوات الحكومية قالوا إنهم أسروهم في البصرة أمس (إ.ب.أ)
TT

شوهد في الأيام الأخيرة مسلحون يرتدون بزات عسكرية كاملة، او على الاقل الجزء السفلي منها، مخصصة لافراد القوات الامنية الحكومية من الجيش والشرطة وهم يحملون السلاح ويقاتلون الى جانب مقاتلي «جيش المهدي» في محافظة البصرة ومناطق اخرى من البلاد، وهو ما يعتبره البعض من المراقبين دليلا واضحا على اختراق هذه الميليشيا لقوات الأمن. ويرتدى عدد من المسلحين ايضا الدرع الواقي ضد الرصاص الخاص بقوات الجيش والشرطة العراقية، كما يحملون اسلحة ومسدسات خاصة بتلك القوات ويتظاهرون بها علنا امام شاشات التلفزيون عند قيامهم بترديد أناشيد وشعارات وهتافات تشيد بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وبـ«جيش المهدي»، وتندد برئيس الحكومة نوري المالكي. كما ان عددا من الجنود من ابناء مدينة الصدر الذين يتمركزون في معسكرات ووحدات عسكرية ومراكز للشرطة في مناطق اخرى في العاصمة بغداد رفضوا مقاتلة أشقائهم او اصدقائهم الذين ينتمون لـ«جيش المهدي» وفضلوا ترك واجباتهم على الاشتراك في معارك ضد ابناء جلدتهم.

وقال حسين المشايخي، 23 عاما، وهو احد جنود اللواء الذي يتمركز في قصر الاعظمية شمال بغداد، «كيف اقاتل اخواني وابناء عمومتي واصدقائي الذين يقاتلون في صفوف جيش الامام المهدي، فقبل ايام واثناء اجازتي الدورية كنت معهم يجمعنا بيت واحد وصلة قرابة، وكنا نتسامر ونحتسي الشاي في احد مقاهي المنطقة». واضاف المشايخي لـ«الشرق الاوسط» اثناء وجوده في احد المطاعم الشعبية في منطقة الكسرة ببغداد، وهو بكامل قيافته العسكرية، وجاء برفقة عدد من الجنود بعضهم من ابناء مدينة الصدر ايضا، لتناول وجبة طعام العشاء في ذلك المطعم، «لا يمكن ان اتصور نفسي احمل السلاح واطلق النار على ابناء منطقتي، ففيهم اشقائي واقربائي واصدقائي، كما اني كنت احد مقاتلي جيش الامام المهدي في وقت سابق وشاركت معهم في قتال القوات الاميركية في اكثر من مناسبة، فهذا شيء لا اتصوره يحدث ولا اتمناه اطلاقا».   وأكد المشايخي انه في حال صدرت الاوامر من قبل قيادة اللواء وارغم على الذهاب بدورية عسكرية لمنطقته، فانه لن يطلق رصاصة واحدة من رشاشته على اي شخص، ويفضل عصيان الاوامر العسكرية على تنفيذ الواجب المكلف به، لدرجة ترك العمل في الجيش والعودة للقتال في صفوف «جيش المهدي».

جندي آخر كان جالسا الى جانب المشايخي ويتناول الطعام بشراهة تبين لاحقا أنه من ابناء نفس المدينة قال: «نذهب للواجب على اعصابنا.. الضباط يعرفون اننا من ابناء مدينة الصدر، الا انهم مكلفون بواجب عسكري وعليهم تنفيذه ومن معهم من الجنود، مما يجعلهم يتحدثون معنا باستمرار ويحثوننا على الدفاع عن انفسنا في حال لو واجهتنا مخاطر من اي جهة كانت، ونحن نلتزم بالاوامر، لكننا ندعو الا يحدث اي مكروه او تصادم مع افراد جيش المهدي اثناء واجبنا الذي يستمر لساعات طوال». واضاف الجندي الذي عرف نفسه باسم سعد عبود وعمره 26 عاما وهو اقل تعصبا من زميله كما تبين من كلامه، «الواجب الوطني يحتم علينا مواجهة اي شخص مسلح تعتبره الحكومة خارجا عن القانون، ونحن مع ذلك، لكن المشكلة تكمن في اننا سنواجه اقرباء واصدقاء وابناء منطقة.. فكيف نستطيع فعل ذلك الا اذا كانت قلوبنا من حجر».

واكد عبود ان جنودا ورجال شرطة يعرفهم من ابناء منطقته تركوا العمل في مراكز الشرطة ونقاط التفتيش، التي كانوا يعملون فيها والمنتشرة في المنطقة والمناطق المجاورة لها، التي تعتبر مناطق نفوذ جيش المهدي، وان بعضهم انخرط بالعمل مع رفاق الامس، وبالتالي اصبحت تلك المراكز ونقاط التفتيش خاضعة لسيطرة عناصر الميليشيا الشيعية. قيادي في جيش المهدي في مدينة الشعلة شمال غرب بغداد اكد لـ«الشرق الاوسط» ان عددا من رجال الشرطة والجيش من رفاقه السابقين في الميليشيا يشاركون معهم الان في المظاهرات التي ينظمونها وحملات العصيان المدني، وهم يحملون اسلحتهم التي اعطتهم اياها الدولة. وقال ابو سجاد وهو شاب في نهاية الثلاثينات من عمره وأب لأربعة أطفال، «هم على استعداد تام للمشاركة الى جانبنا في العمليات العسكرية، لانهم جزء من جيش الامام، وهو جيش عقائدي يأتمر بإمرة السيد القائد مقتدى الصدر».