خدمات ما بعد البيع؟

سـعود الأحمد *

TT

الواقع أن مجتمعات الدول النامية تتعامل مع المستجدات بثقافات اجتهادية .. وبالمستوى المتوفر لدى الأفراد من وعي. ومن ذلك ترتكب الأخطاء التي يدفع فاتورتها الشعوب ويستمرون في ذلك ... إلى أن يرتفع مستوى الوعي العام (مع الوقت) للدرجة التي تحصن عامة الناس من الوقوع في أخطاء ضريبة التجارب الشخصية. فعلى سبيل المثال هناك من يجهل حقه في خدمات وكالات السيارات لما بعد البيع. وأرجو أن يعذرني الوكلاء إذا قلت بأننا من أقل شعوب العالم استهلاكاً لمصاريف ما بعد البيع.. على الرغم من كونها تحسب في ميزانيات السنوات المقبلة لشركات التصنيع شأننا شأن بقية دول العالم. بل وتخصم كمصاريف من قائمة الدخل، وأنه طبقاً لمعايير المحاسبة فإن هذا مبدأ متعارف عليه مهنياً.. فيما يعرف بخصم مقدم لمصاريف ما بعد البيع.. وهذه ربما يخفض كثيراً في صرفها، لكون المستهلك لدينا أول ما يستهلك دفتر الضمان، وبعضهم يقوم بإتلافه في الحال وبمجرد استلامه للسلعة.. وبالتالي يحق للوكلاء الاستفادة من هذا المصروف الذي خصص لهذا الغرض ليضاف لهامش أرباحهم ويستمروا على هذا الحال إلى أن يأتي من يوقفهم عنه. ولأن الشيء بالشيء يذكر .. فقد حصل لي موقف شخصي، أكد لي قناعة كانت موجودة هي أننا كمستهلكين بأمس الحاجة لتنمية الوعي الاستهلاكي. حيث كنت قد اشتريت سيارة أميركية وشحنتها من بلادها إلى الرياض وأثناء مدة الضمان بدأت تتعطل. وبمراجعة الوكيل بالرياض أفادوا أن الوقود السعودي تحتاج معه السيارة إلى إعادة برمجة جهاز الكومبيوتر فيها. وأنهم بحاجة إلى معلومة تطلب من المصنع، وأن الأمر يتطلب إنتظار لمدة اسبوعين لمراسلة المصنع وتوفير بعض القطع وبرمجتها. لكنني أعترضت على طول المدة، وكيف أنني سأبقى بدون سيارة. وأن السيارة ما زالت في فترة الضمان فإن عليهم معالجة الوضع بطريقة اكثر موضوعية. والذي أثار أستغرابي أنهم عرضوا إعطائي سيارة بديلة لاستخدامي الشخصي حتى يتم إصلاح سيارتي!. وبالفعل قامت الوكالة بتسليمي سيارة جديدة (قطعت بالضبط 354 كلم) ... بحيث أقوم باستخدامها إلى أن يتم إصلاح سيارتي ويتم تجريبها ... هذا على الرغم من كوني لم اشتر سيارتي منهم!. الحقيقة أنني كنت في غاية التعجب .. وقلت للأخ المدير الإداري إذا كانت هذه مجاملة فشكراً (لا أريدها) ... المهم أن يتم إصلاح سيارتي على الوجه المطلوب؟ .. لكنه أكد لي أن هذا حق من حقوقي. وأن ما يسمى بـ«بسيارة المجاملة» ... هو عرف دولي وأنهم كوكلاء معتمدون لا يتحملون من تكلفتها شيئاً بل المصنع في البلد المنتج هو الذي وفرها ... وأنها متوفرة لدى جميع وكالات السيارات لهذا الغرض!. بل إن الوكيل المحلي عندما عاود العطل كان يرسل لي سيارة المجاملة محمولة (على سطحة) في المكان التي أكون فيه ويسلمونني سيارة المجاملة، وينقلون سيارتي لإصلاحها بمجرد أن اتصل اليهم، مجاناً وبدون أي تأخير. وسؤالي هنا: كم منا يعرف عن هذه الخدمة ويستفيد منها؟ وهل كل من تعطلت سيارته عطلا فنيا وهي في الضمان يحصل من الوكيل على صيانة مجانية ويمنح سيارة مناسبة يستخدمها مجاناً حتى يتم إصلاح سيارته؟ وهل الوكلاء كلهم يوفرون هذه الخدمة؟ وهل يعاملون الناس سواسية وفي كل الأحوال .. ودون مطالبات ومجادلات واتصال بمسؤولين .. والأمر حقاً نظامي متعارف عليه يطبق على الجميع باعتباره حق من حقوقهم؟ ... لأن الحقيقة التي ينبغي الإفصاح بها، أن كل من سمع بتجربتي ذكر تجارب أخرى مغايرة!. وفي الختام ... ولأن هناك بعض المصانع بدأت تعلن عن أخطاء صناعة، أرى تكثيف الحملات لأمور التوعوية، خدمة لمختلف شرائح المجتمع الخليجي.

* كاتب ومحلل مالي [email protected]